فلئلاَّ يُلَبَّسَ الحقُّ بالباطل فإنه ينبغي التفريقُ بين حكم مشاركة المرأة سياسيًّا في النظام الإسلاميِّ، وبين الأنظمة السياسية الأخرى، وخاصَّةً النظام الديمقراطيَّ الذي سارت عليه معظم البلدان الإسلامية. ومشاركة المرأة سياسيًّا في النظام الإسلاميِّ يُنْظَر إليها من حيث مشاركتُها للترشيح لمَنْصِب الخليفة (رئيس الدولة) أو مشاركتها لبقيَّة الولايات العامَّة، أو من حيث مشاركتُها في اختيار الخليفة وانتخابه، أو انتخاب الوُلاَة واختيارهم. ومن جهةٍ أخرى يُنْظَر إليها من حيث مشاركتُها للترشيح في عضوية مجلس الشورى، ومن حيث مشاركتها لاختيار أعضائه وانتخابهم. أمَّا بخصوص تولِّي منصب الخليفة (رئيس الدولة) أو ما يقوم مقامَه من سائر المسئوليَّات الكبرى والولايات العامَّة فإنَّ الذكورة فيه شرطٌ مُجْمَعٌ عليه، قال الجوينيُّ -رحمه الله-: «وأجمعوا أنَّ المرأة لا يجوز أن تكون إمامًا»(1-[«الإرشاد» (427).])، وهو ما نصَّ عليه ابن حزمٍ -رحمه الله- في «مراتب الإجماع»(2-[(126).]) لِما رواه البخاريُّ وغيره من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»(3-[أخرجه البخاري في «المغازي» باب كتاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى كسرى وقيصر (4425) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.]). قال الشوكانيُّ -رحمه الله-: «فيه دليلٌ على أنَّ المرأة ليست من أهل الولايات، ولا يحِلُّ لقومٍ توليتُها، لأنَّ تجنُّب الأمر الموجِب لعدم الفلاح واجبٌ»(4-[«نيل الأوطار» (10/ 255).]). هذا، وإذا كان لا يحقُّ لها أن تتولَّى منصبَ الخلافة أو الإمامة فلها أن تشارك -عن بُعْدٍ- في إبداء رأيها فيمن يصلح لهذا المنصب، من غير أن تكون عضوًا في المجلس الشوريِّ إذا ما احتيج إليها، لأنَّ إبداء الرأي من لوازم المشاورة ومقتضيَاتها وتدخل في عموم قوله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38]، ويدلُّ على ذلك ما نقله ابن تيمية في قصَّة انتخاب الخليفة بعد وفاة عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه مِن بين الستَّة الذين اختارهم عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال: «بقي عبد الرحمن يشاور الناسَ ثلاثةَ أيَّامٍ، وأخبر أنَّ الناس لا يَعْدِلون بعثمان، وأنه شاور حتَّى العذارى في خدورهنَّ»(5-[«منهاج السنَّة» لابن تيمية (6/ 350).]). - أمَّا مجلس الشورى القائم على أركان الحكم في الإسلام، والذي تجري المشاورة فيه مع الأمَّة في الأمور الشرعية الاجتهادية التي لا نصَّ فيها، فإنَّ أهل الشورى هم أهل الحَلِّ والعقد الذين يقومون باختيار الخليفة عند شغور منصبه، ويراقبون تصرُّفاتِه وتصرُّفاتِ نُوَّابه، فهذا المجلس الذي يجمعهم يقوم بوضع التنظيمات اللازمة لإدارة شؤون الدولة طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية المنصوص عليها في الكتاب والسنَّة، ووفقًا للأحكام الشرعية الناتجة عن طريق الاجتهاد والاستنباط، وهو غير المجلس الشعبيِّ أو مجلس الأمَّة أو البرلمان كما هو معهودٌ في النظام الديمقراطيِّ، فإنَّ للمرأة أن تبديَ رأيها -بمنأىً عن المجلس الشوريِّ في اختيار أهل الشورى وانتخابهم- إذا كانت من أهل الاجتهاد والرأي، لأنَّ الاجتهاد والإفتاء غيرُ مقصورٍ على الرجال وغيرُ محظورٍ على النساء، وموضوعُ الاجتهاد شاملٌ لشؤون الدولة وعلاقة الخليفة بالأمَّة، وقد صرَّح الفقهاء بأنَّ الأنوثة لا تمنع الأهليَّةَ للإفتاء والاجتهاد(6-[«أدب القاضي» للماوردي (1/ 628).])، وقد قال ابن حزمٍ -رحمه الله- في «الإحكام»: «لو تفقَّهت امرأةٌ في علوم الديانة لَلَزِمَنا قَبولُ نذارتها»(7-[(3/ 324).])، وقد أشارت أمُّ سلمة رضي الله عنها على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بنحر بَدَنةٍ وفعل ذلك(8-[أخرجهالبخاري في «الشروط» (2731)، وأحمد(19442)، من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه.])