تقاطعت مداخلات نخبة من نقاد السينما في المغرب عند التأكيد على مركزية حضور هاجس الهوية في مدلولها الفردي والجماعي في أعمال المخرج نبيل عيوش من جهة، والاشتغال القوي بتسليط ضوء الكاميرا على اختلالات واقع اجتماعي يؤمن هذا الفنان بقدرة السينما على التأثير فيه، من جهة أخرى. ورصدت مداخلات المشاركين في هذا اللقاء، الذي نظمته الجمعية المغربية "نقاد السينما" يومي 10 و11 أكتوبر بطنجة بعنوان "نبيل عيوش.. البحث عن تعبير"، امتدادا في أفلام نبيل عيوش للهم الذي يحمله شخصيا كذات "ممزقة" بين ثقافتين عربية وغربية، مسلمة ويهودية وعلمانية. كما سجلت انخراطا قويا لمخرج "يا خيل الله" في مساءلة اختلالات مجتمع "يسير بسرعات متعددة" وإنتاج أفلام تتجاوز البعد الفني الجمالي لتطلق رسائل للتحرك من أجل تجاوز الأعطاب وصنع التغيير الإيجابي على مستوى الذهنيات والممارسات الاجتماعية والعامة. واعتبر الناقد عادل السمار أن أسئلة الذات والهوية من أهم التيمات التي تخترق سينما نبيل عيوش، وأفضل خيط ناظم لمقاربة فيلموغرافيا عيوش، التي وإن كانت تتنوع من حيث النوع والموضوع والأماكن والخلفيات الثقافية والسياسية، الا أن ذلك لا يحجب مركزية سؤال الهوية وقلق المسار الخاص نحو تحقيق الذات. ويبدو هذا الهاجس جليا، حسب السمار، في الاشتغال بقوة على الطفولة، من منطلق أن منسوب تلبية حاجات هذه المرحلة تحدد علاقة الطفل مع العالم ومدى تحقق عامل الثقة بينه وبين المحيط الاجتماعي. وربط الناقد بين شخصيات الأطفال في فيلم "علي زاوا" وشباب سيدي مؤمن الذي أقدم على تنفيذ العمليات الإرهابية في فيلم "يا خيل الله". هو الحرمان كمؤسس للوعي، الذي يعذبه في الفيلمين التفكك العائلي وغياب الأب والعنف والإقصاء. ومن جهته، سلط الجامعي، رشدي المانيرة، الضوء على شواهد الالتزام في أفلام عيوش المطبوعة بالواقعية الاجتماعية والالتزام السياسي، على غرار قضايا أطفال الشارع في "علي زاوا"، مأساة اللاجئ الفلسطيني في "ارضي"، التطرف في "يا خيل الله"، الحوار بين الشرق والغرب في "كل ما تريده لولا". وهو يخوض اختياراته الموضوعاتية، يقول المانيرة إن نبيل لا ينسى أن "يلعب" بالسينما مجربا مختلف الأنواع من الدراما الاجتماعية، الفيلم الموسيقي، البوليسي، الوثائقي. إنها تجربة تطرح وضع السينمائي، الفنان والمثقف، في مجتمع يعيش انتقالات حاسمة وصعبة على أصعدة مختلفة، ذلك أن فيلم نبيل عيوش يشكل في نظر الباحث فيلما- وثيقة، وان كان لا يكتفي بتصور الواقع بل يؤوله. فالواقعية لا تنفي حضور الجماليات الفنية والسردية في أعمال عيوش. وعلى صعيد آخر، تناول الناقد محمد شويكة الأفلام القصيرة الثلاثة لنبيل عيوش معتبرا إياها الأرضية الخصبة لتيمة الهوية في أفلامه الطويلة. ولاحظ شويكة في هذا الباب أن ما يوحد أفلامه القصيرة فضاءات مغلقة وهامشية وزمن متوقف وشخوص تعيش بشكل قدري. ذلك ما تعبر عنه "البحث عن الحجر الأزرق"، "ارتباط هيرتزي" و"بائع الصمت".