عين العاهل المغربي الملك محمد السادس في 10 أكتوبر الماضي، عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيل حكومة جديدة عقب تصدر حزب العدالة والتنمية الإنتخابات البرلمانية التي جرت في 7 أكتوبر 2017 . غير أن المفاوضات الماراطونية التي دامت زهاء أكثر من 5 اشهر على تعيين الأخير، لم يفلح هذا الأخير في تشكيل الحكومة في وقت كان فيه العاهل المغربي خارج البلاد . لكنه بتاريخ 15 مارس 2017 تم إعفاءعبد الإله بنكيران وتعيين سعدالدين العثماني خلفا له.هذا الوضع خيم على الحياة السياسية حيث اعتبره البعض من الفقه مسألة ضرورية في كل الديموقراطيات الناشئة في حين اعتبره البعض ضريبة تلقاها المصوتون على دستور 2011، والذين اعتبروه بداية أنه دستور ممنوح يفتح الباب لعدة تأويلات. أولا- أزمة قانونية وواقعية وتغييب المصلحة العليا للبلاد : أمام هذا الوضع بالذات طفت على الوجود أزمة تشكيل الحكومة، أعلن خلالها عبد الإله بنكيران في 8 يناير الماضي وفق مشاوراته لتشكيل الحكومة مع التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية بسبب اشتراطهما ضم حزبي الإتحاد الدستوري والإتحاد الإشتراكي إلى أحزاب التحالف الحكومي علما أن رئيس الحكومة المعين دافع عن إبقاء التحالف الحكومي السابق والمتكون من أربعة أحزاب الحركة الشعبية التقدم والإشتراكية والتجمع الوطني للأحرار إضافة إلى العدالة والتنمية . وإن كان لموقف التجمع الوطني للأحرار ما يبرره إعتبارا أنلحزب الأخير شكل إلى جانب الإتحاد الدستوري فريقا لمجلس النواب، كما أنه حسم الخلاف حول رئاسة مجلس النواب للإتحاد الإشتراكي مما يستدعي معه دخول الإتحاد الإشتراكي ضمنيا أو من نافذة الحكومة. إذن تتوقف المفاوضات في تشكيل الحكومة اعتمادا على الشروط التي فرضتها الأحزاب كما أن التأويلات التي أعطيت للفصل 47 عمقت الأزمة على المستوى القانوني. فهو لم يحدد الآجال المقيدة لرئيس الحكومة في تشكيل حكومته، إضافة إلى عبارة ‘'وعلى أساس نتائجها ‘' تحتمل أكثر من قراءة . ثانيا– إعفاء وتعيين والسيناريوهات المحتملة بعد التعيين : بالرغم من أن عبد الإله بنكيران إستأنف مشاوراته يوم الإثنين 13 فبراير بلقائه أخنوش والعنصر إلا أن تشبت كل بشروطه وعدم الرغبة في التنازل أبقيا الأزمة مستمرة. ولقد عول عبد الإله بنكيران كثيرا على عودة الملك إلى البلاد طمعا في لقائه وكشفه أمامه إلى ما إنتهت إليه مشاوراته بخصوص تشكيل الحكومة . إلا أن عودة الملك لم تمهل عبد الإله بنكيران كثيرا إذ تم إعفائه من منصبه وتم تكليف سعد الدين العثماني الرجل الثاني في حزب العدالة والتنمية ورئيس المجلس الوطني للحزب بتشكيل الحكومة وأمهله 15 يوما وحمل بلاغ الديوان الملكي مسؤولية أزمة تشكيل الحكومة إلى عبد الإله بنكيران نفسه كما جاء في البلاغ . وتعيين سعد الدين العثماني من الحزب يطرح عدة أسئلة هل سيحافظ على نهج بنكيران أم أنه سيغلب المصلحة العليا للبلاد من خلال تدبيره للشأن الحكومي. هذا الوضع سيكون له تأثير أو أنه سيفتح الباب على عدة احتمالات نميز فيها احتمالين أساسيين : 1- الإحتمال الأول في علاقة رئيس الحكومة المعين مع الحزب . 2- الإحتمال الثاني مرتبط بعلاقة الرئيس المعين والحزب مع باقي الأحزاب. بخصوص النقطة الأولى تؤدي مشاورات رئيس الحكومة إلى فشله مع الحفاظ على نهج سلطة عبد الإله بنكيران. والعكس صحيح أن ينجح في تشكيل الحكومة ويتنازل عن الشروظ التي دافع عنها بنكيران . بخصوص النقطة الثانية قد تؤدي المشاورات إلى توافق أو الفشل . من كل ما سبق ينتصب سؤالين عريضين هما : o إلى أي حد يؤدي تشكيل الحكومة وفق تنازلات لسعد الدين العثماني إلى تصدع وحدة حزب العدالة والتنمية . o السؤال الثاني ماذا عن عدم منح الثقة لحكومة سعد الدين العثماني غداة تقديمه للبرنامج الحكومي. أولا - مدى إمكانية تصدع وحدة حزب العدالة والتنمية ؟ الاجابة تقودنا الى طرح ثلاث سيناريوهات : سيناريو 1 : في حالة إسقاط حكومة سعد الدين العثماني. سيناريو2 : في حالة عدم حصول بعض الشخصيات النافذة في الحزب على الإستوزار. سيناريو3 : في حالة دخول الحكومة والقبول بدخول أحزاب ليس عليها توافقات . ثانيا –ماذا عن عدم منح الثقة لحكومة سعدالدين العثماني غداة تقديمه للبرنامج الحكومي ؟ هناك ثلاث سيناريوهات وهي : سيناريو1 : عودة حزب العدالة والتنمية للمعارضة وتعيين شخصية أخرى من خارج الحزب. سيناريو2 :اختيار شخصية من داخل الاحزاب المكونة للحكومة. سيناريو3 : إختيار شخصية ثالثة من نفس الحزب . نستنتج أن الشروظ التي أتاحت الفرصة للإسلاميين للوصول الى سدة الحكم لم تعد قائمة حتى الآن، فقد رحلت برحيل ما يسمى بالربيع العربي وكذلك أن التوجهات العالمية لم تعد تسمح ببقاء الاسلاميين ممسكين لزمام السلطة في العالم العربي خصوصا في غربه ليبيا مصر تونس..وأخيرا المغرب، التوجه الحالي هو توجه إقتصادي من أجل مواجهة العولمة الإقتصادية ولعل هذا كان حاضرا عند تعيين الحكومة الجديدة على الرغم من ترؤسها من لدن سعد الدين العثماني فهو يختلف في كثير من الأمور عن سلفه عبد الاله بنكيران. وبذلك يكون النظام قد حد من شعبية حزب العدالة والتنمية الذي اكتسح كل الاستحقاقات السابقة وفشلت كل الجهود سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة في تمكينه من مقاعد محدودة قد يكون مصير حزب العدالة والتنمية مستقبلا كمصير حزب الإتحاد الإشتراكي سابقا الذي لعب دورا هاما في خروج المغرب من عمق الزجاجة )الأزمة القلبية كناية عن الوضع الذي عرفه المغرب قبل تعيين حكومة عبدالرحمان اليوسفي(، ولكنه بقي بعد ذلك يقبع في مؤخرة نتائج الإستحقاقات التشريعية والمحلية . أمام ذلك فعلى حزب العدالة والتنمية أقصد هنا أعضائه أن يفهموا اللعبة جيدا وأن يوحدوا صفوفهم لأن ذلك من تمام النضال. مصطفى الهايج باحث في سلك الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال الرباط