خرج حزب الاستقلال من حكومة جلالة الملك، لكن دولة جلالة الملك لم تتأثر أبدا. ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك من ضمن ما يعنيه أن ما يسمى بالحكومة في بلدي ليست سوى مجرد تكتل من الموظفين التقنيين الكبار. دورهم الأساسي تنفيذ ما تقرر هناك في مكان مظلم. تنظم الانتخابات، تعلن النتائج وتشكل الحكومة. لأنهم يستفيدون يحدثونك عن مبادئ الديمقراطية، لكن وربما لأنك مقهور لا ترى سوى تواطؤا وتحالفا ضدك.. هذا حال المغرب منذ عقود قد يراه البعض تطرفا وعدمية ولهم الحق في ذلك، لكن من ذاق مرارته يعرف المقصود بالضبط. لا شيء يتغير. ذهب اليوسفي، تبعه جطو ثم الفاسي ويبدو أن بنكيران في الطريق. ماذا تغير بين هذا وذاك؟ لا شيء أبدا. دع عنك حديث براح الحكومة وأرقامه، لا تلتفت لقصائد المعزول مصطفى العلوي المخزنية –وخيرا فعل العرايشي بعزله-. سؤال السياسة في المغرب هو سؤال من يصنع القرار؟ القرار المغربي في يد حكومة الظل، جيش المستشارين الملكيين. هنا تقترح القرارات وتناقش، هنا يقرر في مصير المغرب. لذلك يمكن أن نستغني عن حكومة بنكيران لكن يستحيل أن يبقى المغرب بدون حكومة الهمة ومن معه. ألم يقل عباس يوما أنه يطلع على القرارات من خلال وسائل الاعلام كأي حارس عمارة أو نادل في مقهى أو موظف في مكتب.. بعد تفكير وتأمل يمكن القول أن المغرب ليس في حاجة لأي انتخابات أو حكومة. لا داعي لصرف الملايير في مثل هذه التفاهات. سيريحون ويستريحون. هذه قناعة قد تكون وليدة عجز في التحليل لكنها ليست اندفاعا أبدا. المغرب بدون سياسة، أو بالأحرى بدون منافسة سياسية. الجهة الوحيدة التي تمارس العمل السياسي بمفهومه الأكاديمي هي المؤسسة الملكية، ومنذ الاستقلال برهنت هذه المؤسسة على تفوقها وتطويعها لغيرها. الآن وبكل صراحة الأحزاب المغربية تعيق التنمية أكثر من أي شيء آخر، وهي جزء من المشكلة لا الحل. لتحل جميع الأحزاب والتنظيمات الموازية فلن يتأثر المغرب أبدا. لنجرب ولو لمرة مصارحة المغاربة، ليتذوقوا طعم الحقيقة. أغلب الظن سيقبلون بعد صدمة سقوط القناع. على الأقل سيتبين الخيط الأبيض من الأسود من السياسة. سيظهر المسؤول الحقيقي ومن يجب أن يحاسب. لأول مرة سيتصالح المغربي مع ذاته.. لنجرب فليس لنا ما نخسره.