نحن الآن بصدد انقلاب مدبر، اكتملت الخطة و وصلت المسرحية التراجيدية إلى فصلها الاخير المحضَر، خرجت بضعة ملايين من الفلول و المغيبين و حان وقتإعدام البطل على يد ممثل غدار يجيد تقمص الادوار. بعد انقضاء مهلة 48 ساعة التي منحت له لتقديم الاستقالة يرفض الرئيس المنتخب الوصاية الاجنبية و يعلن تمسكه بالشرعية. لم يكن من حل أماموزير الدفاع نفسه سوىاللجوء إلى الخطة الاحتياطية. خرج على متن دبابتهو قد لبس بزته العسكرية و ارتدى ديكورين دينيين ليعلن المشهد الختامي البئيس من المسرحية: تم تعيين رئيس المحكمة الدستورية المحال على التقاعد رئيسا مؤقتا و تم إطلاق خارطة الطريق ذاتها التي أعلنها قبل ساعات الرئيس المنتخبليتلوها إعلان نية الوصاية الامريكية وضع ميثاق شرف للإعلام تغلق بموجبه فورا كل القنوات الدينية و تعتقل أغلب القيادات المنتمية للتيار الاسلامي. الغريب أنورقة الوصاية الأمريكية التي كلَف السيسي بقراءتها، غاب عن مؤلفها تضمينها قرارعزل مرسي ما يعني أنه أصبح لمصر رئيسين أحدهما منتخب و الآخر مؤقت. و المضحك تعيينالسيسي لعدلي منصور رئيسا مؤقتا بصفته رئيسا للمحكمة الدستورية و هو ليس برئيسها، ليقوم الرئيس المؤقت بتعيين السيسي كوزير الدفاع. السيسي يعينعدلي منصور و عدلي منصور يعين السيسي، افهم تسطى!!!؟؟؟؟؟ في سنة 2006، صرح رئيس وكالة المخابرات الأمريكية CIA السابق "جيمس وولسي" ما نصه: سنصنع لهم "العالم العربي" إسلاماًيناسبنا،ثم نجعلهم يقومون بالثورات،ثم يتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية . ومن بعدها قادمون للزحف وسوف ننتصر".! اخطات الولاياتالمتحدة اختيار رجلها فغباء السيسي لا عزاء له، نسي أن يعلن حالة الطوارئ و يفرق الاعتصامات مانحا الفرصة لما تبقى من القيادات الإسلامية حشد الصائمين الصابرين تحت قيظ الصيف و حر الشمس. قلنا أن غباء السيسي لا عزاء له، و هو ما سيتأكد مرة أخرى بعد أن أثبت السيسي أن خروج متظاهري 30 يونيو صناعة أمريكية بعد أن دعا العميل ثانية و "بالفم المليان" هذه المرة فصيلا من الشعب للإفطار في ساحة التحرير تحت حماية الشرطة لمنحه صورا تعطيه غطاء لقمع المعتصمين و قتل المرابطين الصائمين. خلت الميادين من الجنود بعد ان ارتدوا ازياء مدنية و انغمسوا وسط حشود الراقصين و الراقصات و الداعرين و الداعرات فهللوا و صفقوا في احتفالات لا نجدها إلا في الميادين العسكرية . المبكي في الحدوثة المصرية هي المجازر التي ارتكبت بحق المتظاهرين السلميين بدم بارد و استخدام السلطات الامنية المصرية الصهيونية إلى وسائل قمع لم يستخدمها اليهود في حق سكان غزة. المضحك في الامر هو إنكار وزير الداخلية "الطرطور" لمسؤولية الداخلية و زعمه أن الشهداء بعضهم قتل بعض و ان الصور المؤلمة التي تم التقاطها هي صور مفبركة تعود إلى عصر الاندلس، و ان المكلومين من الاهالي الذين يلعنون السيسي و من معه إنما هم متأمرون إرهابيون قادمون من عصور بائدة. سخف ما بعده سخف و استهزاء بمشاعر الادمية كلها التي سيسجل تاريخها للمرة الثانية أن فصيلا من اهل مصر فوض دكتاتورا سفك دماء فصيل اخر. الدفاع عن الديمقراطية و الشرعية ليس دفاعا عن فصيل دون غيره بل هو انتقال من عقلية الاستبداد و القمع إلى مناخ تحترم فيه الدماء و قلوب المكلومين.