تنظم مؤسسة (فكر للتنمية والثقافة والعلوم)، يومي 12 و13 يونيو الجاري بالرباط، ندوة دولية في موضوع "المغرب وإفريقيا .. التاريخ، الحاضر، المستقبل"، بمشاركة فاعلين سياسيين واجتماعيين واقتصاديين، وأساتذة باحثين من بلدان إفريقية وأوروبية. وأوضحت المؤسسة، في بلاغ، أن المشاركين سينكبون على مقاربة موضوع العلاقات المغربية الإفريقية، من خلال أربع محاور رئيسية تشمل "الإطار التاريخي للسياسة الخارجية المغربية تجاه القارة الإفريقية"، و"تجليات التفاعل المغربي الإفريقي"، و"القضايا الخلافية"، و"إعادة تنشيط السياسة الخارجية المغربية الإفريقية". ويعالج المحور الأول، على الخصوص، الدوائر المحددة للسياسة الخارجية المغربية عبر التاريخ (الدائرة المتوسطية، الدائرة الإفريقية، الدائرة العربية، الدائرة الإسلامية)، ومعالم الدبلوماسية المغربية الإفريقية القديمة، إلى جانب دور مؤتمر أنفا في صنع مستقبل القارة الإفريقية وفي تطور الحركة السياسية. ويطرح المحور الثاني للنقاش مظاهر للتفاعل المغربي الإفريقي، من قبيل السياسة الإفريقية للمغرب، ودور المملكة في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية ودوافع انسحابها منها، والمنهجية المغربية في استكمال الوحدة الترابية، والمساهمة المغربية في قوات الطوارئ الأممية بإفريقيا. ويسعى المحور الثالث، الخاص بالقضايا الخلافية، من جانبه، إلى مقاربة مواضيع من بينها أزمة الحدود والمنازعات المسلحة في إفريقيا بين الحلول الدائمة والحلول المؤقتة، والمسار الدبلوماسي المغربي لقضية الصحراء وآفاق تجاوز الوضع المصطنع في المنطقة المغاربية، والعولمة والتحولات المعاصرة في إفريقيا ...الخ. أما المحور الرابع، المتعلق بإعادة تنشيط السياسة الخارجية المغربية الإفريقية، فيتناول، بالخصوص، القيود التي تحد من فاعلية السياسة الخارجية المغربية تجاه إفريقيا والتعاون الاقتصادي بين المغرب ودول جنوب الصحراء، والتجربة المغربية في المجال الديني في دول الساحل والصحراء، والدبلوماسية المغربية تجاه إفريقيا في ظل العهد الجديد. وأبرز المنظمون، في ورقة تقديمية للندوة، أن الموقع المتميز للمغرب، في شمال إفريقيا، وعلى بعد عدة كيلومترات من القارة الأوروبية، جعله يتأرجح تاريخيا بين لعب دور همزة الوصل كمعبر قاري، وبين طموحه في التفاعل مع هذا الموقع للعب دور متميز على الساحة الدولية، مؤكدين أن المغرب أضحى يشكل نموذجا للتعاون جنوب - جنوب، حيث اختار نسج علاقات قوية مع البلدان الإفريقية لا تتأثر بتبدل الأوضاع السياسية في هذا البلد أو ذاك. وأشارت الورقة إلى الدور البارز الذي اضطلع به المغرب غداة الاستقلال من أجل ترسيخ مجموعة من المبادئ التي ستشكل لاحقا الأساس الذي ستقوم عليه العلاقات الدولية الإفريقية، ثنائية كانت أم جماعية، مبرزة ما شهدته العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، بالمقابل، من دينامية جديدة في العلاقة المغربية الإفريقية قوامها التعاون الصادق، وإسهام المغرب في التنمية الاقتصادية خاصة ما تعلق بالبنى التحتية والبنوك والمعادن والصيد البحري ووسائل الإعلام والسكن الاجتماعي، ما أهل المغرب ليصبح ثاني مستثمر إفريقي في القارة. وأكدت مؤسسة (فكر للتنمية والثقافة والعلوم)، في هذا السياق، أن الزيارات الملكية أعطت بعدا جديدا لهذا التحول في علاقات المغرب بدول القارة، ما أسهم في تركيز اهتمام المجتمع برمته حول العمق الإفريقي للمغرب، المعزز تاريخيا وروحيا ودينيا وصوفيا ودستوريا واقتصاديا، مضيفة أن دستور يوليوز 2011 جاء ليؤكد العمق الإفريقي في الهوية المغربية. وجاء في الورقة التقديمية أن الزيارة الملكية لمالي في شهر شتنبر 2013 أكدت بوضوح أن المغرب أصبح فاعلا قاريا وإقليميا، مبرزة أن الأحداث الأخيرة في منطقة الساحل والصحراء أكدت صحة الطرح المغربي الرافض للانفصال المهدد لوحدة الدولة، وأن الحل الصائب للجميع يدخل في استيعاب الخصوصيات الجهوية، وبناء المؤسسات الديمقراطية في إطار مقاربات التشارك والتصالح. وأبرزت، في هذا الصدد، أن عددا كبيرا من الدول الإفريقية تقدر هذا الاجتهاد والفعل المغربي، وتستلهم من المغرب تجاربه في حل النزاعات داخلية كانت أم إقليمية، ومنها دول إفريقية تقع بالخصوص في المحيط الجغرافي للمغرب و في عمق القارة الإفريقية.