يظهر جليا أن مزاعم الحكومة بإصلاح صناديق التقاعد، من خلال عزمها تمرير قوانين تمدد سن التقاعد لما بعد الستين وهو الأمر الذي شُرع فيه بعرضها لمشروع قانونين حول التقاعد على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قصد إبداء الرأي لم ينزل بردا وسلاما على المعنيين بهذه القرارات من موظفين ومأجورين، بل يبدو أن الدخول الإجتماعي المقبل سيكون ساخنا لحد كبير.. وهكذا فالرد على حكومة بن كيران جاء سريعا، حيث عمدت العديد من الإطارات النقابية إلى إصدار بيانات بهذا الشأن، محذرة من المس بما سمته مكتسبات الشغيلة في التقاعد، وفي هذا السياق نجد بيان الكنفدرالية الديموقراطية للشغل والصادر في 13 غشت الجاري منددا "بسعي الحكومة لتمرير أي إجراء ات تمس مكتسبات الشغيلة في التقاعد، ورافضا تحميل الأجراء أكثر من نصف قرن من الاختلالات وسوء تدبير صناديق التقاعد ومعتبرا عرضها على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تحايلا وتهريبا للنقاش الحقيقي الذي يجب أن يكون في مؤسسة الحوار الاجتماعي مع ممثلي الشغيلة وأرباب العمل". أما حسن المرضي الكاتب العام للنقابة الشعبية للمأجورين وعضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد فقد قال في تصريح صحفي لموقع إخباري أن الإجراء ات التي اقترحتها حكومة عبد الإله بن كيران لحل مشكل صناديق التقاعد، والتي تنبني على فكرة الرفع من سن التقاعد والزيادة في المساهمات "هي اقتراحات ترقيعية ولن تحل الأزمة بشكل نهائي". وأضاف حسن أن أزمة الصندوق المغربي للتقاعد تمتد لسنوات، لذلك على الحكومة إن هي أرادت الإصلاح أن تحافظ على التوازنات الاقتصادية للبلد وللصندوق، لأن نظام الصندوق المغربي للتقاعد هو نظام توزيعي مبني على أن مساهمات المنخرطين يمولون معاشات المتقاعدين، وكل الإجراء ات التي اتخاذتها حكومة بنكيران من مغادرة طوعية وتوقيف التشغيل أدى إلى اختلال في الصندوق وعلى الحكومة إن كانت جادة فعلا أن تحل النتائج المترتبة عن هذه الإجراء ات، كما أن الصندوق المغربي للتقاعد يعتمد على نظام لا يوجد في أي دولة في العالم، وهو أن المنخرط يتحمل مساهمات مثله مثل المشغل، لذلك على الإصلاح أن يجعل المنخرط يساهم بالثلث والمشغل بالثلثين. الميلودي موخاريق الكاتب العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، وفي تصريح له لموقع هسبريس، أعلن استغرابه لما وصفه بالقرار الحكومي الأحادي الذي تحاول خلاله حكومة عبد الإله بنكيران تمريره بطريقة ملتوية، مشيرا أنه "إن كان من حق الحكومة أن تطلب رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي فإن المنهجية التي اعتمدت في ذلك مخالفة للصواب". "الاتحاد المغربي ليس ضد الإصلاح ولكن الإصلاح لا يجب أن يكون على حساب الموظفين"، يقول موخاريق الذي دعا الدولة لتحمل مسؤولية سوء تدبير مسؤوليها، مشيرا "أن الموظفين أدوا ما عليهم دون تملص رغم أنهم لم يكونوا ممثلين في المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد". واعتبر النقابي المذكور أن الرفع من سن التقاعد تحميل للأجراء بطرق عشوائية لسنوات من سوء التدبير، معتبرا هذا الإجراء يجب أن يكون اختياريا وليس إجباريا، "فرجال المطافئ والتعليم والأمن لا يمكننا أن نطلب منهم الاستمرار في أعمالهم الصعبة إلى ما بعد 65 سنة"، يقول موخاريق، الذي شدد في ذات السياق على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار وضعية المرأة العاملة. ومن جانب آخر سارع ناشطو مواقع التواصل الإجتماعي لتدشين حملات غضب، من قبيل توقيع عرائض موجهة لعبد الإله بن كيران والتي عنونت إحداها: "رئيس الحكومة المغربية: لا لرفع سن التقاعد إلى 62 سنة"، وجاء في ديباجتها: "لا للإجهاز على الموظفين ، لا للقرارات الأحادية و المصيرية التي تخص الموظفين،لا للمعاشات الفتات ، نعم لتقاعد مريح لموظفين أفنوا أعمارهم خدمة لهذا الوطن، تعم لرعاية مفضلة لأناس أسدوا الكثير من أجل بناء المغرب، نعم لمحاسبة مختلسي صناديق التقاعد و معاقبتهم على خيانتهم للأمانة". كما كانت صفحات الفايسبوك الخاصة بمجموعات الموظفين مجالا لتبادل آثار الإجراء ات الجديدة، وأيضا لرفضها والدعوة للتكتل لمواجهتها.