بيدرو سانشيز يشكر المملكة المغربية على دعمها لجهود الإغاثة في المناطق المتضررة من الفيضانات    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2025    الصحراوي يغادر معسكر المنتخب…والركراكي يواجه التحدي بقائمة غير مكتملة    مجلس النواب يصادق بأغلبية 171 برلمانيا ومعارضة 56 على مشروع قانون المالية لسنة 2025    جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة :جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب: زخات مطرية وتياقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية محليا قوية اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج 'حوارات'    خناتة بنونة.. ليست مجرد صورة على ملصق !    البرلمانيين المتغيبين عن أشغال مجلس النواب يقدمون مبررات غيابهم ويؤكدون حضورهم        إجلاء 3 مهاجرين وصلوا الى جزيرة البوران في المتوسط    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل    محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج عبد الله بعد 40 عاما من السجن    حماس "مستعدة" للتوصل لوقف لإطلاق النار    جثة عالقة بشباك صيد بسواحل الحسيمة    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"        هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب        الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوثيقة الدستورية بين الممانعة والموافقة
نشر في أخبارنا يوم 12 - 06 - 2011

في غمرة النقاش السياسي الدائر حاليا، تمهيدا لتنزيل الوثيقة الدستورية في الأسبوع الأول من شهر يوليوز القادم للإستفتاء، ارتأينا أن نساهم بهذه الدراسة المتواضعة، لرصد مواقف القوى السياسية وتذبذباتها من الاستفتاءات الدستورية، بدءً بأول دستور لسنة 1962، مرورا بكل المحطات الإستفتائية،وانتهاء بملامح مسودة دستور يوليوز 2011 .
إرهاصات ومواقف القوى السياسية من دستور1962
تكتسي مرحلة مابين 1956( حصول المغرب على استقلاله "الناقص") إلى 1962 (وضع أول دستور ممنوح) مرحلة ذات أهمية قصوى في التاريخ السياسي لمغرب ما بعد الاستقلال، وهي فترة جديرة بالدراسة والتمحيص من طرف الأكاديميين،لاستجلاء تاريخ سياسي غني بالأحداث والوقائع، لكنه منسي ومغيَّب، سواء عن قصد أو دونه، نظرا لما لهذه الفترة من أهمية، لكونها كانت فترة مخاض وصراع بين الفاعلين السياسيين، الأحزاب السياسية فيما بينها من جهة، ومن جهة أخرى زعماء الحركة الوطنية والقصر، حول طبيعة النظام السياسي، أي المطالبة بنظام دستوري يسود فيه الملك ولا يحكم، ولا غرو أن النقاش الدائر حاليا في وسط حركة 20فبراير، بالمطالبة بلجنة تأسيسية لصياغة الدستور، كان من أهم النقاشات لفترة بداية الاستقلال، كما يقول ذ محمد معتصم في كتابه الحياة السياسية المغربية ".. وهذا النقاش لم يكن أكاديميا بل إنه كان يعكس خلافا سياسيا حول أسس المشروعية، والدعائم الإديولوجية للنظام، وتحديد أسمى سلطة فيه، وذلك مابين أنصار السيادة الوطنية الداعين لوضع دستور من طرف جمعية تأسيسية منتخبة، ودعاة السيادة الملكية المدافعين على وضع الملك للدستور وامتلاكه للسيادة الوطنية"(1 )
كما يعتبر معتصم أن" النقاش حول مسألة السلطة التأسيسية ومالك السيادة من النقاشات الأساسية، إن لم يكن أهم نقاش عرفته بداية الإستقلال".
وعلى هذا الأساس انقسمت القوى السياسية إلى فريقين:
فريق يطالب بجمعية تأسيسية لوضع الدستور وهي :
الحزب الشيوعي المغربي
الإتحاد الوطني للقوات الشعبية
حزب الشورى والاستقلال
الحركة الشعبية
فريق يؤيد وضع الدستور من طرف الملك:
حزب الاستقلال
حزب الأحرار المستقلين بزعامة رضى اكديرة.
وفي خضم هذه المرحلة المتوثرة مابين الفاعلين السياسيين و المؤسسة الملكية، التي ستحاول أن تجد مخرجا وتقفل باب النقاش بفرض تصورها الإستراتيجي المتمثل في دستور لنظام ملكية دستورية يسود فيها الملك ويحكم .
وهكذا أعلن عن الدستور يوم 18نونبر1962الذي يخلد الذكرى السابعة لعودة السلطان من المنفى ولعيد العرش، وتم تقديم هذا الإستفتاء على أنه مظهر من مظاهر التلاحم بين العرش والشعب (2) وفي هذا الصدد يقول الحسن الثاني في إحدى خطبه"...هذا الدستور هو قبل كل شيء تجديد لعهد صادق وميثاق مقدس ربط دائما الشعب بملكه".
وكانت المحصلة النهائية لهذه الاستشارة الإستفتائية الأولى من نوعها التي عرفها التاريخ السياسي المغربي حول أول دستور في 7 دسمبر كالتالي:
الهيئات السياسية الموافقة:
حزب الإستقلال
الحركة الشعبية
الأحرار المستقلون(اكديرة)(3)
الهيئات السياسية الممتنعة:
الإتحاد الوطني للقوات الشعبية
الحزب الديمقراطي الدستوري (الوزاني)
الحزب الشيوعي
الإتحاد المغربي للشغل
الإتحاد الوطني لطلبة المغرب.
كما عارضته بعض الشخصيات التاريخية والتي لها وزن وثقل، من قبيل المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي وشيخ الإسلام محمد بلعربي العلوي.
وكانت النتيجة الرسمية للإستفتاء المعلن عنها من طرف لجنة الإحصاء كالتالي :

