يزداد هوس العالم بالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية يوميا، ما سيحتم على أجهزة الكمبيوتر التقليدية التكيف وتطوير نفسها كي تحافظ على وجودها. ومنذ فترة ليست بالطويلة، كان الناس يحلمون بتوفير جهاز كمبيوتر، ولكن الآن يجب أن يتم تحديث هذه الرؤية، فالأجهزة اللوحية "التابلت" وخاصة تلك الموجودة في حجم الآيباد ميني، أصبحت تباع الآن أكثر من أجهزة اللاب توب وقريباً جداً سوف تتخطى جميع أنواع الاجهزة المحمولة. ويرجع هذا إلى توافر الأجهزة اللوحية "التابلت" بأحجام أصغر وأسعار أرخص. ومثال على ذلك "أمازون كيندل فاير" الذي يمكن الحصول عليه بسعر 159 دولارا. ويعتبر توفر التطبيقات عاملا مهما على صعيد بيع اللوحيات، ففي مخزن التطبيقات التابع إلى "أبل"، وفي متجر "آبستور" التابع ل"أمازون"، وفي سوق "غوغل بلاي"، هناك المئات، بل الآلاف من البرامج المعروضة للبيع. ووفقًا لشركة "آي دي سي" الأميركية البحثية، فإن أجهزة الكمبيوتر اللوحية قد تتخطى سوق الكمبيوتر الشخصي بالكامل بحلول عام 2015، حيث تواصل مبيعات الاجهزة اللوحية النمو في ظل تراجع مبيعات الأخيرة. وتشير التوقعات إلى أن أكثر من 229 مليون جهاز كمبيوتر لوحي سيتم بيعها بنهاية عام 2013، وهو ما سيمثل زيادة نسبتها 58.7 بالمائة على أساس سنوي. وقال المحلل ريان ريث: "الاجهزة اللوحية تتجاوز الأجهزة المحمولة خلال عام 2013، وإجمالي أجهزة الكمبيوتر الشخصي في عام 2015، وهو ما يمثل تغيرًا كبيرًا في توجهات المستهلكين بشأن أجهزة الكمبيوتر والتطبيقات التي تدعمها". وافتتح في العاصمة السنغالية وفي وسط حي المدينة التاريخي والشعبي في العاصمة دكار أول "مقهى أجهزة لوحية" وهو مقهى أنترنت تحت اسم "تابليت كافيه" يعتمد على أجهزة لوحية بدعم من عملاق الأنترنت "غوغل". ويحاول اللابتوب الصمود في سوق سريعة التقلب عبر تغيير مواصفاته كتصغير الحجم والسماكة، والوزن، وتكثيف البرمجة مثل تصنيع لابتوب خاص للألعاب او التصميم أو الموسيقى. وأشار المحللون إلى أن أجهزة الكمبيوتر الشخصي لا تزال تلعب دورًا مهمًا بين فئة مستخدمي الأعمال، غير أن الغالبية العظمى من المستهلكين سوف يتجهون إلى الكمبيوترات اللوحية، لأنها حل بسيط وأنيق. وشهدت مبيعات أجهزة الكمبيوتر التقليدية نكسة في 2012، إذ إنها سجّلت نمواً ضعيفاً جداً وبلغت نحو 367 مليون وحدة، بحسب شركة "آي دي سي". ويواجه مصنعون كبار صعوبات كثيرة، إلا أن فرانك غيليت المحلل لدى شركة "فورستر" الاستشارية قال "إن "الأجهزة اللوحية لن تقضي على أجهزة الكمبيوتر، بل سترغمها على التطور". وتقدم شركة "مايكروسوف" وبرنامجها الناجح "ويندوز" مثالا على التغير الجاري حاليا. فالنسخة الأخيرة من نظام "ويندوز" المشغل لأجهزة الكمبيوتر والذي يعتبر الأكثر استخداما في العالم خضع للتحديث كي يتكيف أيضا مع شاشات الاجهزة اللوحية والهواتف الذكية العاملة باللمس. وقال جيمس مكويفي من فورستر للأبحاث إن مايكروسوفت لا تشير إلى الجهاز الجديد كجهاز ألعاب بل كنظام