تنظم مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم ندوة دولية في موضوع: «المغرب وإفريقيا: التاريخ، الحاضر، المستقبل» وذلك يومي 12/ 13 يونيو 2014 بمدرج عبد العزيز مزيان بلفقيه بمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لأسرة التربية والتكوين شارع علال الفاسي حي الرياض بالرباط. يشارك في أشغالها فاعلون سياسيون واجتماعيون واقتصاديون وأساتدة باحثون من عدة دول إفريقية وأوروبية. إن الموقع المتميز للمغرب، في شمال إفريقيا، وعلى بعد عدة كيلومترات من القارة الأوروبية، جعله يتأرجح تاريخياً بين لعب دور همزة الوصل كمعبر قاري، وبين طموحه في التفاعل مع هذا الموقع للعب دور متميز على الساحة الدولية. ولا شك أن هذين الدورين المتداخلين، لا يمكن أن يؤديا إلى تفاعل تنموي، اقتصادي ثقافي اجتماعي سياسي... لوحدهما في العلاقات الخارجية المتنوعة لهذا البلد. وهكذا نسج المغرب على مر القرون شبكة من العلاقات يتمازج فيها ما تحكمه العوامل الجغرافية أحياناً، والعوامل التاريخية أحياناً أخرى؛ وكل ذلك حسب قوته التي تشتد وتضعف، ومساحته التي تتوسع وتتقلص، وسياسته التي قد تتوجه للداخل أو للخارج، وتحالفاته التي تتغير من مرحلة إلى أخرى. إلا أن الموقع المتميز، جعل الدولة محط أطماع خارجية، وفرض عليها المقاومة المستمرة التي ضعفت في فترة ما، فسقطت تحت السيطرة الأجنبية، وتعد التجربة المغربية فريدة حيث أنه استطاع الوقوف صامداً إلى غاية بداية القرن العشرين، فتحول إلى دولة ذات سيادة ناقصة. فإذا أضفنا إلى ذلك التأثير المتزايد للتطورات العلمية، وخاصة من ذلك تطور وسائل النقل التي جعلت الدول الأوروبية قادرة على تجاوز الدور الذي كان المغرب يقوم به في ربط الاتصال بينها وبين القارة الإفريقية، فإن دور المغرب قد تقلص بشكل كبير على صعيد القارة الإفريقية؛ وكان ينبغي انتظار استقلال المغرب حتى يعاود تجديد علاقاته معها. وفي هذا الصدد، لا يمكن إنكار الدور البارز الذي لعبه المغرب غداة الاستقلال من أجل ترسيخ مجموعة من المبادئ التي ستكون لاحقاً بمثابة الأساس الذي ستقوم عليه العلاقات الدولية الإفريقية، ثنائية كانت أم جماعية. لقد وقف المغرب إلى جانب الدول الثورية آنذاك (غانا، غينيا، مالي، الجمهورية العربية المتحدة، الحكومة الجزائرية المؤقتة)، وانعقد على أرضه أول تجمع للدول الإفريقية، فيما سمي بمجموعة الدارالبيضاء التي دونت في ميثاقها مبدأ الوحدة الإفريقية الكاملة، ومبدأ عدم الانحياز، ومبدأ محاربة الاستعمار القديم، ومفهوم الاستعمار الجديد... وهي مبادئ سنجد لها مكاناً واسعاً في ميثاق أديس أبابا المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية. إن التطورات المتلاحقة قد جعلت العلاقات المغربية مع الدول الإفريقية محل تقلبات متعددة: فمن العلاقات الراسخة (حالة السنغال)، إلى حالات المد والجزر (حالة ليبيا)، إلى العلاقات الضعيفة أو المتوترة (حالة الجزائر)، وحتى العمل في إطار منظمة الوحدة الإفريقية أصبح صعباً لدرجة دفعته إلى الانسحاب. وانطلاقاً من هذه الفترة، فإن الميزة الأساسية للدبلوماسية المغربية على صعيد القارة الإفريقية (علاقات ثنائية أو داخل المنظمات الدولية الإفريقية) تمحورت حول مواقف هذه الدول والمنظمات الدولية من وحدته الترابية في الجنوب عبر