4.654.955
المسجلون
3.919.737
المصوتون
3.847.015
الأصوات الصحيحة
72.722
البطائق الملغاة
3.733.816
نعم
113.199
لا

إلا أن هذه التجربة الدستورية الوليدة في خضم هذا المناخ السياسي المتوثر مابين الفاعلين السياسيين والمؤسسة الملكية، علاوة على الانتفاضة الجماهيرية لسنة 23 مارس 1965 التي عرفتها مدينة البيضاء وبعض المدن الأخرى،عجلت المؤسسة الملكية بإعمال الفصل 35 من الدستور، بإعلان حالة الاستثناء التي بموجبها تم تركيز كافة السلط بيده، وامتدت هذه الفترة من1965 إلى حين إعلان عن دستور1970.
موقف القوى السياسية من دستور 1970
تميزت فترة الاستثناء بطغيان الهاجس الأمني لدى الدولة، خاصة بعد أجواء التنافر والتوثر الذي طبع الحياة السياسية، وكانت السلطة تراهن خلال هذه المرحلة على تعديل القوى المعارضة لمواقفها.
في هدا المناخ المشحون سيتم عرض مشروع دستور 1970معلنا نهاية حالة الإستثناء، شريطة المصادقة على الدستور.
وما ميز هذا التعديل الدستوري الجديد أنه كرس دسترة حالة الإستثناء، وتراجع قهقري عن مكتسبات الدستور الأول، نظرا لتقليصه لسلطات الحكومة والبرلمان وتجميع كافة السلطات بيد الملك، وبذلك كان مشروع يحمل معه بوادر فشله، وكان إيذانا بميلاد تجربة دستورية ميتة.
مما فسح المجال أمام المعارضة لتقوية جبهتها وذلك بخلق وحدة بين حزب الإستقلال والإتحاد الوطني للقوات الشعبية في إطار تحالف سمي ب"الكتلة الوطنية" يوم 22 يوليوز 1970 لمعارضة الدستور الجديد والمسلسل الإنتخابي.
وكانت مواقف القوى السياسية من استفتاء24يوليوز 1970كالتالي:
الموافقة على التصويت
الحركة الشعبية
الحزب الديمقراطي الدستوري
الممتنعة عن التصويت
حزب الإستقلال
الإتحاد الوطني للقوات الشعبية
حزب التحرر والإشتراكية
النقابات العمالية إضافة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب
أما حزب اكديرة: الحزب الاشتراكي الديمقراطي كان موقفه ضبابي وملتبس
وقد أسفرت نتيجة الإستفتاء كما أعلنتها اللجنة الوطنية للإحصاء على النتائج التالية:

4.847.310
عدد الناخبين
4.515.743
عدد المصوتين
4.479.735
الأصوات المعبر عنها
36.008
الأوراق الباطلة
4.424.735
نعم
55.342
لا

بمجرد الموافقة على الإستفتاء بهذه النسبة المرتفعة، والتي أثارت سجالا واسعا حول مصداقيتها، تمت الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية، تميزت بمقاطعة المعارضة الإتحادية والإستقلالية وحزب التحرر والإشتراكية لها في صيف 1970انسجاما مع مواقفهما من الدستور، ومع ذلك أجريت الإنتخابات وتشكل البرلمان بأغلبية مريحة، في غياب كلي لأحزاب المعارضة.
وفي الوقت الذي ركزت فيه المؤسسة الملكية أنظارها على أحزاب المعارضة بغرض ترويضها على احترام القواعد السياسية المفروضة من فوق ،جاءت المفاجأة من مؤسسة "غير مسيسة" وذلك عن طريق تدخل الجيش في المحاولة الإنقلابية الفاشلة بالصخيرات في يوليوز1971 مما قلب موازين القوى السياسية ، وفتح باب الحوار و المشاورات بين أحزاب المعارضة والقصر كخطوة لمراجعة الأوراق ونقد الذات، وتوجت هذه المفاوضات بإلغاء دستور 1970 والإعلان عن مشروع دستور جديد في خطاب 17فبراير 1972.

