التاريخ ليس هو الحوادث ,. إنما هو تفسير للحوادث بمعنى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع شتاتها, وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات , متفاعلة الجزئيات , ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان.... ولكي يفهم الانسان الحادثة ويفسرأبعادها ويربطها بما قبلها وما تلاها, ينبغي أن يكون مستعدا لفهم مقومات النفس البشرية,الروحية والفكرية والحيوية, والمعنوية والمادية , وأن يصقل روحه وفكره وحسه بوقع الحادثة, وألا يعارض شيئا من استجاباته لها إلا بعد تمحيصها والنقد فيها........ هذه مقدمة لا بد لك من إدراكها صديقي السياسي, لتكتشف ما تتناوله عقليتك من نقص طبيعي في الإدراك, ونقص طبيعي في الفهم, ونقص طبيعي في التفسير والتصوير. خلال الحملة الإنتخابية السابقة , كنت صديقك الحميم كما تدعي , كنت مستشارك وخليلك , في السفر والتعريس الفكري , في حالة السكر والصحوة , في البلبلات والمداهمات الشيطانية , كنت صديقك كما تريد ومتى تريد , وكنت تدرك تماما أنني لم أكن أعلم مصير صداقتك لي , فكنت ذائما تبرر ذلك لي بالمتمنيات والوعود , لدرجة خلت فيها نفسي أخا لك أرثك وثرتني ......... ولما استفقت من ثمالة الحلم وجدت نفسي ملقا على الرصيف, وأنت تمر من جانبي بسيارتك الفخمة, في ليلة شتوية , لتدوسني بعجلاتك في بركة مائية , فتمسح الغشاوة عن عيني بعد ذلك , فتفقهني ,وتصحصحني وتجعلني أقف اتجاهك وقفة هذا الزمان,لأنك احتكرت وأمثالك هذا الزمان فصارهو زمانكم والعيد عيدكم والمجد مجدكم , فاستوليت على كل تخطيطاتي و كتاباتي لكي ترتقي.... فلا تسبح يا صديقي السياسي ضد هذا التيار فهناك من سبقوك إليه, ولا تغويك الأفكار المفبركة عن الصورة الشكلية لمظهر الكراسي , فإن فعلت فستدق باب الهزيمة , لتدرك في أخير المطاف أنها فقط أضغاط أحلام ...... فهيا لنأخد فنجان شاي لتقرأ صفحة الأخبار, لترى بعينك أحدهم متورط في سرقة المال العام , لكي لا تسقط في مثل هذه النهايات التي أصبحت تكثر كما يكثر التهافت على المناصب السياسية . يا صديقي السياسي إلى هنا سأكتفي الحديث عن وعودك لي,لأبلغك أن سياستك قد تقادمت كتقادم سياسة إبليس ,فقد فاحت رائحتك , التي أزكمت الأنوف. وخير ما سأقوله اليوم سيكون حكمة لجيل الغد: حذاري من الشعارات الوهمية والوعود الكادبة باحت اجتماعي و صحفي . [email protected]