بكى رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، أكثر من مرة، وذرف الدمع، لدى حضوره الندوة التثقيفية الخامسة والعشرين لإدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة المصرية، بمناسبة "يوم الشهيد"، الخميس. ذلك في وقت مازح فيه مستشاره للشؤون الدينية، أسامة الأزهري، وألقى كلمات متقطعة، قال فيها: "أبناؤكم بيحافظوا على التسعين مليونا عشان لو راحوا هيروح معاهم حتى الدين.. مين هيبقى مشرد، ويفكر في دين؟"، على حد تساؤله. يمازح ويبكي ويهدد وأقيم الحفل بمسرح الجلاء، التابع للقوات المسلحة. وفي البداية، ألقى الأزهري كلمة أوضح فيها فضل الشهادة، ومكانة الشهيد، في الإسلام، ولدى انصرافه من فوق المنصة استوقفه السيسي مازحا: "طيب نصفق لك الأول". ثم قال السيسي: "خلال السنوات الطويلة الماضية، كنت أقول دائما: إن الشهيد هو الذي يرفع راية الحق سبحانه وتعالى، وكنت أتصور أن هذه الراية في مفاهيم 30 أو 40 سنة فاتت؛ معاني معينة، لكن في الحقيقة، في السنوات التي نحن فيها، وضح المعنى الحقيقي لراية الحق". وأضاف: "أقول لكل المصريين، وأهالي الشهداء، هنا وفي بيوتهم: شوفوا حجم الإساءة التي تتم باسم الدين.. ليس في مصر فقط، وإنما في العالم كله، وأنتم تعرفون أن أولادكم أشرف أولاد، وأنهم لا يدافعون عن مصر فقط، ولا عن التسعين مليونا فقط، وإنما وقفوا، وقدموا، وسقطوا.. أولا؛ ليحافظوا على التسعين مليونا؛ لأن التسعين مليونا لو راحوا.. هيروح معاهم حتى الدين". وتابع: "مين هيبقى النهار ده: مشرد، ولا مرمي في معسكر.. هيفكر في دين بقى؟"، وأجاب: "ما حدش، لكن هو كمان بيقول للناس، كل الناس، إن اللي أنتم بتشوفوه ده، واللي إحنا بنتصدى له في مصر، ونتصدى له بوجه واحد"، وقال: "نحن في مصر نتصدى للإرهاب بوجه حقيقي واحد، وليس بلغتين، ولا بوجهين". وتابع السيسي: "أبناء مصر الذين يسقطون.. يسقطون عشان راية الحق.. الإساءة للدين، وليس فقط الإساءة للدين الإسلامي بالمناسبة.. لأن النهارده كتير من الناس محتارة تقول: يا ترى مين الصحيح، ومين اللي على حق؟ دول بيقولوا علشان نرفع راية الإسلام والدين، وبيقتلونا وبيخربوا وبيدمروا، وهؤلاء يتصدون لهم، فالناس احتارت". وأردف: "تصدَّينا هنا في مصر.. الهدف منه حماية وطن وشعب: لا يُروع، ولا يُقتل، ولا يُدمر، ولا يضيع، وكمان عشان نقول للناس إن رايتك يا رب نحن نرفعها.. راية الحق الحقيقية اللي هو البناء والتعمير والإنسانية والخلق والرحمة، مش اللي إحنا بنشوفه". هكذا علق على أحداث لندن ثم علق السيسي على أحداث بريطانيا، الأربعاء، فقال: "نحن ندين، كحماة للحق الحقيقيين، ونتصدى للإرهاب بجد.. ندين بأشد العبارات كل عمل إرهابي خسيس وجبان، ضد أي حد، وفي أي مكان، على وجه الأرض". وأضاف: "من يتصدى ليس الجيش والشرطة، ولكن شعب مصر كله، لأن كل الرموز دي من كل قرية، ومن كل محافظة وأسرة بتقول: أنا قدمت ابني وزوجي لأجلكم". وأردف: "مش تضييع الشهيد بأننا نخلي (يقصد: لا نخلي) بالنا من أولاده وأهله، لكن لازم نخلي بالنا من بلدنا نحميها ونحافظ عليها ونكبرها، هم راحوا عند