يتوجه أكثر من 13 مليون ناخب مغربي غدا الجمعة إلى صناديق الاقتراع للتصويت على مشروع دستور يؤسس للملكية الثانية بالمغرب لما تضمن من تشارك بين الملك والحكومة في تدبير شؤون الدولة في اتجاه الملكية البرلمانية وفصل السلط. وقال بلاغ لوزارة الداخلية المغربية إن عدد الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية بلغ 13 مليوناً و106 آلاف و948 ناخبا بعد حصرها بصفة نهائية يوم 6 حزيران/يونيو الجاري (54.8 بالمئة من الرجال و45.2 بالمئة من النساء). ويشارك في الاستفتاء، بالإضافة إلى المواطنين المسجلين باللوائح الانتخابية، العسكريون العاملون أيا كانت رتبهم وقوات الامن (الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة) وبوجه عام جميع الأشخاص الذين لهم الحق في حمل السلاح خلال مزاولة مهامهم كما يشارك في الاستفتاء أيضا المواطنون المسجلون في السفارات والقنصليات المغربية والمغاربة المقيمون بالخارج. ويشكل هذا الاستفتاء المحطة ال27 ضمن مسلسل الاستشارات الشعبية التي باشرها المغرب منذ الاستقلال (26 عملية انتخابية منها تسعة استفتاءات). وتميزت الحملة الاستفتائية التي انطلقت يوم الثلاثاء 20 حزيران/يونيو بمسيرات وتظاهرات وتجمعات نظمها مؤيدو الدستور الجديد ومعارضوه، وسجلت تظاهرات حركة 20 فبراير الشبابية ومناهضوها الحدث الابرز في هذه الحملة. كما تميزت الحملة بفتح وسائل الاعلام الرسمية والخاصة امام معارضي الاستفتاء لاول مرة بتاريخ البلاد رغم التحفظات التي ابداها هؤلاء المعارضون حول المساحة الزمنية التي خصصت لهم. وسجلت الحملة حضورا مكثفا لموفدي الصحافة العربية والاجنبية وتوقف المراقبون امام بعثة قناة 'الجزيرة'، القطرية التي قررت المشاركة في تغطية الاستفتاء رغم قرار سابق للسلطات باغلاق مكتبها بالرباط. وقال موقع 'لكم' المغربي ان أي قرار رسمي عن السلطات الوصية لم يصدر ليبرر تراجعها عن قرارها السابق القاضي بسحب اعتماد مراسليها، وسحب رخص التصوير من مصوريها، قبل أن تقرر إغلاق مكتبها الإقليمي بالرباط. وبررت السلطات المغربية قراراتها السابقة في تشرين الاول/اكتوبر الماضي والقاضية بإغلاق مكتب 'الجزيرة' وحرمان مراسليها في المغرب من وسائل عملهم، بكون القناة القطرية 'غير مهنية' و'غير محايدة' في تغطياتها للقضايا المغربية. وقالت تقارير صحافية ان الاذن الذي منح لقناة 'الجزيرة' للعمل بالمغرب صالح لاسبوع واحد فقط. واوضحت ان قرار السلطات السماح للقناة القطرية الأكثر مشاهدة في العالم العربي، هو محاولة لتجنب الأذى الذي يمكن أن تجلبه عليهم مقاطعتها خاصة في لحظة مهمة مثل الاستفتاء على الدستور. وأفاد تقرير للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن الخبراء والجامعيين سجلوا أكبر حيز للتدخلات في برامج وسائل الاتصال السمعية البصرية، العمومية منها والخاصة، المتعلقة بالاستفتاء الدستوري، وذلك بحوالي 37 بالمئة. وتناولت هذه التدخلات تقديم وشرح مقتضيات مشروع الدستور الجديد، حسب التقرير الذي قدمته الهيئة العليا امس الأربعاء بالرباط، حول احترام تعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي خلال فترة الاستفتاء، بناء على التتبع الذي قامت به الهيئة منذ الخطاب الملكي يوم 17 إلى غاية 25 حزيران/يونيو الجاري. وتم تسجيل هذه النسبة على مستوى 1392 برنامجا خاصا بالاستفتاء الدستوري بثته