استرجاع طرفاية أو سيدي إيفني أو الساقية الحمراء أو واد الذهب، فكان المغرب يقوي علاقاته مع المؤيدين ويقطعها أو يضعفها مع المعارضين. وإذا كانت الروابط المغربية الإفريقية، منذ لقاء مؤتمر الدارالبيضاء في يناير 1961 إلى انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية في العام 1984 قد عرفت مدا وجزرا ارتباطا بالمطالب الترابية للمغرب وبنزاع الصحراء، فإن العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين عرفت دينامية جديدة في العلاقة المغربية الإفريقية قوامها التعاون الصادق، وإسهام المغرب في التنمية الاقتصادية, خاصة ما تعلق بالبنى التحتية والأبناك والمعادن والصيد البحري ووسائل الإعلام والسكن الاجتماعي، وأصبح المغرب ثاني مستثمر إفريقي في القارة . وأعطت الزيارات الملكية بعدا جديدا لهذا التحول في علاقات المغرب بدول القارة، ولهذه الأسباب جميعها تركز اهتمام المجتمع برمته حول العمق الإفريقي للمغرب، المعزز تاريخيا وروحيا ودينيا وصوفيا ودستوريا واقتصاديا، وجاء الدستور الجديد في يوليوز 2011، ليؤكد العمق الإفريقي في الهوية المغربية. وقد استفاد المغرب من التجربة الصينية في إفريقيا، التي توجهت إلى الخصاص في الاقتصاد الإفريقي، ثم أن المغرب من خلال هذا الرهان الدبلوماسي والاجتماعي والديني والثقافي والاقتصادي والتجاري يقدم نموذج التعاون جنوب جنوب، وهو من أهم المجالات التي تحرص عددا من منظمات الأممالمتحدة على تفعيلها لرفع النمو التجاري بين الدول النامية، الذي ما زال سجين أرقام مخجلة، والمغرب اختار ذلك لنسج علاقات قوية لا تتأثر بتبدل الأوضاع السياسية في هذا البلد أو ذاك، إذ حافظت الشركات المغربية على استثماراتها في النيجر, مثلاً, في مجالات استراتيجية رغم تغير النظام السياسي، ووصول قيادة جديدة للسلطة عن طريق انتخابات نزيهة كما فعل نفس الأمر مع دول أخرى. وأبرزت الزيارة الملكية لمالي في شهر شتنبر 2013 أن المغرب أصبح فاعلا قاريا وإقليميا. وأكدت الأحداث الأخيرة في منطقة الساحل والصحراء صحة الطرح المغربي الرافض للانفصال المهدد لوحدة الدولة، وأن الحل الصائب للجميع يدخل في استيعاب الخصوصيات الجهوية، وبناء المؤسسات الديمقراطية في إطار مقاربات التشارك والتصالح. وعدد كبير من الدول الإفريقية تقدر هذا الاجتهاد والفعل المغربي، وتستلهم من المغرب تجاربه في حل النزاعات, داخلية كانت أم إقليمية، ومنها دول إفريقية تقع بالخصوص في المحيط الجغرافي للمغرب و في عمق القارة الإفريقية. وتوجت هذه الدينامية بالتقرير الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول الهجرة، ومنها الهجرة الإفريقية جنوب الصحراء، والذي قدم للحكومة المغربية توصيات لمعالجة إشكالات الهجرة، وذلك من خلال الأبعاد الإنسانية والحقوقية والقانونية، والقرارات التي اتخذتها الحكومة بهذا الصدد تؤشر إلى توجه جديد في بناء سياسات للهجرة تأخذ بعين الاعتبار التحول السياسي الذي يعيشه المغرب في مجال بناء التعدد الثقافي والحريات الفردية والجماعية. ومنذ الزيارة الملكية لإفريقيا خلال سنتي 2013 و2014 أصبحت التجربة المغربية في ميدان تأهيل الحقل الديني مطلوبة من عدد من دول الساحل والصحراء وأيضا من دول من شمال إفريقيا، نظرا للاختراقات المذهبية والجهادية التي مست النسيج الفقهي