لعل السبب في كتابة هاته الأسطر كان من وراءها حديث مع صديقي الطاطاوي عبد الوهاب بوحماد ونحن نرتشف كؤوس شاي صحراوي، وطال بنا الحديث في ملفات كثيرة أهمها قضية التنسيقية الوطنية للأساتذة المقصيين من الترقية الى أوصلنا الحديث إلى ما بذله منسقها البطل الشهم عبد الوهاب السحيمي من دماء طاهرة وتضحيات جسام حيث كان محط سخط وغضب أمني ورست سفينة نقاشنا في شاطئه . ترعرع عبد الوهاب السحيمي في وسط ريفي بغرب المغرب من طبقة اجتماعية كادحة رضع فيها حليب العزة والكرامة فنشأ حرا وقويا كالزمن ،صلبا كجدار من اسمنت وحديد عرف بذكائه المتوهج . رجل بسيط و معلم شعبي يبعث بحركاته ونبرة خطابه الثقة فيه، والطمأنينة إليه، منتوج الجامعة المغربية الخالص يشعر بدفء الرجل الإنساني، لذلك أحسن المنسقين الجهويين والاقليمين إدارة مكتبه الوطني ، فكان في محيط التنسيقية سباحا ماهرا ، لم يشاحن أحدا ولم يجادل خصما بانفعال، وهو أكثر منسقي التنظيمات النضالية حضورا في الإعلام، ويكاد لا يذكر في الإعلام البديل "الفايس بوك" تماما إلا بالمدح، وهذه الخصال تبدو عند منسقي بعض التنظيمات ناقصة حيث يبدأون اسودا وينتهون قططا . يتميز السحيمي بدماثة الاخلاق والطيبة الراجعة الى النشأة الاجتماعية والمناخ الاجتماعي الذي يعيش فيه، يجعله محببا عند عامة المناضلين من جهة، وانسانا غريبا غامضا عند أم الوزارات من جهة ثانية ، فالغضب كالسرور تماما من الصفات الإنسانية، وقيادة تنظيمنا النضالي قد يحتاج في أحايين كثيرة إلى صلابة في اتخاذ المواقف وصرامة في تمريرها والدفاع عنها . إذا قلنا ان السحيمي كاريزما صلبة وحقيقية فلن نخالف الواقع، لأنه بالفعل انصرف اهتمامه لمتابعة القضايا التي فرضها عليه منصبه كمنسق وطني ، و المعلمون توسموا فيه القدرة والكفاءة والمهنية العالية والتعامل الراقي لحل قضيتهم ومتابعة مشاكلهم العالقة منذ أن اعتلي منصب القيادة و كان ناطقا بلسان حالهم معبرا عن أمالهم وأمانيهم،فاهما لغتهم ، حاملا همومهم ومشاكلهم ولا أقول أنه كان يدعي ذلك طمعا في منصب أو دعاية شخصية أو نفاقا اجتماعيا بل دافع بإستماتة و بكل ما أوتي من قوة وبكل ما وهبه الله عز وجل من منطق وحجة وايمان قوي بمطالب التنسيقية المشروعة . إذا قلنا ان السحيمي ديبلوماسي متزن فلن نجانب الحقيقة، فالرجل تصرف بحكمة فأحرج المواقف السياسية التي مرت بها البلاد ولم يتسرع أو يتكالب على كرسي يتعارض مع رغبات القواعد الصلبة ، كما كان حضوره الإعلامي في برنامج "مواطن اليوم" محل ترحيب من المتتبعين الأساتذة لأنه دخل في مجادلات ومشاحنات وشغب قانوني مع أطراف نقابية أو سياسية جندتها الحكومة ولم يتورط في التهم المجانية التي وجهت للتنسيقية. وأخيرا منسقنا العزيز عبد الوهاب السحيمي :
أقولها لك وبكل صراحة، لديك طاقة عظيمة ومفيدة، وتملك ديبلوماسية وكاريزما جذابتين وقوة الإقناع والبرهنة ، وأنت خطيب مفوه، ولديك خبرة طويلة، فلا تضيعها في مجالس محكومة عليها بالفشل مسبقا، ولا تمثل طموحات الشعب، بل استخدم طاقاتك وخبراتك في مجلس نقابة مركزية للتعليم ،فصناع الأجيال هم بأمس الحاجة لك فمكانك وموقعك الطبيعي هو كاتب وطني لنقابة ديمقراطية وحدوية تقدمية مستقلة وجبهوية نؤسس لها بيانا اجتماعيا نسطر فيها المكتسبات المغتصبة عما قريب.