ساو باولو (البرازيل) 14 يونيو 2013/ ومع/ بعد الانتقادات التي طالت استعدادات البرازيل لتنظيم نهائيات كأس العالم 2014 لكرة القدم على مدى السنتين الماضيتين وكذا الشكوك التي تراود البرازيليين بشأن أداء منتخب بلادهم، الذي تراجع منذ خروجه من ربع نهاية مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، يدخل البلد الجنوب أمريكي، اعتبارا من يوم غد السبت وحتى 30 يونيو الجاري، غمار منافسات كأس القارات والتي ستكون، من دون شك، أول محك حقيقي قبل المونديال لاختبار قدراته التنظيمية وكذا على مستوى أداء "السيليساو". وستكون البرازيل، خلال هذه التظاهرة الكروية، على موعد مع فرصة لتبديد مخاوف العديد من الأصوات والوجوه الرياضية المحلية التي حذرت من أن البلاد قد تخجل من الطريقة التي تدير بها ملف كأس العالم، وكذا للرد على الانتقادات المتكررة للاتحاد الدولي لكرة القدم بشأن تأخر مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالتظاهرة الرياضية العالمية لاسيما على مستوى الملاعب والمطارات والنقل. وستجري مباريات كأس القارات بستة من أصل الملاعب ال12 التي ينتظر أن تستضيف منافسات المونديال، ما يجعل من التظاهرة اختبارا حقيقيا حول مدى جاهزية البرازيل لتنظيم كأس العالم المقبلة سواء داخل الملاعب أو خارجها. وشكل تأخر سير أشغال إصلاح أو إنجاز عدد من الملاعب والبنى التحتية وإلغاء العديد من الرحلات الجوية يوميا والازدحام الطرقي وانتشار الجريمة وارتفاع أسعار الفنادق، في أكثر من مناسبة، مصدر قلق وانتقادات من جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم، طالما حاولت السلطات البرازيلية التقليل من شأنها مؤكدة أن البرازيل ستنظم "أحسن مونديال عبر العصور"، وهو الرهان الذي ينتظر المتتبعون للشأن الكروي أن يعطي البلد الجنوب أمريكي أولى إشارات كسبه خلال كأس القارات. وكان ألدو ريبيلو، وزير الرياضة البرازيلي، قد أكد مطلع الأسبوع الجاري على أن استعدادات بلاده لاستضافة كأس القارات "تستحق الإشادة" رغم تأخر إنهاء العمل في عدد من الملاعب، موضحا أنه يمنح هذه الاستعدادات تنقيط "تسع من عشر درجات". وأكد ريبيلو أنه بعد تسليم ملاعب المدن الست المستضيفة لكأس القارات، وهي برازيليا وريو دي جانيرو وفورتاليزا ورسيفي وسالفادور وبيلو أوريزونتي، تجري الأشغال وفقا لما هو مسطر لها بباقي الملاعب الستة الأخرى، وخصوصا، ملعب "إيتاكيراو" الذي يشيده نادي كورينتيانز بمدينة ساو باولو والذي ينتظر أن يحتضن المباراة الافتتاحية لكأس العالم وإحدى مباراتي نصف النهاية. من جهة أخرى، يبقى تأمين بطولة كأس القارات من أبرز التحديات التي تواجه السلطات البرازيلية والتي وضعت خطة أمنية استراتيجية لتأمين عدد من الأحداث الرياضية الكبرى التي ستنظمها البلاد، وفي مقدمتها كأس القارات والمونديال، حيث تركز الخطة، بالخصوص، على التصدي للتهديدات الخارجية وحماية المطارات والموانيء والحدود، وهي المسؤوليات التي ستتقاسمها كل من الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات والبلديات وستتم بمساعدة شرطة الانتربول.
كما تشمل الخطة عددا من التدابير التي اتخذتها السلطات البرازيلية لتأمين هذه التظاهرات، وخصوصا، كيفية انتشار أفراد الشرطة بالملاعب والطرقات وسبل التصدي للمشجعين المتعصبين، سواء المحليين أو الأجانب، ممن يثيرون أحداث شغب على هامش المباريات أو خلالها وكذا التصدي للسياحة الجنسية والاستغلال الجنسي للقاصرين وتزوير التذاكر. من جانب آخر، وفضلا عن الجانب التنظيمي، يترقب البرازيليون المستوى الذي سيظهر عليه منتخب بلادهم خلال كأس القارات، والذي سيعيد تفاؤلهم أو سيزيد تشاؤمهم بشأن حظوظ "السيليساو" في الظفر، بعد عام، بلقب كروي عالمي سادس من عدمه، لاسيما بعد أن تسرب الشك إلى نفوسهم وهم الطامحون، هذه المرة، إلى نيل اللقب العالمي على أرضهم، وعدم تكرار نكسة مونديال سنة 1950 والذي خسر منتخب البرازيل نهايته في قلب ملعب "ماراكانا" بريو دي جانيرو أمام منتخب الأوروغواي ... ذكرى حزينة يستعيدها البرازيليون بألم حتى اليوم. وتجد مخاوف البرازيليين وانتقاداتهم لمنتخبهم مبررها في تراجع أدائه بشكل ملحوظ منذ الخروج من ربع نهاية مونديال جنوب إفريقيا سنة 2010، حيث خلف المدرب مانو مينيزيس مواطنه كارلوس دونغا، وعقدت الآمال عليه ليعيد للبرازيل هيبتها الكروية، غير أنه أغرق في تجريب اللاعبين والخطط التكتيكية دون أن يرسى له اختيار على تشكيلة قارة أو خطة واضحة لإعمالها في المونديال. ولأن مينيزيس أطال المقام في حقل التجارب إلى أن خرج المنتخب البرازيلي، للمرة الأولى، من قائمة العشرة الأوائل في تصنيف الاتحاد الدولي للمنتخبات، بادر الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إلى إقالته وتعويضه بمواطنيه لويز فيليبي سكولاري مدربا وألبرطو باريرا منسقا فنيا، لعل خبرتهما تنفع لتفادي الأسوأ وحتى تسلم الجرة في ثاني مرة تستضيف فيها البرازيل كأس العالم. ومنذ تولي سكولاري وباريرا قيادة المنتخب البرازيلي أواخر نونبر الماضي تحسن أداء الأخير نسبيا، حيث مني منتخب "السيليساو" بهزيمة واحدة وحقق أربع تعادلات وانتصاران، كان أهمهما وآخرهما الفوز على المنتخب الفرنسي بثلاثية نظيفة في المباراة الودية التي جمعت بين الطرفين الاثنين الماضي، فوز لم تدركه البرازيل على منتخب "الديكة" خلال المواجهات الودية والرسمية الثنائية على مدى ال 23 سنة الأخيرة. ويسعى المنتخب البرازيلي، الأكثر تتويجا بلقب كأس القارات (3)، إلى زيادة جرعة الثقة في صفوف لاعبيه قبل موقعة المونديال، مدركا أن الطريق إلى ذلك يمر عبر تتويج مستحق بلقب البطولة القارية في عقر داره وفي حضرة منتخبات من حجم إسبانيا (بطل العالم وأوروبا) وإيطاليا (وصيف بطل أوروبا)، واليابان (بطل آسيا). ويواجه منتخب البرازيل في أولى مبارياته ضمن كأس القارات منتخب اليابان عن المجموعة الأولى التي تضم أيضا منتخبي إيطاليا والمكسيك، في حين تتشكل المجموعة الثانية من منتخبات إسبانيا ونيجيريا وأوروغواي وتاهيتي.