ربنا عشان يحافظوا عليها، عيب علينا لو ما خلينهاش قدام لفوق.. بالإخلاص بالصبر بالعمل بالأمانة بالشرف بالجد"، حسبما قال. يبكي باسم "الشهيد" وعقب انتهاء مسؤول عسكري آخر من كلمته، وجه السيسي، بحل كل المعوقات التي تواجه أهالي الضحايا وأسرهم من القوات المسلحة، قائلا: "وزير الداخلية بيقول إحنا عاملين، والقوات المسلحة عايزين يزودوا، ويؤسسوا حاجة شبيهة بكده". وأضاف: "نسقوا بين القوات المسلحة والداخلية، لأن هو في الآخر من يسقط هو ابننا شهيد ومصاب، ويجب أن نعمل حاجة متكاملة، ونستفيد من بعض في الموضوع"، موجها الحديث لقيادات الداخلية والقوات المسلحة، قائلا: "جميل إنكم تعملوا ده، وهيبقى عظيم". ثم استطرد باكيا: "ولاد كل شهيد دول ولادي.. وليس أولادي أنا فقط.. ثم توقف عن الكلام، وبكى وسط التصفيق الحاد"، ثم تابع: "دول (هؤلاء) أولاد كل المصريين". يبكي ثانية ثم بكى السيسي مرة ثانية، في خلال كلمة زوجة العقيد الراحل أحمد الدرديري، إذ دخل في نوبة بكاء لدى حديثها عن الجنة، ومرتبة الشهداء في الفردوس الأعلى بجانب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، مشيرة إلى أن أملها أن يختم ابنها عمر القرآن، وأن يكون بطلا كأبيه. ومعربة عن تطلعها للفوز بالجنة، بكى السيسي، وبدا عليه التأثر، ثم قام، بعد انتهائها من كلمتها، بالتحرك لمصافحتها لكنها لم تمد يدها، فاكتفى بالإيماء بيديه، ثم احتضن نجلها الصبي، وربت على رأسه، فيما أدى التحية العسكرية له، وسط التصفيق الحاد. مستشاره يعظ وكان السيسي حاول أن يتمالك نفسه من البكاء، مرة ثالثة، وقد بدا عليه التأثر بمحاضرة مستشاره الديني، أسامة الأزهري، تحت عنوان "نداء الواجب"، التي ذكر فيها فضل ومنزلة الشهداء عند الله، متناولا الفرق بين "أنا" النارية، و"أنا" النورية، وفق تعبيره. مضاعفة موازنة "الشهيد" وخلص السيسي في كلمته، التي كرَّم بعدها عددا من ذوي الضحايا، إلى أهمية التنسيق بين القوات المسلحة والشرطة، في مواجهة الإرهاب، معلنا الاستجابة لكل طلبات أهالي الشهداء والمصابين، ومضاعفة موازنة الشهيد، وضرورة تكثيف دور الجمعية مع المجتمع المدني، وعمل ندوات تثقيفية بالمدارس والجامعات لتكريم أهالي الشهداء، وتوضيح التضحية التى بذلها الشهداء والمصابون، بحسب تعبيره. وحضر الندوة وزير الدفاع، صدقي صبحي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، صهر السيسي، الفريق محمود حجازي، ووزيرا الداخلية، والأوقاف، وقادة الأفرع الرئيسية، وكبار قادة القوات المسلحة والشرطة، وبعض القادة القدامى بالقوات المسلحة، وعدد من رؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة والكتاب والصحفيين والإعلاميين وشباب الجامعات وطلبة الكليات العسكرية. ويُذكر أن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة، العقيد تامر الرفاعي، قال، في بيان رسمي له، الخميس، إن عمليات المداهمة مع العناصر التكفيرية في سيناء، أسفرت عن مقتل 15 تكفيريا والقبض على سبعة آخرين، بجانب استشهاد ثلاثة ضباط وسبعة أفراد من أبطال القوات المسلحة، وفق وصفه. المصدر: عربي 21