مثل نبات الفطر انتشرت موائد الشيشة في بعض شواطيء ضواحي الرباط، خاصة "عندما يأتي المساء"،كما كان يغني محمد عبد الوهاب، ويرخي الغروب سدوله، وتغيب الشمس، مخلفة وراءها لوحة ملونة مرسومة في الأفق البعيد.أغلب مستهلكي الشيشة شباب من الجنسين، يجلسون على موائد منصوبة فوق الصخر، تحت أضواء خافتة، وشبه منعدمة، ويسبحون بعيونهم وراء سحب دخانها، وهم يسحبون أنفاسا عميقا منها، بنكهات مختلفة من طعم الفواكه ،مع رشفات من كؤوس الشاي أو فناجين القهوة وغيرها، غير أبهين بالأخطارالكامنة فيها. لقد قال عنها لحسين نيزور، باحث مهتم بعلم الاجتماع، بأن الشيشة من أخطر الآفات التي غزت المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة. ووصفها الطبيب الدكتور محمد الفاطمي بكونها مصدر العديد من الأمراض التي تنخر الصحة من الداخل، ،موضحا أن تدخينها لمدة ساعة واحدة فقط،يعادل تدخين عشرين سيجارة. وتستقطب موائد الشيشة، على الشواطيء ،فئة واسعة من الشباب،من الجنسين،.سعاد،ش، واحدة منها قالت لموقع " هيبريس "،وهي تسحب نفسا عميقا من شيشة موضوعة أمامها على الطاولة،إن تدخينها يمنحها الشعور بأنها أكثر حرية،ويجعلها تحلق بجناحيها فوف سحب الدخان المنبعثة منها،لتنسى هموم الدنيا. وأضاف شاب مرافق لسعاد جالس بجانبها، ،إن موائد الشيشة هي أنسب مكان للتلاقي بين الشباب في غياب أندية تكون قادرة على استيعابهم في فصل الصيف. لكن هذا الشاب لم يقل الحقيقة ،وهي أن هذه الموائد ليست فضاأت للنقاش الفكري البرئ،وقضاء الوقت في المفيد من الهوايات،بل أنها أماكن لممارسة الرذيلة بالفعل،بكافة أشكالها وأنواعها،ومنها استعمال المخدرات والحشيش،بعيدا عن العيون، وتحت جنح الظلام. وعموما لاتنظر السلطات المحلية في الرباط بعين الرضا إلى انتشار ظاهرة مقاهي الشيشة،في المدينة، فهي مجرد "جحور" ، حسب تعبير أحد المسؤولين ،خاصة بعد تناسل "المقاهي تحت ارضية"،والتي تشبه ديكوراتها أجواء الكهوف، وسط ضوء خافت،مما يسمح باقتراف كل الموبقات. وقد قامت السلطة مرارا بمداهمتها في حملات أمنية واغلقت البعض منها ، ومنها مقهى شهير بالرباط، بحي أكدال. ومن هنا يستغرب بعض الأباء وأولياء الأمور لهذا التناقض ، وهم يضعون أيديهم على قلوبهم، خوفا على أبنائهم وبناتهم من الانحراف. " لماذا تكون السلطة حازمة مع المقاهي وسط المدينة، وتتساهل في نفس الوقت، مع انتشار ظاهرة موائد الشيشة في بعض الشواطيء؟ إنها مفارقة غريبة لاتفسير لها." يعلق عبد العاطي فاريشي، وهو يصحب أفراد أسرته في نزهة ليلية على كورنيش البحر. لكن صوت الرجل يضيع مع صوت انكسار الموج على الشاطيء،وأصداء الموسيقى المنبعثة من المقاهي المزروعة على الكورنيش، في حين تغمر رائحة الشيشة المكان، وهي تطلق في الجو سحبا من الدخان، متحدية..السلطة والأباء والعالم... والناس اجمعين...