نظرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بسلا، الاثنين الماضي، في أولى جلسات محاكمة رجال الأمن المتهمين في ملف "تزوير محضر حادثة سير"، ذهب ضحيتها رجل أمن من الاستعلامات العامة. ويتابع في الملف، ستة متهمين بينهم إمرأتان، ويتعلق الأمر بضابط يشتغل بمصلحة حوادث السير بالدائرة الأمنية الثالثة بالرباط، وعنصران من شرطة الصقور، تابعان للمنطقة الأمنية ذاتها، وشخص آخر، كاتب المحضر، في حالة اعتقال، من أجل "تكييف وتزوير محاضر رسمية في حادثة سير، راح ضحيتها مفتش للشرطة، والارتشاء"، إضافة إلى المرأتين، المتابعتين في حالة سراح مؤقت، بتهمة الإدلاء بشهادة زور.
وقررت الغرفة ذاتها، تأجيل النظر في الملف إلى 14 مارس المقبل، بعد الاستجابة إلى هيئة دفاع المتهمين الأربعة، التي تقدمت بلتمس تأجيل الجلسة لإعداد الدفاع، ولتخلف دفاع أحد المتهمين عن الحضور، أيضا.
وجاء متابعة المتهمين الستة، على خلفية الشكاية، التي تقدمت بها عائلة رجل الأمن من الاستعلامات العامة الضحية لدى النيابة العامة بالرباط، بعد تأكدها أنها لم تكن هناك مشاكل يمكنها أن تدفع ابنها الضحية إلى الانتحار.
وبناء على الشكاية المقدمة إلى النيابة العامة، حسب مصادر مقربة من الملف تكلفت، في ماي 2010، عناصر أمنية من الشرطة القضائية بالرباط بالتحقيق في ملف مقتل ضابط الاستعلامات العامة، الذي دهسته سيارة، لاذ سائقها بالفرار، قبل أن تفاجأ عائلة الضحية بأن محاضر أمنية رسمية أوردت أن رجل الأمن لقي حتفه انتحارا، ليجري إعادة التحقيق في القضية، بعد تقديم الشكاية، من طرف الضابطة القضائية، التي كشفت أن المتهمين زوروا محضر الحادثة، وجرى اعتقالهم وإحالتهم على قاضي التحقيق باستئنافية سلا، الذي أمر بإيداعهم السجن المحلي "الزاكي"، ووضع الشاهدتين في حالة سراح، تحت المراقبة القضائية. وعلمت "المغربية" من مصدر مطلع أن المحققين استمعوا إلى كل أطراف الملف، ممثلين في عناصر أمن، فضلا عن امرأتين، أوردت في شهادتهما أنهما عاينتا، أثناء مرور موكب زواج كانتا مدعوتين إليه، أن الضحية ألقى بنفسه أمام إحدى السيارات، التي أردته قتيلا في الحين.
ولم ينته تحقيق عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية عند هذا الحد، بل أصر المحققون على الاستماع إلى كافة المدعوين إلى حفل الزواج، لمعاينة مدى مطابقة شهادة المرأة مع شهادات باقي المدعوين، الأمر الذي استحال تطبيقه، لأن قصة حفل الزواج كانت من نسج خيال الشاهدة، التي أكدت أنها لم تعاين الحادثة، ولا عملية الانتحار، بقدر ما كلفت بالإدلاء بهذه المعطيات أثناء استماع المحققين إلى إفادات الشهود.
يذكر أن محمد الكوهن، قاضي التحقيق بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، كان استمع، في أكتوبر الماضي، إلى رئيس المنطقة الأمنية الثالثة بالرباط، كشاهد في ملف "تزوير محضر حادثة سير"، إذ شهدت جلسة التحقيق إجراء قاضي التحقيق بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، مواجهة بين عناصر الأمن الثلاثة المعتقلين وسائق السيارة، ورئيس المنطقة الأمنية الثالثة، وبعض الشهود.
وأكد الضابط المكلف بمصلحة حوادث السير، حسب مصادر مقربة من الملف، أن رئيسه أصدر تعليمات تقضي بتكييف محضر وفاة ضابط الأمن، وإطلاق سراح سائق السيارة، الذي دهس الضحية، وتدوين محضر رسمي، يشير إلى أن ضابط الاستعلامات العامة لقي حتفه انتحارا. مقابل ذلك، أنكر رئيس المنطقة الأمنية الثالثة شهادة الضابط.
وكان قاضي التحقيق استمع، خلال الجلسة الأولى للتحقيق التفصيلي مع المتهمين، في شتنبر الماضي، إلى عدد من الشهود، بينهم رجال الأمن، قبل أن يجري، خلال الجلسة الثانية للتحقيق، مواجهة بين المتهمين وبعض الشهود، بمن فيهم رئيس منطقة الأمن.