من منا لا يتذكر تلك الفاجعة التي أوقفت نبض الشعب المغربي ، بعد أن صدر ذاك القرار الذي وضع حد لحياة دينية مرشدة كان يتمتع بها رواد دور تحفيظ القرآن ، فقد جاءت تلك الذبحة عن طريق طعنة سكين حاد انغرس في قلب معافى جاعلا إياه ينزف دون توقف لهول الجرح الغائر الذي ألم به ، فهل تناسى هؤلاء الذين حرضوا على إغلاق تلك الدور القرآنية أنها كانت و بشهادة الجميع صمام أمان لحفظ الوطن من غلو الفكر و تيار التكفير؟و أنها ساهمت في إصلاح الكثير من الشباب المغربي الذي كان يضرب به المثل في الجريمة و الانحراف ؟ و بدخوله لدار القرآن هذبته أخلاق القرآن و جملته أداب الإسلام؟ألا يطلعون على حال المجتمع و على تمسك المغاربة بهذه الدور لتحفيظ القرآن الكريم من الضياع ؟ بعد أن أعيدت هيبة هذه الدور و أرجعت لها كرامتها المغتصبة و فتحت أبوابها في وجه طلاب العلوم الدينية و حفظة كتاب الله و السنة النبوية ، ليستطيعوا حمل مشعل التحفيظ والتبليغ ، فوجئنا بقرار آخر ظالم طال أحد الأئمة الذي في إطار غيرته على دينه و على أبناء و طنه من العار و الرذيلة ،و في ظل الصمت الذي تبناه المعنيون بالأمر تجاه كل من يدنس حياء الدين الإسلامي ، فقد صرخ عاليا منديا في وجه الظلم بانتقاده لأحد المهرجانات العفنة الماجنة التي أصبحت تنخر عظام هذا المجتمع بتشتيت ميزانية شعبه يمنة و يسرة و بتشجيعه على إتباع طريق المغنى و الرقص و تبني سياسة الدف و المزمار، فقد كبلت يداه و أقتيد وراء قضبان الصمت أمام استغراب و حيرة العقول المغربية ، يريدون تكميم أفواهنا حتى لا نستطيع الاحتجاج على عالم تبدلت مبادئه لننساق إليه رغما عن أنوفنا كنعاج تتبع القطيع دون معرفة المآل ، لنتساءل ما بال هذه الوزارة هل حنت إلى تفعيل الرأي العام ، أم أرادت إستقطاب الأنظار بعد أن أصبحت بكماء أما كل منعطف قد يزيغ بها إلى الخواء ؟ في إطار هذه الحملة التي شنتها وزارة الأوقاف و الشؤن الإسلامية على كل من يقف ندا لمبادئ العري التي أصبح المجتمع المغربي يئن تحت وطئتها ، بدأنا نتساءل إذا كان لهذه الوزارة وزن داخل بلادنا ؟ و إذا لم تعد تميز بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمن طغى عليه حمل الدف و المزمار من الاولويات فلن تعود لنا ثقة بها و لا بمن يسهر على سيرها . فما قولكم أيها المعنيون بالأمر ؟ هل ستحاربون حرية الرأي ، و دعوى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ؟