ناقش مفكرون وأكاديميون وباحثون متخصصون في إطار ملتقى فكري نظم بفاس آليات نشأة ما يعرف بالسلطات أو المؤسسات المستقلة وتطورها داخل الأنظمة المقارنة وفي النظام المغربي ومرامي وأهداف دسترتها. وأكد المشاركون في هذا الملتقى، الذي نظمته جامعة سيدي محمد بن عبد الله، بشراكة مع الجمعية المغربية للقانون الدستوري، والمؤسسة الألمانية (هانس سيدل)، حول موضوع "السلطات المستقلة في دستور 2011 .. أي مضمون وأي آثار ¿"، أن أهمية ما يعرف بالسلطات المستقلة لا يمكن فهمها إلا عبر الاطلاع على المهام والأدوار التي تقوم بها والتي تطال العديد من القطاعات والمجالات الحيوية اقتصادية كانت أو اجتماعية وغيرها. وأوضح المتدخلون أن الهدف الذي سعت الدولة إلى تحقيقه من خلال دسترة بعض السلطات المستقلة ضمن الدستور الجديد لسنة 2011 هو تحقيق التقدم الاقتصادي، وتوجيه الأنظمة نحو الحداثة ثم شرعنة الاتجاه التنموي، مشيرين إلى أن الاتجاه نحو دسترة العديد من هذه السلطات المستقلة يروم، بالأساس، تقوية ودعم أدوارها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية. واعتبروا أن هذه السلطات المستقلة التي جاء بها الدستور المغربي في إطار تعزيز الحكامة الجيدة، واعتماد الشفافية تقوم بأدوار جد مهمة وأساسية تشبه الأعمال التمهيدية السابقة على إصدار القرارات والأحكام، مؤكدين أن النصوص القانونية التنظيمية لم تكتف بمنح هذه السلطات المستقلة سلطة التأثير في إصدار القرارات بل تجاوزت ذلك إلى منح بعضها سلطة إصدار قرارات. وأشار المتدخلون إلى أن مجالات المؤسسات المستقلة توزعت، في إطار الدستور الجديد، على ثلاثة أنماط منها هيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وهيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية ثم هيئات الحكامة، مؤكدين أن مجلس المنافسة يبقى أحد المؤسسات الهامة في المشهد السياسي والمؤسساتي المغربي لما ينتظر منه من أدوار جد مهمة. وبرأيهم فإن مجلس المنافسة يعتبر هيئة مستقلة مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار. وحسب المتدخلين فإلى جانب هذا المجلس تمت دسترة مجموعة من المؤسسات والهيئات الأخرى كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة وغيرها. وخلص المتدخلون إلى التأكيد أن الأدوار التي تقوم بها هذه المؤسسات والهيئات تظل جد مهمة وتبرز توجه الدولة وإرادتها الاشتغال بمنظور شمولي في مختلف القضايا مع نزع الطابع السياسي عن مجال السياسات العمومية وتحقيق التنمية المستدامة. يشار إلى أن المشاركين في هذا الملتقى، الذي نظم بتعاون مع كلية الحقوق بفاس واستمر يومين، ناقشوا موضوع السلطات المستقلة في إطار ثلاثة محاور أساسية ركز الأول على القوانين المؤطرة لهذه المؤسسات المستقلة، بينما عالج المحور الثاني موضوع كيفية تدخل هذه المؤسسات، في حين بحث المحور الثالث قضية وسائل وآليات المراقبة.