دستور 1972 ومواقف الهيئات السياسية
دخول الجيش على خط المواجهة قلب موازين المعادلة السياسية، فالمؤسسة الملكية رمت باللائمة على المعارضة بكونها لا تركز سوى على السلبيات ولا تظهر الجوانب الإيجابية، ومن جهتها أحزاب المعارضة علقت على الحدث "بأن كل حكومة لا تتمتع بالسند الشعبي يكون مصيرها الفشل"(4)
في ظل هذا التجاذب سيتم عرض مشروع تعديل الدستور،وبالرغم من الإيجابيات التي جاء بها بالمقارنة مع الدساتير السابقة، إلا أن المعارضة قررت الإمتناع عن التصويت معتبرة أن الأسلوب الذي تم من خلاله تعديل الدستور يعتبر معاديا للديمقراطية. وأنه دستور لم يأخذ باقتراحاتها التي تفاوضت مع الملكية بشأنها لإدخال إصلاحات سياسية ودستورية منذ 1971. في حين اعتبرته المؤسسة الملكية أنه "يشكل صرحا جديدا"وينم عن "روح الطموح وإرادة الوثبة إلى ألأمام".
وكانت مواقف القوى السياسية من استفتاء مارس 1972 على النحو التالي
الهيئات الممتنعة
حزب الإستقلال
الإتحاد الوطني للقوات الشعبية
حزب التحرر والإشتراكية
حزب الدستور الديمقراطي
الهيئات النقابية: الإتحاد المغربي للشغل و الإتحاد العام للشغالين
الهيآت الموافقة
الحركة الشعبية (احرضان)
الحركة الدستورية الديمقراطية (الخطيب)
وكانت نتائج الإستفتاء حسب قرار الغرفة الدستورية كالتالي:

4.862.009
عدد الناخبين
4.519.923
عدد المصوتين
4.490.647
الأصوات المعبر عنها
29276
الأوراق الباطلة
4.434.910
نعم
55.737
لا

