أعطى رئيس مجلس المستشارين السيد محمد الشيخ بيد الله، أمس الخميس بروما، انطلاقة الدورة الثانية للأيام الثقافية المغربية الإيطالية التي تنظم بروما من 14 إلى 16 نونبر الجاري تحت شعار "ثقافة الصحراء". وبعدما دشن معرضا للصناعة التقليدية تحت شعار "العلاقات المغربية الإيطالية شذرات من الذاكرة"، قدم السيد بيد الله عرضا حول موضوع "تدبير التعدد الثقافي بالمغرب" متوقفا بالخصوص عند الثقافة الحسانية. وأوضح السيد بيد الله، ضيف شرف الدورة، أن الصناعة التقليدية تشكل من خلال منتجاتها المتعددة ومختلف مظاهرها ، رافدا من روافد التراث الثقافي الغني للأمة ، مضيفا أنها تعد إحدى التعبيرات الثقافية الإبداعية المحلية التي "تنصهر في مزيج بين الأصالة والمعاصرة و بين ما هو محلي وما هو عالمي". ولدى تطرقه للخصوصيات الرئيسية للثقافة الحسانية، أوضح السيد بيد الله أن هذه الأخيرة تشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية التعددية، وتستند على مرجعية غنية تضم بالأساس القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر والحكم والتقاليد الاجتماعية. وسجل أنه بالرغم من أن الثقافة الحسانية تبدو طاغية في المناطق حيث الساكنة تتحدث اللغة الحسانية، إلا أن هذه التعبيرات تبقى حاضرة في باقي جهات البلاد، ولاسيما المنطقة الشرقية والحوز ودرعة والشراردة. وأشار إلى أن اللغة الحسانية هي اللغة الأم بالنسبة لغالبية المغاربة الذين يقطنون بالمنطقة الممتدة من واد نون إلى غاية الحدود الموريتانية، كما تتحدث بها ساكنة الفضاء الجغرافي الممتد من كلميمجنوب المغرب إلى غاية الحدود السينغالية والموريتانية من جهة، وشمال ماليوجنوب غرب الجزائر من جهة أخرى. وبعدما أبرز الجهود المبذولة من قبل المملكة للنهوض بالثقافة الحسانية على عدة مستويات، اعتبر رئيس مجلس المستشارين أنه توجد في الوقت الراهن فرصة تاريخية حتى يتمكن المغرب من القيام ب"قفزة نوعية" في مجال تدبير الخيارات اللغوية والثقافية على المستوى الوطني مع بقائه منفتحا على باقي ثقافات العالم. واستحضر، في هذا الصدد، الجهود التي بذلها المغرب في المجال التشريعي خصوصا بعد المصادقة على الدستور الجديد الذي فتح "آفاق واعدة" في المجال، وهو ما أضفى دينامية تغيير جديدة في عدد من القطاعات، بما فيها الثقافة. وتجد هذه الفرصة المتاحة في المغرب تفسيرها أيضا ، حسب السيد بيد الله ،في تطابق إرادة الجميع وخصوصا صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي جدد في خطاب العرش مؤخرا انشغاله بضرورة إعطاء الثقافة الاهتمام الذي تستحقه. وحسب السيد بيد الله فإن خيار الجهوية المتقدمة يندرج أيضا في إطار هذا التوجه على اعتبار أنه يسمح للمغرب بفتح "ورش واعد يهم مستقبله في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية". من جهة أخرى، قال سفير المغرب بإيطاليا السيد حسن أبو أيوب، في تصريحات للصحافة، إن تنظيم هذه التظاهرة يتوخى إعطاء دفعة جديدة للعلاقات المغربية الإيطالية مع إبراز غنى وتنوع التراث الثقافي للمملكة التي انخرطت في إنجاز مشاريع مهيكلة كبرى. وأضاف أن العلاقات العريقة بين البلدين وقيمهما المشتركة، والإمكانيات الكبيرة التي يزخران بها، والقواسم المشتركة بين الشعبين تعتبر كلها مؤهلات ينبغي الاستفادة منها لارساء أسس علاقات متينة سواء على المستوى الإنساني أو المؤسساتي. وأكد أنه "حان الوقت لكي يعمل البلدان على إحداث آليات جديدة للتعاون كفيلة بتحقيق شراكة استراتيجية". وستتميز الأيام الثقافية المغربية الإيطالية المنظمة من قبل سفارة المغرب بإيطاليا وجمعية الصداقة الإيطالية- المغربية، بتنظيم لقاءات حول مواضيع "إيطاليا المغرب.. تحديات الحكامة الاقتصادية" و"إيطاليا- المغرب.. أي نموذج اجتماعي لتنمية مستدامة". وعرف حفل افتتاح هذه التظاهرة حضور الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر السيدة سمية بنخلدون، ورئيسي الفريقين البرلمانيين لحزبي الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية بمجلس المستشارين السيدين حكيم بنشماس وعبد الحميد السعداوي، وبرلمانيين وسياسيين إيطاليين وممثلين عن السلك الدبلوماسي المعتمدين بإيطاليا وفاعلين من المجتمع المدني المحلي، وشخصيات من عالم الثقافة والاقتصاد والفن من البلدين.