يتكون عالم مخرج السينما الشهير وودي آلن من نكات، قلق وجودي، تحليل ذاتي، أفكار قاتمة، غياب الأمل، ومن حس الفكاهة، وكل ذلك يظهر في الحوار الذي أجرته معه جريدة الباييس الإسبانية في أحد فنادق باريس. ينتظر آلن عرض فيلمه الجديد "سحر على ضوء القمر" في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) القادم، وينتظر كذلك بلوغ سن الثمانين، ويعترف بأنه يحلم بعناكب، وأن فيلمه المفضل هو "لص الدراجات"، فيما يتحدث ببطء وتجلٍ وتشاؤم، وخلف كل كلماته تظهر ابتسامة طفل شقي. من خلال الساحر ستانلي كراوفورد بطل فيلمك الجديد تصف رجلاً يريد أن يهرب من الواقع ليعانق السحر، هل أنت نفسك هكذا؟ نعم، لكن لا نستطيع، كلانا يتمنى أن يمتلك العالم شيئاً سحرياً، لكن لسوء الحظ يبدو أن ما نراه هو ما يوجد. هكذا أنت منطقي مثل الشخصية؟ كليةً. وماذا يعني هذا في حياتك؟ يعني أن أغلب الوقت تقضيه مكتئباً، بدلاً من أن تكون سعيداً، ظروف الإنسان مثيرة للحزن، أن يتحتم عليه المرور بذلك. إلى ماذا تشير؟ نحن نعيش في عالم بلا معنى، بلا هدف، نحن وكل الأسئلة الهامة ستموت، بالنسبة لي، لم أهتم أبداً بمن هو رئيس الولاياتالمتحدة، هذه الأشياء تروح وتأتي، الأسئلة الكبيرة تبقى معنا وليس لها جواب، لماذا نحن هنا؟ ماذا نفعل هنا؟ من أين يأتي كل ذلك؟ ما أهمية الشيخوخة؟ لماذا نموت؟ ماذا تعني الحياة؟ وإن لم يكن لها معنى، فما فائدتها؟ هذه هي الأسئلة التي تصيبنا بالجنون، ولا جواب لها، وليس بيد الواحد منا سوى أن يتقدم وينساها. لقد تناولت هذه القضايا كلها على طول أفلامك، لكن مع مرور الوقت، هل تواجهها بشكل مختلف؟ بعض الناس نعم تتغير، لكنني لم أتغير بما يكفي، كنت أتمنى أن أتغير أكثر، ثمة أشخاص تتعدل وجهات نظرهم حسب مرور السنين عليهم، يبدؤون في الإيمان بالله وعندما يبلغون الشيخوخة يكفون عن الإيمان لأن الحياة أحبطتهم، وهناك آخرون يحدث لهم العكس، ببلوغ الشيخوخة يبدؤون في الإيمان بالله لأن تجربتهم أدت بهم إلى نتيجة وجود قوة عليا، وشيء وراء الأشياء. وهذه ليست حالتك؟ لا، أنا لا أؤمن عندي نظرة متشائمة وواقعية للأشياء، مثل كولن فيرث في هذا الفيلم، أعتقد أن ما أراه هو ما يوجد، في لحظة ما من الفيلم، تقول البطلة التي تقوم بدورها إيما ستون شيئاً مثل: "نحتاج إلى الأكاذيب لنعيش". نعم قالها من قبل نيتشه، وقالها فرويد، وقالها يوجين اونيل في إحدى أعماله، نحتاج إلى سراب، فالحياة أفظع من أن نواجهها ولا نستطيع مواجهة حقيقتها لأنها فظيعة، كل إنسان لديه ميكانيزمات الإنكار ليبقى، فما من طريقة للبقاء سوى الإنكار، إنكار ماذا؟ إنكار الواقع، إنكار تراجيدية الواقع. هل بدا لك الواقع دائماً تراجيدياً؟ نعم، منذ أصبحت قادراً على التفكير، منذ كنت في سن الخامسة كان يبدو لي تراجيدياً بشكل فظيع. لماذا؟ لأنني لم أستطع رؤيته من سن مبكرة، استطعت رؤية لأني ولدت، ولا تعرف لم تولد، أنك تعيش عدداً من السنين، أنك تموت في أي لحظة، في الخامسة أو الخامسة عشر أو الخمسين، أنك لا تشعر أبداً بأنك آمن ومسترخٍ، دائماً يجب ان تكون يقظاً، وحتى مع هذا تموت، أنت محكوم عليك بالموت منذ ميلادك، يحكم عليك بعقوبة الموت في لحظة ولادتك، هكذا ألف شكر، فلمَ كل شيء؟ ما رأيك في أفلامك؟ قرأت أنك نمطي جداً وفي كل مرة تشاهد أحد أفلامك لا يروق لك. نعم، أعتقد أنني صنعت أفلاماً جيدة، ليست عظيمة لكن جيدة. الذين عملوا معك قال عنك إنك خجول ومراهق بعض الشيء ومليء بالفوبيات. صحيح إلى حد ما، لست مليئاً بالفوبيات، لكن عندي بعضها، لا أمر بالأنفاق لأن عندي فوبيا الأماكن المغلقة، وخجول نعم، حاولت أن أحارب هذا دون جدوى، لو لم أكن خجولاً لصارت حياتي أفضل.