مباشرة بعد الموافقة على الدستور، فتحت المؤسسة الملكية قنوات الحوار مع أحزاب المعارضة لإشراكها في المسلسل الإنتخابي لتسيير المؤسسات الدستورية (برلمان،مجالس محلية، الغرفة الدستورية) غير أن رد المعارضة كان رافضا لأي مشاركة في ظل دستور فيه المؤسسة الملكية مهيمنة على كل المؤسسات السياسية والدستورية وهو ما يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
إلا أن رفع شعار "الإجماع الوطني" حول الصحراء وشعار "المسلسل الديمقراطي" لين مواقف الطرفين وفتح الباب أمام تنازلات لاحتواء المعارضة لإشراكها في الإنتخابات الجماعية 1976و التشريعية 1977
كما شهد دستور 1972بعد قبول أحزاب المعارضة اللعبة الانتخابية وفق قواعده، نشوء أحزاب جديدة أثث المشهد الحزبي المغربي لضمان أغلبية حكومية مريحة، و كذلك اقتراحات ملكية لتعديل الدستور عرضت على الإستفتاء نوجزها كالتالي:
استفتاء 23ماي 1980
يهم تعديل الفصل 21من الدستور بتخفيض سن رشد الملك إلى 16سنة وتركيب مجلس الوصاية.
فباستثناء حزب التقدم والإشتراكية الذي عارض هذا الإستفتاء جميع الأحزاب وافقت.
استفتاء 30ماي1980
يهم تمديد الفترة النيابية من أربع سنوات إلى ست سنوات خلال الفترة النيابية 1977 -1983
استفتاء دجنبر 1989
بتمديد الفترة النيابية إلى ثمانية سنوات خلال الفترة التشريعية 1984 -1992
وكل هذه الاستفتاءات المطالبة بتمديد المدة النيابية لقيت معارضة من طرف أحزاب المعارضة، التي بدأت مواقفها تتصلب وتتشكل، ظهر ذلك في تنسيق مواقفها أثناء وضعها لملتمس الرقابة ضد سياسة الحكومة ماي1990 وليبلغ ذروته في الإضراب العام ليوم 14دجنبر1990.
هذا التصعيد لأحزاب المعارضة، ستأخذه المؤسسة الملكية بعين الاعتبار للدخول معها في مفاوضات حول الإصلاح وذلك من خلال تقديم حزبي الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الإستقلال لمذكرة سنة1991 تروم إدخال إصلاحات سياسية وتعديلات دستورية، وكذلك مذكرة أحزاب الكتلة الديمقراطية المكونة من الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الإستقلال والإتحاد الوطني للقوات الشعبية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي و حزب التقدم والإشتراكية سنة1992.
وبعد نقاشات سياسية واسعة بين الطرفين أخذت المؤسسة الملكية المبادرة وأعلنت في خطاب 20غشت 1992 بمراجعة دستور 1972 الذي عمر قرابة عقدين من الزمن.
سياقات تنزيل دستور 1992
جاء التعديل الدستوري لسنة 1992 كتعبير عن جملة من التغيرات التي طالت الساحة الدولية انهيار جدار برلين 1989 وانهيار النظام الشيوعي في الإتحاد السوفياتي 1991وتداعياته على المعسكر الشرقي برمته، وكذا موجة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة التي اجتاحت دول العالم.
أما على الصعيد الداخلي فهناك عدة عوامل تضافرت، لتكرس وضعا متأزما في ظل استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية بجدولة الديون الخارجية بشروط تندرج في إطار سياسة التقويم الهيكلي والتي انعكست بصورة كارثية على الوضع الاجتماعي .
مما كان لتداعيات هذه الأزمة الوقع الكبير على الوضع الداخلي ظهر جليا ، بتصاعد النضال العمالي وبتنظيم مسيرات نضالية تعكس تطور الوعي الحقوقي للمجتمع المدني بالمطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ناهيك على ضغط القواعد الحزبية على القيادات السياسية لأحزاب الكتلة الديمقراطية برفع سقف المطالب السياسية والدستورية.
ودون الدخول في تحليل مضامين المذكرات الإصلاحية التي رفعتها أحزاب الكتلة الديمقراطية للقصر، سنكتفي بمواقفها ومواقف الهيآت الأخرى من دستور1992
موقف القوى السياسية من استفتاء 4سبتمبر1992
الأحزاب الداعمة
التجمع الوطني للأحرار
الحزب الوطني الديمقراطي
الحركة الشعبية
الحركة الوطنية الشعبية
الإتحاد الدستوري
حزب التقدم والإشتراكية(حليف الكتلة)
الأحزاب الرافضة
حزب الإستقلال
الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
الإتحاد الوطني للقوات الشعبية
منظمة العمل الديمقراطي الشعبي
المركزيات النقابية
إضافة إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي دعا إلى المقاطعة.

نتائج استفتاء 09 أكتوبر 1992
حسب مقرر الغرفة الدستورية رقم 241 مكرر
صادر في 10 من ربيع الأول 1413 ( 08 سبتمبر 1992)

11.461.470
نعم
داخل التراب الوطني
4.844
لا
247.423
نعم
الجالية المغربية بالخارج
5.324
لا
11.708.893
نعم
المجموع العام
10.168
لا


