ألموقف الذي أعلن عنه ممثل الصرب في جمهورية البوسنة والهرسك ألمتمثل في رفضه لاعتراف بلده بالدولة الفلسطينية في الأممالمتحدة ليس غريبا. فقد نشأت علاقة تحالفية إستراتيجية بين اليهود الصهاينة والصرب فيها منذ مطلع القرن الماضي , وتطورت العلاقة أثناء إنقضاض الصرب وحلفائهم على تركيا في الحربين البلقانيتين في العقد الثاني منه. واستمرت العلاقة في تطورها في عهد الملكية الثنائية المجرية النمساوية. ووصل يهود جدد للإقامة في هذه الجمهورية وكانوا سرا يصدرون صحيفتهم (صوت اليهودي) التي كان يرأس تحريرها إسحاق ساموكوفليا ,ألذي ترأس كذلك رابطة كتاب البوسنة والهرسك في سراييفو الشيوعية. وقبلها وتحديدا في عام 1923 سيطر الصرب على إقليم فويفودينا ذي الأغلبية المجرية بمساعدة الحركة الصهيونية. ويعود إسم عائلته إلى بلدة ساموكوف البلغارية التي نزح اليهود إليها من الأندلس في القرن السادس عشر. وعمل اليهود الصهاينة على طمس المعالم الإسلامية وتحويلها إلى معالم يهودية وأبرزها حارة بيلافي مثلا. وظل النشاط الصهيوني يعلوا فيها مقترنا بعلاقة اليهود بالصرب المضطردة . وكانت صحيفة بوليتيكا الصربية مرتعا للنشاط الصهيوني ومجنديه طيلة عهد رئيس تحريرها الصهيوني أليكسندر برليا ومن أبرز من خرجتهم هذه الصحيفة ألصهيونية (يوفانكا لازيتش) ألتي كانت تعرف باسم مستعار هو جيني ليبل. ألصرب في هذه الجمهورية أعلنوا جمهوريتهم الخاصة بهم (ألجمهورية الصربية) وعاصمتها بانيالوكا بعد انتهاء الحرب الدامية فيها والتي نفذ فيها الصرب وحلفائهم الصهاينة أبشع المجازر الدموية بحق سكانها من البشناق المسلمين والكروات الكاثوليك , وللبوسنة سفارة في إسرائيل وست سفارات في ستة بلدان عربية. بإمكان الدول العربية لعب دور أكبر من الدور الإسرائيلي في البلقان عموما والبوسنة والهرسك خصوصا ليكونوا داعمين للموقف التركي المتميز في هذا الشأن, ألمنصب على دعم إعلان الدولة الفلسطينية الذي بات قريبا جدا , والوقت يمضي بسرعة في هذا الإتجاه. ألأنظمة العربية مشغولة بمصيرها المحتوم , لأنها بديكتاتوريتها الغاشمة ألحقت أكبر الضرر بالقضية الوطنية الفلسطينية فما شكل نظام واحد منها استقطابا للبقية لو كان صالحا فهي إذن سواسية حتى في التشرذم والانقسام , والواحد منها استعدى الآخر بشعارات زائفة ليحفظ نفسه , وها نحن نشهد الطوفان يغرق هذه الأنظمة دون استثناء. إن المواطن العربي الذي كشف زيف علاقة الغرب بنا , ليس من خلال العلاقة مع ثوار ليبيا فحسب بل ومن خلال ممارساته الداعمة لإسرائيل الغاصبة للحق العربي والتي مارست إرهاب الدولة منذ نشوئها بعد أن مارسته الحركة الصهيونية في الغرب فاغتالت كل من كشف حقيقتها المجرمة, وتحولت مواقف العديدين جراء تهديدها لأصحاب المواقف المؤيدة لقضية العرب المركزية. لقد لعب الموساد الإسرائيلي دورا في تفتيت فيدرالية تيتو اليوغوسلافية, ليستثمر ذلك في تحقيق مصالح للكيان الصهيوني, وقد أشار الصحفي المقدوني (تيوفيل بلاجيفسكي) إلى ذلك عام 1989 في مقالته صربيا واللوبي اليهودي .ونوهت إلى ذلك الصحافية الكبيرة نيفينكا ميتريفسكا والصحافية سلوبودانكا يوفانوفسكا والصحافي ليوبتشو بوبوفسكي والصحفي يوردان دانيلوفسكي وغيرهم الكثيرون في منطقة شبه الجزيرة البلقانية التي تعصف بها الخلافات والصراعات والنزاعات الاستعمارية . على العرب أن يبذلوا قصارى جهدهم الذي يجب أن يتوحد الآن لإنجاز إعلان الدولة الفلسطينية ما دام ذلك يؤرق حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة. وإلا فإننا سنخسر حربا دبلوماسية ستنعكس سلبا علينا جميعا.