أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد صلاح الدين مزوار، اليوم السبت بطرابلس، أن "بناء فضاء مغاربي مندمج ومتكامل، في ظل عالم لا مكان فيه للضعفاء والكيانات الهشة، رهين بتوفر الإرادة الساسية القوية". واعتبر السيد مزوار، في كلمة خلال حفل أقيم بالعاصمة الليبية بمناسبة الذكرى 25 لتأسيس الاتحاد المغاربي، بحضور رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، ووزراء خارجية بلدان الاتحاد الخمس، أن هذه الإرادة السياسية هي التي "يتوقف عليها توفير شروط مناخ مغاربي مطبوع بالتفاهم والتعاون ضمن رؤية استراتيجية تشاركية متعددة الأطراف، سواء في علاقات دول الاتحاد بعضها ببعض أو مع التكتلات الجهوية". وأكد السيد صلاح الدين مزوار، في هذا السياق، "عزم المملكة المغربية على السير بخطى ثابتة مع باقي الأشقاء المغاربيين على درب بناء الصرح المغاربي، على أسس متينة استنادا إلى روح ومنطوق معاهدة مراكش التأسيسية". وذكر، في هذا الصدد، بأن المغرب بوأ اتحاد المغرب العربي مكانة دستورية مرموقة، وجعله أولوية استراتيجية ضمن سياسته الخارجية، وأساسا لانتمائه وامتداده العربي والإفريقي، وذلك "إيمانا منه بأن الطريق الأنسب لتحقيق تطلعات شعوب المغرب العربي تكمن في الوحدة والتنمية والأمن والاستقرار، لمواجهة تحديات العولمة ومتطلبات التنمية بتبعاتها المتعددة، والتصدي للإرهاب والجرائم العابرة للحدود". وشدد السيد مزوار على أن تفعيل التعاون بين بلدان الاتحاد أصبح "ضرورة قصوى" في ظل التهديدات الإرهابية المحدقة بالمنطقة المغاربية، وخاصة تلك القادمة من منطقة الساحل الإفريقي، مستدلا بما انتهى إليه المؤتمر الوزاري الإقليمي حول أمن الحدود الذي احتضنه المغرب متم السنة الفارطة، والذي توج ب"إعلان الرباط" الذي دعا إلى توحيد الجهود لتوفير الأمن والاستقرار بهذه المنطقة. من جهة أخرى، سجل السيد مزوار أنه من الموضوعي الإقرار بعد مضي ربع قرن على قيام الاتحاد المغاربي أن هذا الفضاء "لم يرق إلى طموحات شعوب المنطقة، وإلى مستوى التحديات المطروحة علينا"، مضيفا أن المنتظم الدولي "ينظر إلى المنطقة المغاربية على أنها عاجزة على بناء علاقات في نطاق متكامل مندمج تسود فيه أواصر مبنية على رؤية موحدة للمستقبل وللتحديات المطروحة". كما سجل أن البلدان المغاربية، وعلى الرغم من توفرها على ما يكفي من الآليات والإمكانيات والنخب القادرة على فهم والتعامل مع تحولات العالم ومع انتظارات شعوب المنطقة، فإنها "لم تتمكن إلى حد الآن من إيجاد الآلية الضرورية لكي نتعامل في ما بيننا بمنظور يستشرف المستقبل". وتوقف، في هذا الإطار، عند التحولات الجوهرية التي تعيشها المنطقة المغاربية والتحديات التنموية التي تجابهها والتي تحتم عليها، يقول الوزير، "بناء قدراتها لمواجهة واقع أصبح لا يرحم الضعفاء ويفرض على الشعوب بناء تكتلات قوية"، محذرا من أن "أي تبديد للوقت هو تبديد لإمكانيات شعوبنا ومنطقتنا في البناء والتنمية والحفاظ على الأمن والاستقرار". وثمن السيد مزوار مبادرة ليبيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد المغاربي، بتنظيم هذا اللقاء الذي يشكل "مناسبة للتقييم الموضوعي"، داعيا إلى "رفع العزيمة والتحلي بالقدرة على البناء في اتجاه المستقبل".