ومن جديد طرحت مسألة التشكيك في مصداقية هذه النتائج المعلنة من طرف الدوائر المشرفة، وهو ما جعلها محط انتقادات شديدة من طرف أحزاب المعارضة، وفي هذا الصدد يقول اليوسفي أحد أقطاب المعارضة " ...... إن ما حصل يوم 4شتنبر وبالأخص نوع النتائج المعلنة دعم قناعات كل من كان متحفظا من أي موقف إيجابي اتجاه الدستور المعدل "(5)
إلا أنه على العموم فإن تعديلات دستور 1992 جاءت ببعض النقط الإيجابية حتى ولو لم ترق إلى ما كانت تطمح إليه أحزاب الكتلة من إدخال إصلاحات جوهرية، على الأقل أنه دشن لمرحلة جديدة لربط جسور التواصل مابين أحزاب المعارضة والقصر فيما يخص الإصلاحات السياسية والدستورية، وهو ما انعكس في المشاورات التي تليت تمهيدا للمشاركة في الإنتخابات التي كانت التعديلات أرضية لها. وكذلك في قبول مقترح استفتائي جديد وهو:
استفتاء 15شتنبر 1995
عرضت المؤسسة الملكية تعديلا دستوريا تقنيا، بجعل المصادقة على الميزانية العامة في نهاية يونيو بدل نهاية دجنبر، وقد نال هذا الإستفتاء دعم كل الأحزاب باستثناء منظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي دعت إلى المقاطعة .
وكان هذا الإستفتاء إيذانا و بداية للشروع في مرحلة التطبيع والتوافق والتراضي تمهيدا لفكرة التناوب التي سيدشنها دستور 1996 .
دوافع وتجليات دستور 1996 .
بقراءة سريعة للأحداث السياسية التي عرفها المغرب مابين 93-95 تبشر بأن هناك أشياء تطبخ في الكواليس، تمهد لتعديل دستوري توافقي مابين المؤسسة الملكية وأحزاب المعارضة، لطي صفحة الصراع ولاقتسام مكرمات السلطة، تجلى ذلك في فتح المشاورات الأولية مابين زعماء المعارضة والقصر للدخول في حكومة التناوب لسنة 1993، وكذلك بناء على الدعوة الملحة التي وجهها الملك في خطاب افتتح به الدورة النيابية لسنة 1995 على ضوء نتائج تقرير البنك الدولي داعيا بذلك مختلف الهيئات لدراسته وإعطاء الاقتراحات الكفيلة لإنقاذ المغرب من "السكتة القلبية".
وهذا ما جعل أحزاب الكتلة تدخل في مشاورات فيما بينها لصياغة مذكرة تروم إصلاح الوضع السياسي والدستوري وقعتها في 23أبريل 1996، ورفعتها إلى الملك في 25 من نفس الشهر.
وهو ما جعل المؤسسة الملكية تأخذ جزء منها بعين الاعتبار وتقدم بعض التنازلات الدستورية والسياسية تمهيدا للموافقة على دستور1996 .
موقف الهيئات السياسية من استفتاء 13سبتمبر 1996.
لأول مرة في تاريخ الاستفتاءات الدستورية يحصل إجماع، وهو ما لم يحصل من قبل في مختلف الاستشارات الدستورية، وعليه فإن كل أحزاب الحكومة وأحزاب المعارضة صوتت بنعم على دستور 1996 باستثناء منظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي دعت إلى المقاطعة، وكان ثمن هذه المقاطعة خروج تيار أسس فيما بعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
إضافة إلى المنظمة تستوجب الإشارة إلى مقاطعة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وبعض الحركات اليسارية.
وكانت النتائج كما أعلنت عليها الدوائر الرسمية كالتالي:

نتائج استفتاء 13 سبتمبر 1996
حسب قرار المجلس الدستوري رقم 117.96
صادر في 17 من جمادى الأولى 1417 ( 01 أكتوبر 1996)

12.287.651
المسجلون ( داخل المملكة)
10.443.132
مجموع المصوتين ( داخل المملكة وخارجها)
10.380.911
الأصوات الصحيحة
10.332.469
نعم
48.442
لا

خاتمة
من خلال هذا الرصد التاريخي لمسار المحطات الدستورية التي تعاقبت على تأطير الحياة السياسية المغربية، نلاحظ أنها كلها كانت دساتير من وضع المغفور الحسن الثاني وبالتالي ظلت عاجزة عن إقامة ديمقراطية حقيقية.
فهل ياترى دستور2011الذي أعلن علن عنه الملك الجديد محمد السادس في خطاب 9 مارس 2011 سيكون بالفعل ملبي لطموحات وتطلعات القوى الديمقراطية المنادية بدستور ديمقراطي كما هو متعارف عليه كونيا؟؟؟؟
أليس يوليوز بقريب؟؟؟؟
أليست انتخابات أكتوبر التشريعية بمحك حقيقي؟؟؟؟
هذا ما سنرى والله الموفق.
هوامش
1 محمد معتصم "الحياة السياسية المغربية 1962-1991" ص13 الطبعة الأولى ماي1992. 1
2 بيرنابي لويس كارسيا "الإنتخابات المغربية منذ 1960 إلى الآن..." ص27 الطبعة الأولى2007ترجمة بديعة الخرازي
3 للمزيد من الإطلاع على هذا الحزب وباقي الأحزاب الأخرى أنظر محمد ضريف" الأحزاب السياسية المغربية من سياق المواجهة إلى سياق التوافق"
4عبد العزيز لوزي" المسألة الدستورية والمسار الديمقراطي في المغرب" ص109 منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية 1996.
5 تصريح الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي أمام الملتقى الوطني للشبيبة الإتحادية منشور في جريدة الإتحاد الاشتراكي بتاريخ 21شتنبر 1992.

عبد الرحيم الطنطاوي مراكش في 12/06/2011
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.