أكدت مجلة “ذي تايمز” البريطانية، أن العلماء كشفوا عن بعض أسرار تجارب الاقتراب من الموت، بعد تطوير قاعدة بيانات تضم قصص 400 شخص من الذين خضعوا لهذه الظاهرة. وقال ستيفن لوريز، أستاذ علم الأعصاب في جامعة لييج في بلجيكا، الذي أشرف على البحث: “في جميع أنحاء العالم، تظهر هذه القصص حول تجربة الاقتراب من الموت، وهذا يعني أنه بإمكاننا انتقاء العوامل المتشابهة، ومحاولة العمل على تفسير السبب”. وأشارت المجلة، إلى أن فيلمه الوثائقي، “العودة من الموت”، من المقرر أن يتم بثه على قناة ناشيونال جيوغرافيك يوم الثلاثاء. كما ذكر أن فريق لوريز وجد أن تجارب الاقتراب من الموت حدثت للناس من جميع الثقافات ولها سمات متشابهة جدًا، بحيث من المحتمل أن يكونوا حالة عصبية حقيقية بدلًا من نتيجة ثقافية. ومع ذلك، هناك اختلافات دقيقة بين الثقافات، فعلى سبيل المثال، فإن تجارب الاقتراب من الموت عند المسيحيين، غالبا ما تنطوي على السير في نفق نحو الضوء، في حين أن الهندوس غالبًا ما يرون أنفسهم كما لو كانوا يسبحون في النهر، أما المسلمون فيشعرون أنهم يقتربون من باب إلى عالم أفضل. وقد وجدت الدراسة أن حوالي 90% من الناس وجدوا أن التجربة مطمئنة ورافعة للمعنويات، لكن لسبب غير معروف حتى الآن وجد نحو نصف الروس التجربة قمعية ومخيفة. وكان من بين هؤلاء الذين قدموا حسابًا مكتوبًا، وأجابوا على استبيان البحث، امرأة دخلت في غيبوبة بعدما مرضت أثناء الحمل. وقالت: “كان الأمر مثل السباحة في السماء الزرقاء، وفجأة رأيت رجلًا كنت على علاقة غرامية به لبضع سنوات قبل زواجي”. وأضافت: “هذا الرجل مات في حادث تحطم طائرة، لكني كنت أراه سليمًا جسديًا، وكانت السماء الزرقاء صافية وشعاع ضوء يحيط بنا”. في حين تحدث معظم هذه التجارب لدى الناس المصابين بأمراض خطيرة، بما في ذلك نحو 18% من المرضى الذين يعانون من الأزمات القلبية، إلا أنها ليست حكرًا على أولئك المرضى. على سبيل المثال، وجد الباحثون أن متسلقي الجبال خاضوا تجارب الاقتراب من الموت أثناء سقوطهم الطويل، كذلك الذين مروا بحوادث سيارات عنيفة. وقال لوريز: “غالبًا ما يمر المتسلقون بتجارب الاقتراب من الموت، عندما يواجهون مواقف تهدد الحياة، كما روى الطيارون أنهم شعروا في بعض الأحيان كما لو كانوا خارج طائراتهم”. أمدت هذه النتائج فريق البحث بأدلة حول خبرات الاقتراب من الموت، وتشمل العوامل المشتركة تجارب شديدة مثل الخطر على الحياة والتغيرات المفاجئة في إمدادات الدم، التي تغير مستويات الأكسجين في الدماغ. وقد تعاون لوريز وزملاؤه أيضًا مع الناس الذين علمتهم أنشطتهم كيفية إنتاج تجارب مماثلة، وتشمل غويلوم نيري، وهو غطاس تعلم كتم أنفاسه لمدة سبع دقائق. وأضاف لوريز، الذي تم نشر بحثه في مجلة لعلم الأعصاب: “العلم يحتاج إلى دليل، وتجارب أول شخص يصعب دراستها، لكن بفضل تقنية مسح الدماغ الحديثة وتقنيات أخرى، لم يعد ذلك من المستحيل”. “في كثير من الأحيان، روى نيري رؤيته لعرائس البحر وخيالات أخرى عند عمق 120 مترا، وتم عرضه على الماسح، وأوقف أنفاسه كما لو كان تحت الماء، لكي نقدر على رؤية ما يحدث داخل دماغه عندما يمر بتلك التجارب”. وقد وجد الفريق أن أي شخص يمكن أن يحفز مروره بتجارب الاقتراب من الموت خلال مزيج من اللهاث وتغيرات وضعية سريعة، وقد مر أحد الباحثين التابعين للوريز بذلك، ووصف رؤية ضوء في نهاية النفق. وباستخدام طريقة تسمى التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، والتي تحفز نشاطًا في مناطق مختلفة من الدماغ، استطاع لوريز إثبات أن منطقة تسمى التقاطع الجداري المؤقت يمكن أن تكون المفتاح لتوليد تجارب الاقتراب من الموت. ويعرب لوريز عن أمله في أن يساعد بحثه العلماء على فهم أفضل لأصول الوعي البشري، وكيف تتجاوز التفاعلات الكيميائية الحيوية في الدماغ أنفسها لخلق الوعي، والشعور بالذات والفكر التجريدي. وقال: “لقد تعامل الناس مع الوعي كشيء يشغلونه ويوقفونه، لكنه أكثر تعقيدا من ذلك”. وأضاف: “لكن ما وجدناه يشير إلى أنه حتى الأشخاص الذين بدوا فاقدين للوعي أو في غيبوبة يمكن أن يعيشوا حياة عصبية غنية”.