ليس معنى الاعتراض على منهج " حزب كيران" في تدبيرالشأن السياسي،الحنين إلى عصرالحكومات السابقة، وسواء أقرهذا الحزب بالأخطاء التي وقع فيها، منذ انطلاق الحراك المغربي وحتى الآن، أولم يقر، فإنه في النهاية حقق ما أراده. والمؤكد أن وصوله إلى الحكم، بغض النظرعن الطريقة التي يحكم بها، ظل حلمه منذ عقود وهو يعيشه واقعاً الآن. وسواء اعترف رئيس الحكومة " عبد الإلاه بن كيران" ومناصروه بتردي الأوضاع المعيشية للناس، واهتراء الأداء الحكومي، واستمرارالفساد ، وغياب أي رؤية للإصلاح، أو لم يقروا، فإن الواقع أن "ابن كيران" يترأس الحكومة متمتعاً بصلاحيات كاملة، خولها له دستور2011 تفوق ما كان لدى حكومة " عباس الفاسي". القوى المعارضة ل "سياسة ابن كيران" بكل أطيافها، سواء من هم داخل الحكومة، أوالذين يُغردون خارجها، خصوصاً هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم "إنا عكسنا " في إشارة إلى كونهم انتخبوا حزب المصباح ، ليس حباً فيه، أو تأييداً لبرنامجه «النهضوي»، أو إيماناً بقدرته على قيادة الحكومة ، وإنما فقط عكسا وضدا على ونكاية في سابقه " عباس الفاسي"، وسعياً إلى إبعاد حزبه عن تصدر قائمة الفائزين بأكثر المقاعد النيابية ،وبالتالي الظفربمنصب رئاسة الحكومة. غالبية هؤلاء مازالوا على حالهم، ماضون في طريقهم، وكأنهم احترفوا "العكس" وامتهنوه ،فلحد الساعة لم يُقروا بخطأ وقعوا فيه، أو ندموا على تصرف أقدموا عليه، أو دعوة أطلقوها وحرضوا الناس عليها، حتى بعدما ثبت أن "عكسهم " كان أحد الأسباب التي قادت البلاد إلى الوضع المزري الذي هي فيه الآن. " العكسيون" يفخرون بعكسهم وحين تسأل أحدهم عن فعلته فإنه غالباً ما يجهز حنجرته ليطلق صيحته المدوية بأن الزمن لو عاد لكررها! دون أن يؤثر فيه مشهد إمرأة تلطم خدها وتمزق ثيابها لوما على انتخابها "ابن كيران"الذي أعطى أوامره كرئيس حكومة، لوزارة الداخلية كي تقوم بهدم منزلها بدعوى أنه بني عشوائيا، أو تهميش رأس إطارا معطلا قام باحتجاج سلمي أمام قبة البرلمان لنيل حقه في الشغل. صحيح أن عجلة الزمن لا تعود إلى الخلف ، وحقيق أن المناخ الذي أحاط الانتخابات البرلمانية ، والوعود التي أطلقها "ابن كيران"، والتعهدات التي أخذها على نفسه، كلها ظروف شجعت معارضيه من كارهي حزب "الأستغلال" عفوا "الإستقلال" على أن" يتعكسوا" وينتخبوا مرشحي "المصباح"، لكن هؤلاء هم أنفسهم الذين أصبحوا يقودون الحملات لإسقاط " ابن كيران"، وإبعاد حزبه دون أن يغيروا استراتيجيتهم أو... "عكسهم". فقط هم يعتقدون أنهم أضعفوا حزبا فاسداً وأن لديهم القدرة على إضعاف حزب فاشل. بينهم سياسيون وإعلاميون وناشطون تغلب الرعونة سلوكهم، والحماس تصرفاتهم، والشطط عقولهم. وبافتراض حسن النوايا فإن الحكمة التي تقول " نقطة ضعف الطيبين أنهم لا يتوقعون حدوث الأسوأ" قد تنطبق عليهم، لكن أيضاً كل بداية جديدة تحتاج من صاحبها أولاً الإقرار بخطئه حتى لا يقع فيه مجدداً، وإن يكون فطنا وكيسا حتى لا يلذغ من جحر الأفعى الحزبية مرتين ،بل مرات ! لا مجال للمقارنة بين سيئ وأسوأ، فالاثنان مرفوضان، ولا يعني رفض أسلوب حكومة "ابن كيران" في إدارة البلاد أن حكومة " عباس الفاسي " أو من سبقتها كان أفضل. والاعتراض على ابن كيران لا يعني القبول بسابقه. المواطن المغربي الذي شارك في الحراك والذي لا يعنيه كثيراً من يحكم ،بقدرما يعنيه أن يكون شريفاً غيرفاسد، ناجحاً وليس فاشلاً، لديه رؤية للإصلاح وتحقيق التنمية وتوفيرأسس العيش الكريم للناس قولا وفعلاً وليس خيالاً أووهماً. وإذا كان العناد يسيطر على " ابن كيران " ويمنعه من الإقرار بأخطائه ، قد يقوده إلى نهاية غير التي يتمناها، ويبعده عن التسيير ويفشل مشروعه الذي ظل وأتباعه عقوداً يعملون من أجله فإن الأمر يبقى مجرد احتمال قد يتحقق أو لا، أما عناد أصحاب " إنا عكسنا " فلا احتمالات له رغم نواياهم الطيبة، فالمؤكد أنهم لم يقدموا بديلاً للناس، وجهودهم قد تُفشل حكومة " ابن كيران " ، وإذا غادرهذا الأخير مقعد رئاسة الحكومة فإن أكثر ما يقدر عليه أصحاب " إنا عكسنا " أن " يتعكسوا" مع حكوما ت مجدداً كميات أخرى لاحقة كما الحالية و السابقة ، فقد احترفوا العكس ولعبة " شد لي نشدلك