والديني لعدد من الدول الإفريقية. لقد أصبح من المُلح جداً، القيام بدراسات وأبحاث معمقة حول علاقات المغرب مع محيطه الإفريقي قصد الوقوف على مكامن القوة والضعف؛ ذلك أن دينامية أو جمود الدبلوماسية المغربية لا يمكن أن يُفهم إلا من خلال تنوع هذه العلاقات (سياسية، اقتصادية، اجتماعية، دينية، عسكرية، رسمية، غير حكومية،...) واختلاف طرفها الثاني (الاتحاد الإفريقي، دولة، مجموعة دول، منظمات متخصصة، مجتمع مدني،..). محاور الندوة المقترحة: I . الإطار التاريخي للسياسة الخارجية المغربية تجاه القارة الإفريقية * الدوائر المحددة للسياسة الخارجية المغربية عبر التاريخ (الدائرة المتوسطية، الدائرة الإفريقية، الدائرة العربية، الدائرة الإسلامية). * الملامح الأساسية لسياسة المغرب الإفريقية قبل الاستقلال. * إشكال التقسيم الاستعماري للقارة الإفريقية : المخلفات والانعكاسات. * المغرب همزة وصل بين إفريقيا وأوروبا. * معالم الدبلوماسية المغربية الإفريقية القديمة. * أصول الحركة الزنجية في إفريقيا. * التجارة الدولية للرقيق الإفريقي. * دور مؤتمر أنفا في صنع مستقبل القارة الإفريقية وفي تطور الحركة السياسية. * دور الإسلام والمسيحية في رسم وصياغة السياسة الخارجية للدول الإفريقية. * مصالح القوى الكبرى في إفريقيا. II . تجليات التفاعل المغربي الإفريقي * حركة التحرير الإفريقية ودورها في انهيار الإمبراطوريات الاستعمارية التقليدية. * السياسة الإفريقية للمغرب. * دور المغرب في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية ودوافع انسحابه منها. * المنهجية المغربية في استكمال الوحدة الترابية: - الصحراء - سبتة ومليلية. * المساهمة المغربية في قوات الطوارئ الأممية بإفريقيا. * دور المغرب في تأسيس الحركة الأفروأسيوية والتيارات الكبرى المؤطرة لها. III . القضايا الخلافية * أزمة الحدود والمنازعات المسلحة في إفريقيا بين الحلول الدائمة والحلول المؤقتة. * المسار الدبلوماسي المغربي لقضية الصحراء وآفاق تجاوز الوضع المصطنع في المنطقة المغاربية. * المشروع الوحدوي المغاربي : الوضع والآفاق. * العولمة والتحولات المعاصرة في إفريقيا. * أزمة الأمن الجماعي الإفريقي والسياسة الدفاعية. * أزمة الديون الخارجية في إفريقيا. * أزمة الصحراء المغربية بين الحلول الدولية والحلول الإقليمية. * ظاهرة الهجرة الإفريقية إلى أوربا وانعكاساتها السلبية على المغرب. * سياسة التكامل الإقليمي في إفريقيا : واقع وآفاق التجمعات الأهلية الكبرى. * حركة عدم الانحياز والقضايا الإفريقية : أي تعامل؟ * إشكال الاندماج المجالي والبشري في إفريقيا. IV . إعادة تنشيط السياسة الخارجية المغربية الإفريقية * القيود التي تحد من فاعلية السياسة الخارجية المغربية تجاه إفريقيا : المعادلات الصعبة. * التعاون الاقتصادي بين المغرب ودول جنوب الصحراء. * التجربة المغربية في المجال الديني في دول الساحل والصحراء. * الدبلوماسية المغربية تجاه إفريقيا في ظل العهد الجديد. * الأحزاب السياسية المغربية والسياسية الخارجية تجاه إفريقيا. * الدبلوماسية البرلمانية والشعبية ودورها في تعزيز العلاقات المغربية الإفريقية. * سياسة التضامن والتعاون مع الدول الإفريقية. * منهجية اتخاذ القرار السياسي الخارجي من طرف القادة السياسيين الأفارقة.