تضاربت الأخبار حول سقوط قتلى في صفوف معتقلي السلفية الجهادية وقوات عمومية بالسجن المحلي بسلا، في تدخل أمني، صباح أمس (الثلاثاء)، استخدم فيه الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه، كما استخدمت مروحيات لإنزال قوات خاصة على سطوح مختلف أجنحة السجن، لوضع حد لما اعتبرته مصادر مطلعة «تمرد سجناء السلفية»، واعتبره مقربون من النزلاء «احتجاجا عاديا» إثر نقل بوشتى الشارف، صباح أول أمس (الاثنين)، إلى وجهة مجهولة، إلا أن الأمر أخذ منحى آخر، وتحول إلى احتقان خطير. وأكدت مصادر طبية وجود سلفي في حالة خطيرة وضع تحت العناية المركزة بمستشفى ابن سينا بالرباط، نافية أن تكون توصلت بجثث. واستغربت المصادر الأولى الطريقة التي ارتكبت بها أخطاء أدت إلى احتقان كبير بالسجن وتمرد وفوضى، لا أحد يستطيع التكهن بنتائجها، وهو ما عبر عنه مصطفى الرميد، رئيس جمعية منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، قائلا «نتمنى أن ينتهي هذا الموضوع بأقل الخسائر». وأكد في اتصال هاتفي أجرته معه «الصباح»، أن «ما نسمعه الآن يبقى مجرد إشاعات، فمرة نسمع أن هناك قتلى في صفوف المعتقلين ومرة أخرى نتوصل بأخبار عن وفاة في صفوف القوات العمومية»، وزاد الرميد أنه استحال عليه الدخول إلى المؤسسة السجنية، «نحن الآن أمام الباب، وكل ما نتمناه هو أن ينتهي هذا الموضوع بأقل الخسائر». واحتل نزلاء أجنحة السلفية الجهادية سطوح سجن النساء وسجن الحق العام، بل إن بعضهم، تقول مصادر مقربة من معتقلي الحق العام، اقتحموا أجنحتهم، ما أدى إلى تدخل أمني عنيف في حق الجميع، وألقت قنابل مسيلة للدموع كادت تودي بأرواح الكثيرين، منهم النساء اللواتي سمعت أصواتهن من بعيد وهن يطالبن بفتح الأبواب مخافة الموت اختناقا. كما أصيب موظفون بحالة اختناق أحدهم كان يحمل مفاتيح السجن، لولا أن بعض معتقلي الحق العام تدخلوا لإنقاذه إثر إصابته بإغماء. ولم تنج بعض عائلات النزلاء من الإصابة، إذ أدى إطلاق الرصاص المطاطي من على سطح سجن القاصرين إلى إصابة امرأة ورجل، قبل أن تتدخل قوات أمنية لإبعاد العائلات وترك مسافة آمنة بينهم وبين أسوار السجن الذي تحول إلى ساحة معركة كبيرة، إذ تحلق مواطنون بمحيط المؤسسة للاستفسار عما يجري. ولم تنفع كل محاولات التدخل العنيف في إعادة النزلاء إلى زنازينهم، إذ استمر الاحتقان ساعات طويلة، واستمرت المطاردة على السطوح وبين الأجنحة بشكل هوليودي ما زاد الأمر تعقيدا في الداخل والخارج، إذ انتفضت عائلات نزلاء الحق العام والسلفية التي رابضت بالقرب من المؤسسة السجنية، وكانت النساء يصرخن كلما سمعن عبر الهاتف أخبارا عن وفيات محتملة. من جهتها، أكدت مصادر مقربة من معتقلي السلفية الذين يزيد عددهم في السجن المحلي بسلا عن 260 نزيلا، أنهم أبلغوا صباح أول أمس (الاثنين)، أن بوشتى الشارف نقل إلى وجهة غير معروفة بعد أن سجل عدة أشرطة فيديو يؤكد فيها تعرضه إلى «التعذيب» في ما أسماه «معتقل تمارة السري»، ما أثار احتجاج هؤلاء النزلاء الذين صعدوا إلى سطح السجن، وهي المبادرة، تقول مصادر أخرى، الثالثة من نوعها، إذ دأب السلفيون في احتجاجات سابقة على الاعتصام بسطح السجن وأسواره، دون أن تأخذ المندوبية العامة للسجون العبرة وتتخذ الإجراءات المناسبة لجعل الصعود إلى السطح مستحيلا بالنسبة إلى النزلاء حماية لهم، إذ سبق أن حاول نزيل سلفي الانتحار من المكان نفسه، لولا تدخل آخر لإنقاذه في الوقت المناسب. وانتقلت عدوى الاحتقان إلى سجون أخرى، إذ سجلت مواجهات بين معتقلي السلفية في سن بوركايز بفاس وبين قوات التدخل السريع، فيما نجح مدير السجن المركزي بالقنيطرة في نزع فتيل احتجاجات النزلاء السلفيين، بدحض ما أسموه محاولة للتدخل ضدهم إسوة بسجن سلا، وهو التهديد الذي ردده رئيس معقل أمامهم، ما أدى ببعضهم إلى محاولة الانتحار داخل السجن، إلا أن مدير المؤسسة فتح معهم حوارا وطمأنهم نافيا أن تكون هناك نية للتدخل ضدهم. إلا أن ذلك لم يثن بعضهم عن الاحتجاج والتضامن مع سلفيي سجن سلا. وفي طنجة سجلت محاولة انتحار أخرى، إذ ألقى سلفي بنفسه من السطح. وبثت خلية إعلامية تابعة إلى تنسيقيات سلفيين سابقين أشرطة فيديو على الأنترنيت تبين جزءا من التدخل الأمني، وإصابات خطيرة، إذ يظهر سلفي وقد اخترقت رصاصة رئتيه وخرجت من ظهره، وهو الذي كان في حالة احتضار. كما تظهر مسيرة صغيرة على السطوح تطالب بنهاشم بالرحيل. إلى ذلك، قطعت إدارة السجن الماء والكهرباء عن السجن، كما لم يتوصل باقي النزلاء بأدويتهم ووجباتهم الغذائية منذ مساء أول أمس (الاثنين)، ما زاد الأمر تعقيدا بالنسبة إلى بنهاشم الذي وجد صعوبة في إقناع السلفيين بالنزول من السطوح، سواء بالترغيب أو التهديد. ضحى زين الدين ومحمد البودالي