ترفيهي مما يبرز تجدد تركيزها على تحويل اكس بوكس إلى نافذة للمحتوى الإعلامي والترفيهي. وافاد إن عملاق البرمجيات يخاطر بذلك بالدخول في مواجهة ليس مع سوني ونينتندو فحسب بل مع أبل وغوغل وآخرين للسيطرة على الترفيه الاستهلاكي في عصر أجهزة التفزيون الذكية والكمبيوتر اللوحي والهاتف الذكي. ويوضح روب أندرليه من شركة "أندرليه جروب" "لا أعتقد أن الكمبيوتر سيختفي"، لكن "من الواضح أننا نمر بفترة من الاضطراب، لأن السوق تتأقلم مع المنتجات الجديدة". ويتوقع خبير اخر أن يشهد العالم "إعادة ابتكار" لأجهزة الكمبيوتر التقليدية، مشيرا إلى أن الناس سيتنقلون في المستقبل بين الاجهزة المحمولة وأجهزة الكمبيوتر التقليدية . واتجه عدد من الشركات المنتجة للاجهزة المحمولة ''اللاب توب'' إلى تخصيص منتجاتها لاستهداف فئة المحترفين في مجال الألعاب الإلكترونية أو المحترفين في البرمجيات وأدوات الويب والتصميم، وذلك بعد أن بدأت تلك الأجهزة تعاني في انتشارها بعد منافسة شرسة مع ''ألترا بوك'' و''اللوحيات''. وأعلنت شركة ''ريزر'' الأميركية المتخصصة في مجال الألعاب، عن إطلاق جهاز لوحي بلاد، وهو أنحف وأخف كمبيوتر شخصي محمول مخصص للألعاب. وأما شركة الاين واير التي اشتهرت بتصميم أجهزة احترافية مخصصة لألعاب الفيديو، فقد أطلقت M18x الذي يمتاز بامتلاكه مكونات داخلية تناسب مستخدمي الألعاب. ويقول روغر كاي وهو خبير لدى شركة "أندبوينت تكنولوجيز أساوسييتس" إن الكمبيوتر "لا يزال مهما بالقدر نفسه وإن لم يعد محط الأنظار في عالم المعلوماتية"، معتبرا أن الناس سيفضلون في المستقبل اقتناء مزيج من الاجهزة المختلفة. ولا يزال جهاز "آيباد" اللوحي الشعبي من "أبل" يسيطر على السوق، لكن المبيعات تستفيد أيضاً من طرح أجهزة لا يصل سعرها إلى 400 دولار. ولم ينكر خبير اميركي حقيقة ان اجهزة الكومبيوتر المحمولة ستظل في دائرة الاستخدام على نطاق واسع في المستقبل، لكنها لم تعد القوة الرئيسية في حركة الابتكار والاختراع في قطاع الصناعات الذكية كما كان في الماضي. ويشير المختصون إلى أن الميل إلى الاتصال بشبكة الإنترنت بواسطة الأجهزة المحمولة كالأجهزة اللوحية والهواتف الذكية سيزداد أكثر. وتجاوزت شحنات الهواتف الذكية عدد شحنات الهواتف المحمولة العادية في الربع الأول من عام2012 وفق دراسة سابقة. وبينت الدراسة أن الهواتف الذكية ستستمر في سيطرتها على سوق الهواتف المحمولة، وتتوقع أن تحقق الهواتف الذكية شحنات عالمية تصل إلى 937 مليون جهاز، في مقابل 889 مليون هاتف محمول عادي. وبحلول 2016 ستصل الشحنات السنوية للهواتف الذكية حوالي 1.45 مليار جهاز بفضل النمو الكبير في الأسواق الناشئة مثل البرازيل والهند وغيرها، وستكون حوالي ثلثي الهواتف في العالم هي ذكية. وفي ظل كثرة الفضائيات والاذاعات والمواقع الاكترونية المتخصصة وانتشار هستيريا الهواتف الذكية واللوحيات تراجع الاقبال على شراء اجهزة كانت مهمة ذات يوم و"انقرضت" أو هي على وشك الانقراض... مثل جهاز الفيديو ومسجل الكاسيت.