أسماء (اسم مستعار) 22 سنة طالبة في السنة الجامعية الأخيرة تحكي لنا قصتها وتجربتها الفاشلة في الزواج العرفي مع سعيد (اسم مستعار) التي دامت فقط 6 أشهر. عرفته في أيامها الجامعية الأولى قبل زواجهما العرفي. عاشا معا أكثر من ثلاث سنوات بما يصطلح عليه في مجتمعنا ب “المصاحبة” وهي تلك العلاقة التي تجمع بين الجنسين منذ مراحل المراهقة، ومن أجل إعطاء علاقتها غطاءً شرعيا تقول أسماء تزوجت سعيد زواجا عرفيا، إلا أن الأمور تغيرت كليا فقط بعد مضي 6 أشهر. فكيف كانت تجربة أسماء مع الزواج العرفي؟ غير متزوجة ولا يمكن أن تتزوج تقول أسماء إن سعيد "أصَر مرارا خلال فترة المصاحبة على ممارسة الجنس لكنني كنت أرفض وأمانع دائما. فيما بعد ضعفت امام إلحاحه على ذلك وخوفي من فقدانه وكذاك صراحة غريزتي الجنسية وافقت لكن بعد كتابة عقد، عقد سري ورقة بيضاء مصًرح فيها "زوجتك نفسي" مع ذكر الأسماء والتاريخ. صراحة فكرت في الزواج العرفي كحل فقد عرفت الزواج العرفي في الأفلام والمسلسلات المصرية، لم أفكر فيه بوضوح لا من الجانب الشرعي أو القانوني و لم أفكر حتى في أسرتي فكرت فقط في نفسي، فالثقة والحب الجنوني الذي كان يربطني بسعيد لم يدفعني لحظة واحدة إلى أن أشك في أن سعيد سيتخلى عني يومًا ما". وتضيف أسماء قائلة: "منذ اليوم الأول بعد الزواج العرفي أحسست بشيء من الندم، فكانت تلك هي بداية المشاكل، كنا نمارس علاقتنا الجنسية في مكان مختلف كل مرة وكأننا غير متزوجين ولم يكن يعجبني هذا الأمر، فعلا فكرت وبدأت أطالب سعيد بإعلان وتوثيق زواجنا، ومع إلحاحي عليه بدأ يظهر نفور سعيد مني وابتعاده عني، كان دائما حاضرا كلما احتجته، لكن اصبح يبتعد كلما طالبته بإعلان زواجنا، صار بعيدا وغير موجود ولا يمكنني العثور عليه، وبعد مضي حوالي 6 أشهر انقطعت كل أخباره لم أجده، مرت أكثر من سنة وليس هناك أي اتصال." طلبت أسماء استشارة محام فكانت النتيجة صدمة، لأن القانون المغربي لا يعترف بالزواج العرفي. كما اتصلت هاتفيا بأحد الفقهاء المرشدين في إحدى الإذاعات الخاصة والجواب كان أيضا صادما. "أنا غير متزوجة شرعا ومع ذاك لا يمكنني الزواج من شخص أخر لأنني زوجت نفسي لرجل أخر". وتختم أسماء معاناتها بقولها: "أنا تائهة لا أعرف ماذا أفعل؟ إلى من أتجه؟ كيف أتعامل مع هذا الوضع، مع أسرتي، مع المجتمع... فما العمل؟"
زواج عرفي أم سري؟ يرى الأستاذ الباحث مصطفى الشكدالي أن الزواج العرفي هو نتيجة لما يسمى بتمديد فترة الشباب. فقديما كان الزواج يتم مباشرة بعد البلوغ، الآن ومع تمديد فترة الدراسة والتي أصبحت تصل إلى الثلاثينيات بل وحتى إلى الأربعينيات، تبقى الرغبة الجنسية ملحة على الإنسان فيتم الزواج بطريقة أو بأخرى، وهكذا ينشأ زواج آخر غير الزواج المنصوص عليه في القوانين التشريعية، مثلا الزواج العرفي الذي يعتبر نتيجة لتغير ديناميكي في المجتمع. يظهر هذا في الجامعات والمعاهد التعليمية حيث تتزوج الطالبات بطريقة يمكن تسميتها عرفية لكونها لا تخضع لكتابة العقد حسب القوانين المعمول بها، وكذلك نتيجة الإلحاحان الجنسية وضغوط المجتمع والتكاليف العالية. أما الأستاذ المحامي عماد القضاوي فيرى انه انطلاقا من القانون المغربي خاصة مدونة الأسرة، نجد أن ما يسمى بالزواج العرفي ليس له أي وجود أو تعريف في المغرب، والمشرع لا ينظم أحكامه ولا أشكاله ولا طرقه لأنه لا يحترم الأركان الشرعية والقانونية المطلوبة لصحة الزواج، وهي الإيجاب والقبول والصداق والشهود والولي في حالة الضرورة مثل ما ينص على ذلك القانون، وغالبا ما يقتصر في الزواج العرفي على تحرير ورقة بين الطرفين بدون شهود وفي خفية من الجميع. وهذه العقود باطلة شرعا وقانونا مثل ما تنص على ذلك المادة 57 من مدونة الأسرة.
الضحية الوحيدة أما بالنسبة للآثار القانونية والجنائية للزواج العرفي فلا مكان لها داخل المنظومة القانونية، وعليه ففي مثل هذه الحالات فإن القانون المغربي وخاصة القانون الجنائي، يعتبر مثل هذه الحالات فسادا يعاقب عليها الجاني بناء على الفصل 490 بالسجن من شهر الى سنة واحدة. أما الشيخ عبد الباري الزمزمي فيقول عن ظاهرة الزواج العرفي إنها انتشرت كثيرا بين الطلبة، وخاصة منهم الملتزمين دينيا، وذلك للهرب من الشروط القانونية أو لشرعنه التعدد بطريقة غير مباشرة. ويعتبر الشيخ هذا الزواج زواجا غير شرعي وهو في مقام الزنا ومتعة جنسية لا أكثر ولا أقل، لأنه يفقد كل شروط الزواج الشرعي. و يضيف الشيخ انه يستقبل كثيرا من الشباب الذين يقصدونه من اجل إشهاده في الزواج العرفي، إلا أنه يوجه نصائحه دائما للفتاة لأنها هي الضحية الأولى والأخيرة في هذه العلاقة غير الشرعية.