وسائل الاتصال السمعية البصرية وناهز فيها إجمالي مدة التدخلات 120 ساعة ونصف ساعة تتوزع ما بين النشرات الإخبارية والمجلات والبرامج الخاصة، وذلك خارج حصص التداخلات المباشرة الخاصة بالأحزاب السياسية والنقابات في القنوات التلفزية والإذاعات العمومية. وتأتي الأحزاب في المرتبة الثانية على مستوى التدخلات في هذه البرامج ب 26 بالمئة، تتوزع ما بين 52 بالمئة لأحزاب الأغلبية و40 بالمئة للمعارضة و8 بالمئة للأحزاب غير الممثلة في البرلمان، في حين سجلت النقابات 4 بالمئة من التدخلات. وبالموازاة مع إقرار الأمازيغية كلغة رسمية في مشروع الدستور، حظي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بحصة هامة من تدخلات المنظمات الوطنية (3 بالمئة عموما) في هذه البرامج وذلك بنسبة 47 بالمئة، إلى جانب مجلس المغاربة المقيمين في الخارج (26 بالمئة) والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (18 بالمئة) وعلى مستوى تدخلات المجتمع المدني (12 بالمئة)، ابرز التقرير حضور المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات بنسبة 12 بالمئة منها وحركة 20 فبراير ب5 بالمئة، وشملت التدخلات الأخرى (18 بالمئة) رأي الشارع وآراء المواطنين على الهواء. وانتقد الحزب الاشتراكي الموحد (يسار معارض) مضايقات قال إن مناضليه تعرضوا لها من قبل السلطة، لمنعهم من الدعوة لقرار الحزب بمقاطعة الاستفتاء على الدستور. وقال ان مشاركة الحزب في الحملة الاستفتائية عبر قنوات الإعلام 'العمومي 'لم تسلم من التلاعب والتضييق وصل إلى منع أحد الرفاق من الدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء'. وأدان الحزب بقوة ما اسماها عودة 'أساليب العهد البائد في إطار سياسة القمع الممنهج التي أضيف لها استخدام مجموعات البلطجية وبعض الجماعات الدينية وعناصر الفساد الانتخابي'، محذرا من ' المنزلق الخطير الذي تقود السلطات المغربية البلاد إليه ويحملها كافة المسؤولية إزاء ذلك'. ويتساءل: 'عن أية حريات واي حقوق للمعارضة يتحدث مشروع مراجعة الدستور؟' واتهم البيان السلطة بشن 'هجمة جديدة على حركة 20 فبراير وضمنها مناضلات ومناضلي الحزب الاشتراكي الموحد مسخرة في اعتداءاتها الجديدة عصابات من ذوي السوابق الإجرامية العدلية والانتخابية'. واستنكر المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير في المغرب ما اسماه 'البلطجة الإعلامية الرسمية المتمثلة في الحصار الإعلامي الذي ضربته القنوات الرسمية على تظاهرات حركة 20 فبراير السلمية في الوقت الذي فتحت فيه المجال واسعا للتظاهرات المخدومة والمدعومة من طرف السلطة.' ودعا إلى 'جعل اليوم الخميس يوما وطنيا للنضال من أجل التعبير عن الرفض القاطع لمشروع الدستور الممنوح والدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء.' واعتبر المجلس الذي يضم عشرات المنظمات والاحزاب المغربية في بيان اصدره امس الاربعاء ان احتجاجات الخميس 'مواصلة للمعركة التاريخية السلمية والحضارية ضد الفساد والقهر والاستبداد، ومن اجل الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان'. وجدد البيان تأكيد 'أن طرح مشروع الدستور للاستفتاء لن يوقف نضالات حركة 20 فبراير' لانه 'لا يتجاوب لا من حيث الشكل ولا المضمون مع طموح الحركة التي تنشد دستورا ديمقراطيا يفتح الباب أمام بناء الديمقراطية بالمغرب.'