في ظل الظروف الاجتماعية المشحونة التي يعيشها المغرب جميل ومفرح أن نسمع مسؤول من رتبة وزير ينتفض ضد حكومة ينتمي إليها وينتقذها خوفا على مصلحة البلاد والعباد, ولا يسعنا إذ ذاك إلا أن نقول ذاك ما كنا نبغ.فالمسؤول ركب حركات التغيير وهذا مكسب. لكن سرعان ما تتبدل الفرحة حزنا واستياءا ونستفيق من الأوهام و أحلام اليقضة. الأمر يتعلق بغضبة وزير المالية وانتقاذه لوزيره الأول في الحكومة واتهامه بإغراق المغرب في عجز مالي خطير لم يشهده المغرب سابقا, وذلك راجع لموافقة الأخير على نتائج الحوار الاجتماعي الذي يتطلب ضخ مبلغ مالي من خزينة الدولة يقدر بحوالي 19 مليار درهم و 15 مليار أخرى لدعم الموارد الأساسية و 5 أخرى لتكملة الحوارالاجتماعي. وبالعودة الى الحوار الاجتماعي الذي قوبل بتحفظ من لدن الطبقة الشغيلة فالأموال المخصصة له مفروض صرفها لتحسين ذوي الدخل المحدود والزيادة في المعاشات الدنيا وحذف السلالم الدنيا والزيادة في التعويضات العائلية كل هذا في زيادة قدرها 600 درهم للموظفين وبلوغ 1000 درهم للمعاشات, تصرف للكراء و أداء فاتورة الماء والكهرباء والتطبيب والباقي يصرف لقضاء الاجازة السنوية بإحدى جزر الكارايبي. وإذا كان الفساد والتبذير المالي حسب الوزيرهو الزيادة في أجور الطبقة العاملة وتحسين أوضاعها فماذا يمكن أن نسمي العلاوات فقط دون الرواتب التي تقتطع من المال العام لكبار المسؤولين التي يتحدثون عنها خلسة في الوزارة والتي تتراوح بين 80 ألف ومليوني درهم. إذا أراد السيد الوزير أن يركب موجة التغييرفليس على حساب_ الدراوش_ وإذا أراد ترشيد النفقات وتطبيق الحكامة والسير في المشروع الحداثي الديموقراطي فيجب أن يصوب انتقاذاته ويوظف ترساناته ضد المتهربين من الضرائب والموظفين الأشباح وكبار المسؤولين. أما إذا أراد التباكي بالأزمة والاختباء وراءها فليست الزيادة الهزيلة للطبقة الشغيلة من تزيد في حدتها أو أجورهم التي تسببت فيها وإنما أجور كبار المسؤولين في المؤسسات العمومية التي تساوي 100 مرة الأجر الذي يتقاضاه عون بسيط, وتعويضات التنقل والاجتماعات والبنزين والهاتف,وكراء المساكن الفخمة والمكاتب.. ذكر في تقرير الخمسينية أن المغرب يتميز بهشاشة النسيج الجتماعي إثر سوء توزيع الثروات فالقلة القليلة تستفيذ من أجور ضخمة وتعويضات خيالية, هذه الأجور والتعويضات والامتيازات التي هي في الأصل ضرائب مقتطعة من جيوب المواطنين وغالبية الشعب تعاني من القدرة الشرائية الناتجة عن هزالة الرواتب وغلاء المعيشة, تلك والله لسياسة تفقير الفقير وإغناء الغني وتعميق الفوارق الصارخة وتكريس التفاوتات. بل وحتى من الناحية النفعية فما يبذله الموظفون والمأجورون والمستخدمون وعموم الأجراء البسطاء من ذوي الدخل المحدود من مجهودات ما ينفع المغرب, عكس المؤسسات الكبيرة العمومية التي تستفيذ من الدعم والتعويضات هي التي تتعرض للنهب و الافلاس. أما إذا كنا نتطلع حقا وليس بالتمني بأن نكون من الدول الديموقراطية المحترمة لنفسها ولشعوبها, فيجب أن نحذو حذوهم ونعتبر بعبرهم ونخلص العمل لله وللوطن وللضمير بعيدا عن الحسابات السياسية والمصالح الشخصية ونكف عن الشعارات البائدة والبالية.