قام الطبيب السويدي ايرل باكن بزراعة أول منظم قلب للمريض أكي سيننغ في 8 اكتوبر عام 1957، وكان وزن المنظم يزيد عن 300 غم. لكنّ العلماء الاميركيين من جامعة ستانفورد نجحوا الآن في إنتاج منظم قلب يقل حجمه عن حجم حبة أرز ويبلغ وزنه 70 ملغم فقط. استخدم الطبيب جون هو، من جامعة ستانفورد في بالوالتو، طريقة جديدة لايصال الطاقة الكهربائية إلى منظم جديد للقلب أتاحت له زرع مثل هذا الجهاز للمرة الاولى. وتولى فريق العمل بقيادة الباحثة ادا بوون اكتشاف موجات مغناطيسية مصغرة قادرة على اختراق الأنسجة البشرية بعمق يزيد عن سنتمترين، وصولاً إلى منظم القلب المزروع، وتفوقوا بذلك على كافة طرق شحن الأجهزة المزروعة السائدة في عالم الطب اليوم. ونشر العلماء في العدد الإلكتروني من مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences(PNAS) صورة منظم القلب الجديد، مشيرين إلى أن طريقة شحن الجهاز عن بعد تعد أيضاً بتقليص أحجام المنظمات الأخرى التي تزرع عادة لتحسين السمع (في الاذن الداخلية)، وفي المناطق الحساسة الأخرى من الجسد البشري. وواقع الحال أن التوصل إلى مثل هذه الطريقة الجديدة في الشحن عن بعد هو الذي أتاح أيضاً تقليص حجم البطارية إلى حجم صغير جدًا. فضلاً عن ذلك، تمكن العلماء من كاليفورنيا، بفضل طريقة الشحن المسماة" الشحن عبر المدى المتوسط"، في تقليص حجم مستقبل الموجات الكهرومغناطيسية المدمج بمنظم القلب، ويحتل المستقبل عادة حجماً كبيراً في أجهزة تنظيم عمل القلب المعروفة. ومعروف أن الطرق السابقة، التي تسمى "الشحن عبر المدى القصير"، تتطلب زرع منظم القلب على بعد لا يزيد عن سم واحد عن بشرة الإنسان، في حين أن طريقة "الشحن في المدى المتوسط" تتيح ايصال الطاقة إلى الجهاز على بعد 2 سم وأكثر. وكتب هو في المجلة العلمية المعروفة أن بوسعه حالياً ايصال الموجات الكهرومغناطيسية إلى إي جهاز في جسم الإنسان، ومهما كان عمقه. ويمكن لطريقة شحن منظم القلب التقليدي، المزروع على عمق سم واحد، بطريقة الشحن عبر المدى القريب، أن تؤثر على الأنسجة والألياف الحية القريبة. فالاستخدام المستمر على مدى فترة طويلة يرفع درجة حرارة الأنسجة القريبة من منظم القلب ويضر بها، في حين أن الطريقة الجديدة لا تؤثر في الأنسجة القريبة. وعمومًا يمكن أن يكون طول منظم القلب الجديد "ملم واحدًا أو أقل"، كما جاء في نص مجلة(PNAS) ، ولايزيد وزنه عن 70 ملغم. زرع جون هو وزملاؤه منظم القلب الصغير في قلب أرنب، كتجربة تسبق الانتقال إلى زراعته في البشر، وصولاً إلى الفحوصات السريرية اللاحقة. وكتبوا أن جسد الأرنب تحمّل المنظم الصغير بسهولة، كما تمكن العلماء من ايصال الموجات الصوتية الشاحنة إلى الجهاز على عمق يزيد عن سنتمترين. استخدمت الباحثة ادا بوون، التي تولت مهمة تنظيم نظام نقل الطاقة لاسلكياً، جهازاً لايزيد حجمه عن حجم بطاقة الائتمان المصرفية في شحن منظم القلب في جسد الأرنب. وعبّرت عن قناعتها بإمكانية ايصال الموجات الكهرومغناطيسية إلى جهاز مماثل يتم زرعه على عمق 10 سم داخل جسم الإنسان. واستخدمت بوون جهاز ارسال مدمجاً في نظام الطاقة لارسال موجات الطاقة بقوة 500 ميلليواط إلى منظم القلب عند الأرنب، وهي طاقة تعادل طاقة الموجات الكهرومغناطيسية العاملة في جهاز الهاتف المحمول. لم يختبر العلماء تأثير هذه الموجات المغناطيسية على قلب وجسم الإنسان المتلقي، لكنهم يؤملون النفس، بالنظر لضعف طاقة الموجات، بعدم مواجهة مصاعب كبيرة. وستكون الخطوة اللاحقة هي الكشف عن المضاعفات الممكنة للموجات، ومن ثم الانتقال إلى زرع منظم القلب في جهاز انسان. ويمكن للتجارب على الإنسان أن تبدأ بموجات كهرومغناطيسية بطاقة 10 واط/كغم من جسم الإنسان، ومعروف أن الاشعاعات المغناطيسية في هذه الحدود لا تؤثر في صحة البشر. مع ملاحظة أن الجهاز الجديد يمكن أن يعمل بكل فاعلية بطاقة 8 واط/كغم من الجسم. ويمكن لمثل هذه الأنظمة المصغرة أن تحسن عمل الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، وأن تراقب عملها، وأن ترسل المعلومات لاسلكياً إلى الكومبيوتر لإتاحة حفظها ودراستها وتحليلها.