يتجول سجناء مسلحين بمناجل في سجن شاسع من دون جدران على جزيرة جميلة في الفيليبين وهم لا يقومون بحركة تمرد بل هم عمال في مزرعة-سجن في مقاربة غير مألوفة لاعادة دمج المحكومين في بلد ينتشر فيه العنف. وعلى مقربة منهم، يستلقي حارسان مسلحان في الظل، يراقبان هذا الجمع من السجناء يقطعون العشب في مزرعة للأرز في بالوان غرب الفيليبين. ومن هؤلاء السجناء ارتورو، الذي أمضى 21 عاماً من عقوبة بالسجن مدى الحياة إدانته بتهمة ارتكاب جريمة قتل. وهو لا يبدي أي رغبة في الفرار من سجنه هذا، ويحاول أن يكون حسن السلوك للحصول على تخفيض لعقوبته أو عفو عن باقي المدة. ويفسر عدم رغبته في الفرار بالقول لمراسل وكالة فرانس برس الذي قابله في تلك الجزيرة السجن "لا أريد أن أمضي حياتي كالفأر، متخفياً كلما صادفت شرطياً". وتمتد هذه الجزيرة على 26 ألف هكتار من الغابات والجبال التي تقطعها طريق واسعة، ما يجعلها أكبر سجن مفتوح في العالم. وعلى مدخل السجن حارس واحد فقط، مهمته السماح للزوار بالدخول، ولا جدران هناك تفصل السجناء البالغ عددهم 3186 شخصاً عن العالم الخارجي. فعلى بعد 14 كيلومترا تقع منطقة بويرتو برينسيسا، وهي إحدى المقاصد السياحية الاكثر شهرة في البلاد. ويتدفق السياح المحليون والأجانب دون انقطاع إلى جزيرة ايواهيغ، لمشاهدة مبانيها الإدارية الجميلة التي تعود الى مطالع القرن العشرين، ومتجرها الذي يبيع أعمالاً حرفية من إنتاج السجناء. وتمتد حقول الأرز في الجزيرة على مئات الهكتارات، وإلى جانبها حقول تجوبها حيوانات بسلام بحثاً عن الغذاء. تأهيل تأسس سجن ايواهيغ في العام 1904، في زمن المستعمرين الأمريكيين خصصوها للسجناء السياسيين وكبار المجرمين في الفيليبين. وكانت هذه الجزيرة الواقعة على بعد 600 كيلومتر من سواحل العاصمة مقفرة من السكان تماماً. وتسعى السلطات الفيليبينية حالياً من خلال هذا السجن، وأربعة سجون مزارع أخرى، إلى أن تعيد تأهيل السجناء. ويقول المشرف على السجن ريتشارد شوارزكوف "إنه نوع من التحضير لإعادة دمج السجناء في المجتمع، حين يطلق سراحهم". ومعظم نزلاء السجن مرحلون إليه من سجن بيلبيد اكبر سجون مانيلا، وهو يضم 22 ألف سجين. وبدل الاقامة في زنزانات مكتظة في بيلبيد، يحظى سجناء ايواهيغ بفرصة الاقامة في مبان ذات حراسة مخففة، محاطة بأسلاك شائكة بدلاً من الجدران الحديد. ويحظى خمسون سجيناً بفرصة الإقامة في اكواخ من القصب، يراقبون المحاصيل والجرارات. ويفرض على 150 سجيناً من الخاضعين لمراقبة مشددة، أن يعملوا في مكان مغلق وفي ظل إجراءات أمنية اكثر صرامة. ويرى ريتشارد شوارزكوف أن هذا النوع من السجون الذي بات رائجاً في الدول الإسكندينافية، أثبت فاعليته. فأقل من 10% فقط من نزلاء هذا السجن يعودون إلى ارتكاب مخالفة بعد انتهاء مدة عقوبتهم، ولم تسجل أي محاولة فرار جماعية من السجن أو عمال شغب، ولم تسجل فيه سوى محاولة فرار فردية واحدة في العام 2012.