ساعي البريد، أو "مرسال المراسيل" كما غنت فيروز صاحبة الصوت الملائكي، علي عباز الذي استهواه جمع الكتب والوثائق والمخطوطات القديمة فحول بيته الى محراب ترقص بين ثناياه ألحان تاريخ منطقة الجنوب الشرقي وثقافته. ابن واحة فركلى بتنجداد التي تبعد عن مدينة الرشيدية بنحو 70 كلم الزاخرة بتراثها الثقافي والأدبي والحضاري الذي لم يكشف منه الا النزر القليل ، كرس نفسه لخدمة الهوية والذاكرة المحلية بالبحث عن كنوز حسبها البعض غير ذات قيمة. واحد من عشاق التاريخ ممن يجيدون الغوص في أعماقه بحثا عن درر الحقيقة حفاظا عليها من الضياع..يرتحل بحثا عن كتب وصور ومخطوطات وطوابع بريدية وطنية على مختلف الاشكال والانواع تزيد عن 600 طابع منذ الاصدارات الاولى وحتى الوقت الراهن وثøقت ما جمعه من ارث لأبناء المنطقة ولكل من يبحث في حقائق التاريخ. وتعكس مجموعته من الطوابع البريدية، التي رتبها وفق سنوات الاصدار ذاكرة التاريخ الوطني كما تعد شاهدا على تطور المغرب من خلال تأريخها للأحداث البارزة بمواضيع مختلفة تتعلق بالثقافة والاقتصاد والبيئة والرياضة والتعليم وحقوق الإنسان. ويوثق ساعي البريد ، الذي تعددت مواهبه من الفنون التشكيلية الى الخبرة المحاسباتية، ذاكرة الطوابع البريدية الوطنية التي تخلد للذكريات والايام الوطنية بعضها لجلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني وجلالة الملك محمد السادس في فترات تاريخية معينة. منزل علي عباز يحتشد بعشرات كتب المقاومة والذاكرة الوطنية والكتب التراثية والتاريخية والروايات الى جانب كتب علم الاجتماع والمجلات والجرائد التي لم يعد لها أثر. التراث بمنطقة الجنوب الشرقي، وخصوصا بالرشيدية وما رافقه من قلة الابحاث والدراسات حولها لم تعط للمنطقة ما تستحقه من عناية حثه على البحث والتعمق في اشراقات الماضي ودفعه إلى الانكباب على كتب التاريخ والتراث الخاصة بالمنطقة والتي ملأت مكتبته الخاصة باللغتين العربية والفرنسية، الأمر الذي فتح أمامه فرصة الاطلاع على الكتب المتوفرة في مكتبة عمرها الان يقارب الاربعة عقود. عشقه للحفر في التاريخ والعادات والتقاليد الشعبية وشغفه بالقراءة واقتناؤه للكتب التي بحثت في شتى العلوم، كما يقول علي عباز في بوح لوكالة المغرب العربي للانباء، بدأ منذ نعومة أظفاره ليرافقه خلال سنوات خدمته في سلك البريد وما تلاها من سنوات. "الهواية تأتي نتيجة للثقافة" ، يؤكد علي عباز الذي يكشف أنه حمل هم التوثيق والجمع ويرى أن الاهتمام باقتناء التحف والكتب الموثقة لتاريخ مضى يبقى شيئا متواضعا، بالنظر الى ما تكتنزه المنطقة من تراث عريق. فمعرفته بتفاصيل المنطقة طوال سنوات دراسته الابتدائية والاعدادية أطلقت هوايته في جمع التحف والمخطوطات والوثائق والصور التاريخية خاصة لجلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني اثناء زيارتهما لمنطقة تافيلالت .