هي سنة بحلوها و مرها انقضت ، بهمومها و أفراحها انتهت ، بنجاحاتها و اخفاقاتها رحلت ، بلحظاتها و ثوانيها أرخت في ذكرانا عديد المحطات ، لكل منا لحظات مرت في حياته طيلة شهور السنة و ستظل موشومة في ذاكرته و قلبه و حياته بأدق تفاصيلها و تجلياتها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .. سنودع سنة عشنا فيها عديد التقلبات ، سننهي سنة عشنا فيها ارهاصات ولادة قيصرية لحكومة بنكيران الثانية ، سنة غير فيها صاحب لازمة" فهمتيني ولا لا" السيد بنكيران "اللوك" و غير معه عديد المبادئ بتحالفه مع من سماهم بالأمس عفاريتا، سنة أثار فيه الاعفاء الملكي على البيدوفيلي دانييل كثير اللغط و الجدال ، سنة مطالبة أعداء الوحدة الترابية بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو و كذا استدعاء السفير المغربي بالجزائر، سنة الانتقاذ الملكي لسوداوية البيضاء و قبلها التعليم و القضاء.. سنة تحول فيها "البوسان" الى شكل من أشكال النضال الحديث ، سنة الزيادة في كل شيء اللهم أجور الطبقة المسحوقة، سنة عادت فيها دماء المعطلين لتسيل من جديد قبالة قبة البرلمان بعدما اعتقدنا أن المقاربة الأمنية في المغرب قد دخلت مرحلة جديدة، سنة تحول فيها "السيد الحمار" شرف الله قدركم الى رمز للنضال في ساحات الرباط، سنة اكتشف فيها المغاربة أن الذهب و البترول و المعادن النفيسة فقط مجرد أوهام تباع.. سنة احتل فيها المغرب رتبة متقدمة في الرشوة و الفساد و تنامي نسب الفقر رغم أرقام حكومة بنكيران المتفائلة أكثر من التفاؤل نفسه، سنة المطالبة الشعبية بالغاء مهرجان موازين و معاشات البرلمانيين، سنة "الكريمات" و اقتصاد الريع و استمرار البهرجة الاعلامية في رغبة الجهات المسؤولة بمحاربته، سنة مشاريع القوانين الموؤودة التي ظلت حبيسة رفوف البرلمان، سنة ارتفاع معدلات الجريمة و زنا المحارم و اغتصاب وئام و فطومة و حليمة و اخرون.. سنة ظهور "سينا" المراكشية و "مول الكاسكيطة" ومعهما خرافة ''التسونامي'' الذي سيعصف بالمغرب، سنة عاد فيها "السيمي" لكليات أكادير و فاس و مراكش، سنة الدارجة و العروي و عيوش، سنة استمرار التضييق على العمل الصحفي و اعتقال أنوزلا، سنة رحيل فنانين و رياضيين و صحافيين من طينة محمد مجد و حسن مضياف و محمد بن ابراهيم و حميدو بن مسعود و الحاجة الحامونية و ميلود الحبشي و عبد الله البيضاوي و عبد الرحيم الكومري و المهدي فاريا و علال بنقصو و محمد المودن و محمد الأيوبي و اللائحة طويلة.. سنة شرفتنا فيها رجاء المغاربة بوصافة مونديالية أنستنا ولو قليلا اخفاقات أسود الطاوسي في أراضي نيلسون مانديلا و بعدها فشل نيل تذاكر الطائرة المتجهة للكوبا كابانا البرازيلية هناك حيث رفرف قبل 13 سنة من الان علمنا الوطني، سنة الخميس الأسود و ما تلاه من تداعيات، سنة دخل فيها المغرب كتاب غينيس بأطول جمع عام لجامعة الكرة و بأقصر فترة رئاسية لجامعة رياضية أما ما حدث في ذاك الجمع المسرحية المهزلة فأدخلنا لسباق الطوب فايف في أشهر مواقع المقاطع المصورة العالمية.. سنة تحول فيها البرلمان لساحة ساخرة نافس من