يحكي الاسير المحرر، "عبد الحكيم حنيني" ابن كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس ،أن اقصى ما كان يؤرق جلاديه اثناء حصص التعذيب والتحقيق هو "أين تدربت كتيبة الشهداء"؟ عبد الحكيم حنيني كان احد مؤسسي الكتائب ،وكان عضوا بارزا في كتيبة الشهداء رفقة الثعلب "يحيا عياش "و"الزئبق" عماد عقل ، قتل من قتل واعتقل أخرين بعدما توصل اليهم العدو ، فيما بقيت معسكرات تدريب الكتيبة نقطة مظلمة في ارض يضيئها بريق عيون الشباك وسماء يملؤها هدير طائرات الاستطلاع . كان كلما أجاب جلاديه بأنهم لم يتدربوا قط ،الا وتلقى تعنيفا اقصى وسؤال لعل جوابه يشفي غليلهم : اذا كنت صادقا في قولك ،كيف تتمكنون من قتل جنودنا وانتم غير مدربون ! "أننا نقتلهم من مسافة الصفر ،والقتل هكذا ليس بحاجة الى تدريب "، هكذا حاول ابن الكتائب اقناع العدو حتى يتأجل التعذيب ولو الى حين ! "القتل من نقطة الصفر "،مصطلح او تعبير رافق كل خرجات ابو عبيدة طيلة ايام معركة العصف الماكول ،كان الملثم كلما ظهر الا وهو يتحدث عن عدد قتلى العدو من مسافة الصفر ومعها تفاصيل "العمليات النوعية " والانزال خلف خطوط العدو . الكثيرون يعتقدون ان سنة 2014 بمثابة ميلاد لهذه المصطلحات "الشبه عسكرية" ،لكن الواقع يثبت عكس ذلك ، فشهادة عبد الحكيم حنيني تتحدث عن منتصف تسعينات القرن الماضي ،حينها كان "عماد عقل " يتسلح برشاشه M16 ويقتحم الحواجز والجيبات العسكرية ، يقتل ويجرح ويأسر قبل أن يتبخر،كل هذا من "نقطة الصفر" ! بالعودة الى سجل العمليات التي نفذتها الكتائب خلال معركة العصف الماكول ،سواء من خلال الانفاق (الانزال خلف خطوط العدو )،أو الكمائن والتسلل ،نجد أن لكل هذه العمليات نقطة مشتركة التي هي "نقطة الصفر "،عملية "زكيم" و "نحال عوز" و "الشجاعية " و"بيت حانون" و"رفح" ،مهما اختلفت البدايات فالنهاية هي المواجهة وجها لوجه . ان اعتماد كتائب القسام على "استراتيجية الصفر" في المواجهة مع العدو ليس وليد اليوم ،فما يضر استشهادي ودع اهله وسجل وصيته وتبايع مع الموت في أن يضع عينه في عين العدو قبل أن يضغط على الزناد اما قاتلا أو قتيلا ! يقول الجنرال الاردني المتقاعد مراد الجديد :"ان القتال على مسافة الصفر هي الغاء لكل الخطوط العسكرية للاخر ، من دبابات وطيران حربي ...، تبقى الشجاعة والعزيمة هي الفيصل حينها ...". يمكن القول ،القتال على مسافة الصفر هي تبييت نية الاستشهاد والمناورة من أجل العودة الى الحياة !