أحب حضور المباريات في المقاهي الشعبية، وهذه عادة درجت عليها منذ الصغر، في المقهى تكون قريبا جدا من الناس، وتتفاعل معهم وتحس بما يدور في قلوبهم، وأيضا هناك الكثير من الضحك والنكات والفانتازيا المحلقة في عوالم الخيال، كلمات وأمنيات وحكايات، وصداقات عديدة تنشأ في المقاهي. آخر هذه الفانتازيا حدثت اثناء حضوري لمباراة برشلونة وأتلتيكو مدريد الأخيرة في الليغا، وكان ميسي كالعادة نجما فوق العادة حيث أحرز هاتريك خيالي جعل شباك اتلتيكو مدريد في مهب الرياح. كان يجلس بجانبي شاب صغير اسمه علي –من عشاق ميسي- في أول العشرينات من عمره وقد صرنا أنا وإياه أصدقاء بحكم حضورنا المتواصل في المقهى وحبنا المشترك للعبقري الأرجنتيني. وكنت معتادا على قفشات ونكات خيالات علي المحلقة لكنه هذه المرة صدمني وفاجأني تماما... بعد تسجيل ميسي لهدفه الثالث، وفجأة وبدون أية مقدمات هب علي واقفا صارخا ومقسما: يا جماعة اقسم بالله العظيم إنه ميسي مسلم بس متخفي! ذهلت حقيقة من كلماته وذهل معي من بالمقهى، فتابع علي: لاحظوا كيف يتشهد بعد تسجيله لأي هدف، شوفوا كيف يرفع يديه للسماء شاكرا لله وكأنه يقرأ الفاتحة. هذه حركات مسلمين يا جماعة وإلا أنا غلطان؟! بالفعل كان ميسي يأتي بمثل هذه الحركات، كان يبدو كمن يتشهد وهو يرفع إصبعيه الشاهدين للسماء بعد تسجيله لذلك الهدف، ثم رفع يديه للسماء كمن يقرأ الفاتحة! صرخ شاب آخر من زاوية المقهى مؤيدا لكلام علي: وأنا من زمان بحكي انه ميسي لا يمكن يكون إلا مسلم.. أخلاقه أخلاق واحد مسلم، حدا منكم شاف أو سمع انه ميسي بيسكر أو بيحشش آو بيعرف نسوان غير مرته! صاح اخر- يا زلمه هاي مش مرته هاي خطيبته. فرد ثالث: المهم انه كاتب عليها بالحلال! بعد ذلك توالت التعليقات المؤكدة والمقسمة بأغلظ الأيمان انه ميسي مسلم بس خايف يعلن إسلامه. واحد خيالي أكثر من الجميع أقسم بالطلاق من نسوانه الثلاث انه قرأ في صحيفة أجنبية انه ابو ميسي أصله سوري وهاجر للأرجنتين، وهناك اعتنق المسيحية بس ظل قلبه مسلم وعلم ابنه الإسلام! طبعا لم أتمالك نفسي عن الضحك وحاولت أن أقول لهم انه ميسي وأبوه وامه كمان ارجنتينين ولاد أرجنتينيين وما الهم علاقة لا بسوريا ولا بالإسلام بس كنت كمن يتكلم في بحر! السؤال الحقيقي هو: لماذا نبحث عن الأبطال خارج أوطاننا؟ هل فقدنا الأبطال الحقيقيين لنقوم باستيرادهم؟ السؤال المهم الآخر: ماذا سيعني أن يكون ميسي مسلما أو مسيحيا أو حتى مجوسيا وماذا سيكسب هؤلاء.؟ طبعا لا شيء، إسلام ميسي لن يتغلب على الفقر والجهل والجوع والظلم والفساد الذي يعشعش في أرجاء وطننا العربي من المحيط للخليج! شو يعني لو كان ميسي يهودي؟!!