، وكذلك خولة بنت ثعلبة وعظت عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين(9-[قال ابن كثيرٍ -رحمه الله- في «تفسيره» (4/ 402): «وقال ابن أبي حاتمٍ: حدَّثنا أبي: حدَّثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة، حدثنا جريرٌ -يعني: ابن حازم- قال: سمعت أبا يزيد يحدِّث قال: لقيت امرأةٌ عمر يقال لها: خولة بنت ثعلبة، وهو يسير مع الناس فاستوقفته فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأْسَه ووضع يديه على منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت، فقال له رجلٌ: يا أمير المؤمنين، حبستَ رجالات قريشٍ على هذه العجوز، قال: ويحك وتدري من هذه؟ قال: لا. قال هذه امرأةٌ سمع الله شكواها من فوق سبع سمواتٍ، هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عنِّي إلى الليل ما انصرفتُ عنها حتى تقضيَ حاجتها إلاَّ أن تحضر صلاةٌ فأصلِّيها ثمَّ أرجع إليها حتى تقضي حاجتها. هذا منقطعٌ بين أبي يزيد وعمر بن الخطَّاب وقد روي من غير هذا الوجه».]). غير أنَّ المرأة -وإن جازت لها المشاركة من بُعدٍ في أعمال مجلس الشورى بإبداء الرأي في أمور الدولة إن كانت من أهل الرأي والاجتهاد- إلاَّ أنه لا تَلزم مشاركتها البدنية بأن تكون عضوًا في المجلس الشوريِّ لِما يترتَّب على عضويتها فيه من محاذيرَ منها: - تزاحُم عمل المرأة في بيتها -الذي هو الأصل الذي هي المسؤولة عنه، وهو في حقِّها من قبيل الواجب العينيِّ- مع الخروج لأجل المشاركة السياسية وهي واجبٌ كفائيٌّ، وحالَ التعارض والتزاحم يُقَدَّم العينيُّ على الكفائيِّ كما هو مقرَّرٌ أصوليًّا، وخاصَّةً أنَّ الكفائيَّ هنا يسقط وجوبُه بقيام الرجال به. - وكذلك اعتبار العضوية في مجلس الشورى وظيفةً عامَّةً يُسترزق منها ويُكْتَسب بها، والمرأة مكفيَّةُ المؤونة إمَّا بوليِّها أو زوجها. - فضلاً عن اختلاطها بالرجال من أعضاء المجلس أو الخلوة ببعضهم. فالحاصل أنَّ المرأة وإن كانت لا تصلح سياسيًّا في المشاركة لتولِّي منصب الخليفة (رئيس الدولة) ولا العضوية في مجلس الشورى إلاَّ أنها تصلح -وفق الشروط الواجبِ توافُرُها(10-[وهي: الإسلام والعقل، والبلوغ، والعدالة فلا تُعْرَفَ بفسقٍ ولا إصرارٍ على معصيةٍ، مع حُسن رأيٍ ومعرفةٍ بالأشخاص.]) في المرأة- لأن تبديَ الرأي فيمن يتولَّى منصبَ الخلافة ويصلح لها على وجه الاستقلال عن مجلس الشورى إذا احتيج إلى حُسن رأيها ورجاحة عقلها وسداد قولها، وبهذا المعيار نفسه تشارك بالرأي -أيضًا- في اختيار أعضاء مجلس الشورى من أهل الحَلِّ والعقد. - أمَّا الأنظمة الأخرى -وخاصَّةً النظام الديمقراطيَّ بقواعده وأحكامه القانونية المستمدَّة من أعراف الناس وما هُدِي إليه عقلُ الإنسان من خلال ممارسته لشؤون الحياة أو ما نتج من الأوضاع المتوارثة- فهو مخالفٌ -من حيث المصدر- للشريعة الإسلامية، لأنَّ مصدرها الوحيُ الإلهيُّ، فكلُّ الأحكام مستمدَّةٌ من الكتاب والسنَّة أو مستلهَمةٌ من مقاصد الشريعة وأسرارها، والنصوص الشرعية تأبى أن تجعل حاكمًا غيرَ الله سبحانه وتعالى أو شريكًا له في الحكم، لقوله تعالى: ﴿وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 26]، وقوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾ [الشورى: 10]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: 105]، وقوله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]، وغيرها من الآيات، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(11-[أخرجه البخاري في «الصلح» باب إذا اصطلحوا على صلح جَوْرٍ فالصلح مردودٌ (2697)، ومسلم في «الأقضية» (1718)، من حديث عائشة رضي الله عنها.])