في شوارع بلاد العرب، حيث امتزجت الثقافة العربية المحافظة في بعض من جوانبها، بالثقافة " الغير عربية" التقدمية.. تحول فيها الزواج من مسألة اندماج في مؤسسة ناظمة للعلاقات الإجتماعية إلى مؤسسة وظيفية تؤدي وظيفة ميكانيكية هي الإنجاب أولا، و ملأ الفراغ العاطفي ثانيا... فلا يكاد يمر يوم إلا و عبس الزوج في وجه زوجته، و نفرت الزوجة من زوجها، ليتحول – مع مرور الزمان- هذا الزواج إلى مجرد جواز مختوم بحبر. تحول الزواج في ظل هذه الأوضاع الإجتماعية المنهارة إلى عقد جاف، انسلخ عن كل ما له علاقة ب"المودة'' و ''الحب'' ليصبح مجرد آلة تؤدي وظيفتها الغريزية و البيولوجية عاجزة كل العجز عن توفير قبلة واحدة صادقة.. فتحول خلالها الرجل إلى ذكر، و المرأة إلى أنثى، ليصطف في هدوء إلى مصاف التزاوج عوض الزواج.. لقد بات الزواج في أزقة العواصم العربية يشكل ثقلا ثقيلا على أطرافه، و بات مرادفا للعبء المادي و النفسي، و بات مقرونا بشكل شبه لزومي بالطلاق، و كأنه قدر محتوم.. و كأننا نسينا أن أصل الزواج هو عقد يبرمه الرجل و المرأة مدى الحياة.. و بلغة الأرقام، فخارطة الطلاق بالوطن العربي تنذر بأرقام مهولة، و تجعلنا ككتاب و مراقبين و مواطنين ندق ناقوس الخطر لإمكانية انهيار المؤسسة الإجتماعية المتمثلة في الزواج.. ففي بلدان المغرب العربي، أو المغرب الكبير، فعلى سبيل المثال بلغت عدد حالات الطلاق في المغرب حوالي 50.000 حالة سنويا مرشحة للإزدياد، و بمعدل 410 حالة طلاق يوميا في بلدان المغرب العربي.. أي بعملية حسابية بسيطة، هنالك إمكانية تفكك 410 عائلة يوميا و كلنا نعلم التبعات النفسية و المادية على طرفي الزواج، إضافة إلى الطرف الثالث الذي يمثله الأبناء سواء كانوا أطفالا في أمس الحاجة إلى الحنان الأبوي و الأموي، أو مراهقين أو شبابا.. و بخصوص العنوسة، فمعدلات العنوسة جاءت صادمة في الوطن العربي، فبالمغرب العربي، بلغ عدد العوانس إلى أكثر من 20 مليون شاب و شابة.. فكل هذه المعطيات، تدفعنا إلى دق جرس إنذار حقيقي، و حث كل الجهات الفاعلة و المسؤولة باتخاد إجراءات حاسمة من أجل إعادة الإعتبار لمؤسسة الزواج...