شعار غاب قولا وفعلا، جملة وتفصيلا عن أعمدة الكلام المرصعة وعن الكتابات الخبرية المزركشة وبالأحرى عن العلاقات المتشنجة التي تخللها الكثير من الشد والجدب في جو مكهرب. ففي العادة تقال ( شَّا) في الدارجي المغربي للحمار، عندما يُعنتِتُ ويُحَرْنِنُ ويرفض التوقف والخضوع للأوامر، ولكن اليوم سأستخدم هذه الكلمة من قاموسها الغني الذي يخاطب به الحيوانات فيما أحدثك به ياصديقي رشيد، حيث أنه كالعادة لما تشتد الأنظار إلى برنامجك كل مساء يوم جمعة، فوجئت يوم الجمعة الفارط بكارثة تلفزية حقيقية كنت أنت والمدعوة سهام أسيف بطليها. لقد تجرعتُ كثيرا من حلقاتك يارشيد وكابدتُ تجرعها وبلعها، إلا أن هذه الحلقة الأخيرة هي التي تجعلني أطلعك على إنطباعي حول عملك الرديئ هذا .... تاركا أخلاقي في إطار مجهول على الهامش. على أن هاته الضيفة الكريمة التي قدمتها يا زميلي رشيد للمغاربة مارست علينا أبشع أشكال الإستعلاء ناعتة نفسها بأنها تجسيد للرقة والأنوثة في سابقة غير مقبولة وهي عكس ذلك في نظري شخصيا. فلا يسعنا إلا أن نقول أنه كلام للتشهير ووقاحة تفوح منها رائحة الغرور والتمرد على كل معايير الفن واللباقة حاولتْ من خلالها صديقتنا في موضع جلسة ذكورية محضة - كما توضح الصورة - إتباث نفسها بطريقة شوفينية قصرية وبسط سلطتها ونفوذها بتصريحاتها السوقية. إن ما قامت به أسيف ليلة الجمعة هو عنجهية وإنحطاط بديئ ودعاية لكلام ينتمي إلى قاموس ساقط مكانه الأمثل والطبيعي هو الحانة و صالات التدليك ومواخير في الأغلب الأعم. وإذا ما أردنا أن نقحم في هذا الحيز الضيق مفردة أنوثة التي تنادي بها صديقتنا ، فيبدوا جليا أن هذه الأخيرة قد دخلت في حيص بيص حينما غفلت عن أول شروط الأنوثة التي هي رقة وحياء وعلم وثقافة وليونة ولباقة وإحترام وليست غطرسة وغرور... هذه الحقوق التي داست عليها أسيف، ضاربة عرض الحائط كل صفات الأنوثة. كان يفترض بك يا صديقي رشيد أن تختار ضيوفك بعناية ودقة، وأن تقدم أشخاص يكونوا بمثابة القدوة لهذا الشعب الذي لا زال يصارع الجهل والفقر والأمية، هذا الشعب الذي تاه وأداب هويته وثقافته في هذا العالم المتعولم في المزدحم، وأصبحنا نعيش تشوها ثقافيا وخلقيا وحضاريا يجعل الشخصية المغربية تتبخر وتنصهر وأشرفت على زوالها.
وللإشارة هنا، فإن متتبعي حلقات برنامج رشيد شو التي يتم تقديمها كل يوم جمعة ، حيث أصبح باديا للعامة أن مقدم البرنامج رشيد العلالي يتعمد طرح أسئلة سادجة وإرتجالية وذلك من أجل إنجاح حلقاته، التي كان آخرها مع الممثلة سهام أسيف وقبلها كريمة وساط وفنانون آخرون. فالخلاصة التي خرجت بها وحسب آراء الكثير من المواطنين أنه برنامج يدخل ضمن خانة البرامج التي تستبلد عقول الشعب المغربي ولا تقدم له أية إضافة، اللهم إتباع الخط التحريري للقناة الثانية المبني على سياسة (كوَّر وعطي لماروك( نعم نحن مع الجديد ومع الترفيه، ولكن ضد الإرتجال وإستبلاد الجمهور المغربي، فسابق ذو سبق البرنامج يستلزم أن يكون في جودة من التخطيط الجيد والتنفيد التشاركي ومراجعة مكامن الخلل، حيثما سيلاقى أي عمل بهذه المواصفات النجاح والقبول لدى فئات عريضة من المجتمع، وليس ما يعكس نظرة المسؤولين عن هذا القطاع للمواطن المغربي وهي نظرة تحمل كثيرا من الإساءة والإزدراء. لكن للأسف لاننصت إلا لمن يسَيرها ولا تعبئ بما نقول، ونحن لن نصمت وسأستمر في إنتقاد ماهو غير لائق، لأن هذه القناة تمول بأموال الشعب ويجب أن ننصت لصوت الشعب. والظاهر أيضا من خلال الشكل العام لبرنامج رشيد شو، أن فكرته غير مبتكرة فهي تشبه إلى حد قريب برامج تلفزيونية قديمة دأبت القنوات الفضائية الأمريكية على بثها مند مدة، إذ يجلس الضيف مباشرة أمام مقدم البرنامج ليجيب على الأسئلة بطريقة يغلب عليها الطابع الفكاهي والهزلي أحيانا. ويبدوا هذا مجرد إستنتاج، أن الدافع الأساسي لإنتاج هذه النوعية من البرامج من طرف (دوزيم) هو السعي لمحاكاة برنامج البرامج لباسم يوسف على القناة المصرية (سي بي سي) مع العلم أنه من الصعب الإرتقاء إلى مستوى هذا الأخير شكلا ومضمونا، خاصة وأن وراءه جيش من المعدين والمساهمين والإعلاميين الذين يبحثون عن كل شيئ جديد ومثير في السياسة والمجتمع والثقافة. في نهاية المطاف أعتقد أن علينا الإنسلاخ أكثر على تفكير ثقافة الهزل وبنية الإبتذال ووقف تصنيعه وفبركته عبر مختلف الوسائل والمؤسسات، ولن يتأتى ذلك دون تريث الشعب أولا عن الإنسياق بعاطفته ودون تفكير وراء المظاهر الخادعة للنجومية، وأن يتذكر وسائل الإعلام ثانيا أن ليس كل مايلمع ذهبا.
وأخيرا قد يجد الكثير ممن يقرؤون هذا المقال أنفسهم فيه، لذلك وجب علي القول أن الأمر ليس مجرد تشابه في الصورة.... ذلك أنه يعنيهم فعلا.