، وفي لفظٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(12-[أخرجه مسلم في «الأقضية» (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها.]). وعليه فالمشاركة في كلِّ ما خالف حُكْمَ الله الذي هو مِن مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرُّفه فهو اعتداءٌ وطغيانٌ على من له الحكمُ وإليه يرجع الأمرُ كلُّه قال تعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54]، وهذا الاعتداء على حقِّ الله سبحانه في الحكم يظهر جليًّا في جَعْل الشعب مصدرَ السلطة في النظام الديمقراطيِّ الذي معناه: «حكمُ الشعب بالشعب من أجل الشعب» الذي يترتَّب على اعتقاده واعتناقه والعمل به المفاسدُ التالية: 1- الوقوع في شرك الحاكمية وذلك بجَعْل الشعب شريكًا مع الله في الحكم وهو من شرك الربوبية، ويتجلَّى ذلك عن طريق نُوَّاب الشعب المنتخَبين الذين يظهر عملُهم في سَنِّ وتشريعِ قوانينَ وضعيةٍ وإلغاءِ أحكامٍ شرعيةٍ، حيث يُعْرَف الحقُّ في البرلمان بكثرة الأصابع والأيادي المرفوعة في المجالس النيابية، ولو كانت تأييدًا لِما حرَّمه الله تعالى كالفواحش والمنكرات والشركيات والنوادي الليلية ومصانع الخمر وغيرها. 2- اتِّهام الشريعة بأنها لا تصلح أن تكون نظام حكمٍ وأنها عاجزة عن إصلاح حياة الناس، واستبدالها بنظامٍ آخَر. 3- عدم مراعاة الضوابط الشرعية في المنتخَبين والمنتخِبين، فاشتراط العدالة منتفٍ فيهما، وهذا -ولا شكَّ- ينافي قولَه تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: 143]، وقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: 2]، وغير هذا من النصوص الشرعية. لذلك يلاحظ الجَوْرُ وعدمُ العدل في الانتخابات في النظام الديمقراطيِّ، حيث تعتمد على المساواة بين صوت المسلم والكافر، والرجل والمرأة، والأمين والخائن، وصوت أهل الحَلِّ والعقد وأهل اللهو والمجون، وقد حرَّم الله مثل هذه التسوية في قوله تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ. مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم: 35-36]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ [ص: 28]. 4- التسابق السياسيُّ يُفضي -بطريقٍ أو بآخَرَ- إلى انتظام المسلمين ضمن أحزابٍ سياسيةٍ متنازعةٍ ومتناحرةٍ، يوالون عليها ويعادون، مضيِّعين لمبدإ الولاء والبراء للإسلام وهو أوثق عُرى الإيمان، كما يتَّخذون الحزبيةَ -ضمن ما يمليه الدستور في النظام الديمقراطي- وسيلةً ليصلوا إلى الحقِّ بالباطل، لأنَّ «الغاية عندهم تبرِّر الوسيلة»، وهذه القاعدة الميكيافيلية يهودية الأصل، وقد ذكر ابن القيِّم -رحمه الله- في كتابه «إعلام الموقِّعين»(13-[(3/ 134-159).]) تسعةً وتسعين دليلاً على تحريم الوسائل التي تؤدِّي إلى الحرام، وعليه فإنَّ الانتظامَ في أحزابٍ على هذا المفهوم ممزِّقٌ لجماعة المسلمين ومفرِّقٌ لكلمتهم ومشتِّتٌ لوحدتهم، وقد أمر الله تعالى بالوحدة والاجتماع ونهى عن الفرقة والاختلاف فقال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: 159]، وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: 31-32]. فهذا غيضٌ من فيضٍ، والمفاسد المترتِّبة على هذا النظام الديمقراطيِّ المعمولِ به كثيرةٌ ومحاذيرُها خطيرةٌ، وعلى المسلم أن يسلك سبيلَ البرِّ والتقوى والتعاون عليهما، وأن يَدَعَ سبيلَ الإثم والعدوان ولا يتكتَّل عليهما قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة: 2]، وليس من البرِّ والتقوى المشاركةُ في البرلمانات، سواءٌ في عضويتها أو انتخاب أعضائها لِما فيها من مخالفاتٍ شرعيةٍ ومحاذيرَ شركيةٍ، وإنما هي من التعاون على الإثم والعدوان، كما يلحقُ الحكمُ سائرَ أنماط الانتخابات الأخرى: كالانتخابات الرئاسية والولائية والمحلِّية، فإنَّ جميعها لا يُعَدُّ من التكاليف المأمورِ بها شرعًا، لأنها مسؤولية أهل الحَلِّ والعقد في النظام الإسلاميِّ، وواجبُ الأمَّة اختيار الكفء لهذه المناصب العليا وَفْقَ معاييرَ شرعيةٍ موضوعةٍ لهذا الشأن مع امتداد واجبهم إلى مراقبة تصرُّفات أصحاب القرار من أهل هذه المناصب وإلى نُوَّابهم ومدى مطابقتها لأحكام الدين ومقاصد التشريع، لذلك لا ينبغي للمسلم أن يُقْحِمَ نفْسَه في معترك الفتن، بل مقتضى التقوى يوجب عليه أن ينزِّهها عن أيِّ تزكيةٍ لها بالمشاركة لهذا النظام المستبدِل لشريعة الإسلام لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، حتى يلقى الله بقلبٍ سليمٍ، وما تقرَّر -لاحقًا- فهو شاملٌ للذكور والإناث على حدٍّ سواءٍ.