ربما هم مواطنون منبوذون، أو شعب منبوذ – مع بعض الحالات الخاصة- ولكن حتى أقرن الحاضر بالماضي القريب،فكان لزاما علي أن أفرد المجموع، حتى أجذب القارئ –الذكي- إلى المقال. المواطن المنبوذ لن يجد الوقت لكتابة يومياته ، فكيف يجد الوقت لنشر كتابه الخاص ، إنه شخص لم يدرس ، وإن درس فإنه واحد من اثنين : لا زال يدرس حتى هذه اللحظة أو درس حتى حقد على القراءة والكتابة ، فكيف سيقرأ كتابا لشخص منبوذ . لذاك فقد أمثل هذا المواطن – بدون انتخابات- حتى ولم أقدم له " الزرقة". ما يميز المواطن المنبوذ، أنه نسخة طبق الأصل لأخيه و أخته، وابن حيه وجاره وبن مدينته ولكل مغربي ينتمي إلى المجموعة التي ذكرت سابقا،إنها رواية تكررت وستتكرر طويلا، لها نفس البداية ونفس النهاية ونفس الأحداث، أما الفرق ففي المكان الزمان. ليس هذا وحسب، بل إن كل أيامه متشابهة، فإذا ما وسوس له الشيطان كتابة يومياته، فيكفيه يوم واحد مضروب في عدد أيام حياته، ليحصل على كتابه الخاص...ولكني نسيت أن هذا المواطن قد لا يجد ثمن " الفوطوكوبي" . إنه مواطن يستيقظ كل يوم ، تاركا وراءه جيشا من الأطفال ، و أب وأم (رغم كل الظروف فإنه لا يرسل أبويه إلا دار العجائز) ، يكون فطوره شاي وخبزا –خلفه بالأمس- وقد يجد الزيت إن حالفه الحظ ، أما عمل هذا المواطن فهو عمل كل أشقاءه المنبوذين ، إنه البحث عن عمل في " أنابيك" للفقراء أم ما يصطلح عليه " الموقف" ، إن حالفه الحظ فإنه يجد " بريكول" ، ويستفيد من ثمنه ليكون قوتلأيامه المقبلة ، أما إن لم يحالفه الحظ ، فسيكون رفقة زملائه يتبادلون أطراف الحديث وربما أطراف " الحشيش " أيضا. هذا المواطن لا يعرف في عمله ما يسمى ب" لاصيرونص" –التأمين- لذلك فكثيرا ما نجده من زبائن المستشفيات العمومية ، والتي كلما ترى أمثاله ، تقدم لهم الدواء الأحمر والضمادة ، دون أن تقوم بفحصه بتجهيزات غير طبية -رغم أنها تسمى بالطبية- لأنها تعرف مسبقا أنه لا يملك "القهيوه " ...
إنه شخص يصوم كل السنة ،(إلا إذا سمينا ما يجود عليه به رب العمل غذاءا) ، شخص لا يملك مشاريعا مستقبلية ، إن المواطن المنبوذ لم يدرس أصلا ، أو درس في المدارس الحكومية ، درس خوفا من أبيه ، الذي كان منبوذا هو الأخر ،إنه شخص حتى وإن حالفه الحظ ووصل إلى مرتبة معينة ، لم يصل لها لا بمال أبيه أو نسبه ، بل بعمله إنه شخص نبذه المجتمع ...كلا بل إنه هو المجتمع المنبوذ.