خلالها "حلاقي" جامع الفنا من خلال مطالبة البعض بجعل "الحشيش" ثروة قومية و المطالبة بتقنين زراعة الكيف و تحويله لمهنة محترمة لا تدخل أصحابها غياهب السجن في حين طالب البعض الاخر بضرورة تقليص ثمن "البيرة" لأن هذا ضرب صارخ للقدرة الشرائية للمواطن البسيط بينما أخرون تعروا في البرلمان الذي قال فيه رئيس الحكومة قولة السنة الشهيرة "نتبورد عليكم كيف بغيت" .. سنة تتويج خديجة الرياضي بجائزة الأممالمتحدة لحقوق الانسان و قبلها الدكتورة مزيان بنجلون بجائزة ''وايز" و نوال المتوكل بجائزة الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم للابداع الرياضي ، سنة تألقت فيها الأصوات الغنائية المغربية في برامج اكتشاف المواهب بدول الشرق و فازوا فيها بعديد الألقاب فيما فاز الشاب خالد بالجنسية المغربية، سنة وجه فيها أحد رجالات الشرطة مسدسه نحو ثلاثة من زملائه عوض توجيهه للمجرمين بمدينة بلقصيري، سنة فيها ما فيها من أحداث لا يسع الزمكان ذكرها، سنة ولت لتحل محلها أخرى تحمل من الأرقام 14 بعد الألفين..
اذن سنة سعيدة على كل مغاربة العالم داخل و خارج الوطن.. سنة سعيدة لكل من تجري في شرايينه و أوردته دماء مغربية أصيلة.. سنة سعيدة لكل من يشقى و يتعب و يكد بدون كلل أو ملل فقط ليعيش في ما يرضي الله.. سنة سعيدة لكن من يستيقظ صباحا رغم قساوة الظروف ليعمل بعرق جبينه.. سنة سعيدة لكل من يجد ليصل العلا بعيدا عن لغة الألقاب العائلية و الطرق الملتوية.. سنة سعيدة لكل نساء المغرب و خاصة الأمهات المناضلات اللواتي ضحين بالغالي و النفيس من أجلنا نحن معشر الأبناء لنصير رجالا.. سنة سعيدة لكل رجالات الوطن و خاصة الأباء الذين كدوا و عانوا و قاسوا ليرونا في يوم من الأيام أفضل حالا منهم.. سنة سعيدة لمواطني المغرب المنسي، أولئك الذين يقطعون عشرات الكيلمترات لجلب الماء و الحطب وربما للوصول لقسم دراسي أو مستوصف أو طريق معبد.. سنة سعيدة لمتشردي و متسكعي الوطن، الذي لم يجدوا حتى سكنا غير لائق يحميهم من قساوة المناخ و قساوة قلوب أهل القرار في وطن لم يعد فيه مكان للسائل و المحروم.. سنة سعيدة لأبناء الشعب الذين يدرسون بمؤسسات التعليم العمومي و جامعاته و يتعرضون لمنافسة غير عادلة مع من ولدوا بملاعق من ذهب في أفواههم و رغم كل المطبات لا يعرفون للفشل و الاستسلام طريقا.. سنة سعيدة للعاملين في الضيعات و الحقول و المعامل و المصانع و محلات البقالة و الباحثين عن شغل و الباحثين عن اثبات ذواتهم و الباحثين عن "المقدم" في مقاطعة ما من ادارات الوطن السعيد.. سنة سعيدة لأبناء الجالية المغربية المقيمة في الخارج الذي يحنون للوطن كما يحن لهم ، لمغاربة الخارج الذين ضحوا بدفء الوطن و قبله الأهل و الأحباب بحثا عن فضاء أرحب للعيش يحترم ملكاتهم الابداعية و يقدر طاقاتهم الفكرية بدون ميز او انحياز أو محسوبية..
سنة سعيدة لكل المناضلين الشرفاء، لكل المغاربة النزهاء، لكل المواطنين الغيورين، لكل الشباب الطموحين، لكل الشيب الصامدين و لكل من يقرأ هذا المقال وفي نفسه رغبة في بداية سنة جديدة بكل أمل و تفاؤل و اشراق ...