في تموز 2006 بدأت الحكاية في مكتب مجلة الأمان في بيروت، حيث عقد المؤتمر التأسيسي لرابطة الصحافة الإسلامية. عبد الإله بنكيران كان حينها رئيس تحرير صحيفة التجديد ونائبا في البرلمان المغربي عن حزب العدالة والتنمية، وحين وصلنا إلى فقرة انتخاب رئيس الرابطة قال: «نحن في المغرب تعوّدنا أن نجري الانتخابات على مرحلتين»، واقترح تطبيق ذات الآلية في انتخابات الرابطة. وهو ما تم بالفعل، حيث قام كل واحد من أعضاء الرابطة في المرحلة الأولى باختيار ثلاثة أسماء من بين المشاركين دون عملية ترشيح، ومن ثم أجريت الانتخابات في المرحلة الثانية بين الأعضاء الثلاثة الذين حصلوا على أعلى الأصوات وكان أحدهم ابن كيران، أما الآخران فرئيس تحرير مجلة الأمان الأستاذ إبراهيم المصري ورئيس تحرير مجلة البيان السعودية أحمد الصويان الذي انتخب بالفعل رئيسا للرابطة. قلت لابن كيران: «خسرت انتخابات رئاسة الرابطة عام 2006 وها أنت اليوم تفوز برئاسة وزراء المغرب وتصبح الوزير الأول في البلاد، مفارقة لافتة، أليس كذلك؟». ابتسم وعدّل جلسته وقال: «على العكس من ذلك، أنا لم أخسر حينها، فأنا من اقترحت المسطرة لاختيار رئيس الرابطة، وهذا هو الفوز الحقيقي في نظري، أن تعتمد آلية ومعايير واضحة ثم تقبل النتائج ولو لم تأت لصالحك». خمسة من أعضاء الرابطة شاركوا في زيارة المغرب لتهنئة زميلهم السابق ابن كيران بالنتائج المتقدمة لحزب العدالة والتنمية وباختياره رئيسا للحكومة المغربية. الوفد ضم رئيس الرابطة أحمد الصويان، رئيس تحرير مجلة البلاغ الكويتية رشيد ولايتي، المشرف العام على المؤسسات الإعلامية في الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 توفيق محمد، رئيس تحرير صحيفة النبأ البحرينية عبد المنعم جلال المير ورئيس تحرير صحيفة السبيل الأردنية عاطف الجولاني، فيما لم يوفّق عدد آخر من أعضاء الرابطة في الحصول على التأشيرة نتيجة ضيق الوقت، ومنهم صلاح عبد المقصود من مصر، رئيس تحرير صحيفة فلسطين المسلمة رأفت مرة ورئيس تحرير مجلة المنتدى اليمنية الخضر الشيباني. نتائج أكبر من التوقعات حصل حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المغربية الأخيرة على 27 بالمئة من مقاعد البرلمان، غير أنّ استطلاعا للرأي أجري عقب ظهور نتائج الانتخابات أظهر أنّ 82 بالمئة من المغاربة سينتخبون الحزب لو أجريت الانتخابات مجددا. سألنا ابن كيران: «هل توقعتم النتائج التي حصلتم عليها في الانتخابات الأخيرة؟» أجاب بالنفي، وقال: «كنّا نتوقّع الحصول على نحو ستين مقعدا، لكن شعبنا وضع ثقته فينا ومنحنا 107 مقعدا». العفوية والبساطة والبعد عن التكلّف والتصنّع أبرز ما يميّز شخصية ابن كيران. لمدة ثلاث ساعات استغرقتها الزيارة والحوار تحدّث على سجيته، أخبرنا كيف زوّج أبناءه وبناته، وكيف أدار علاقته الأسرية. التقيناه في منزله في الرباط، حيث لم ينتقل بعد إلى المنزل المخصص لرئيس الحكومة، قال ممازحا: «هذا المنزل ملك زوجتي، ولا خطر عليّ في أن أضطر لمغادرته ما دامت العلاقات بيننا جيدة». خلال اللقاء أطلق الكثير من النكات الطريفة التي عبّرت عن روح دعابة وقدرة على التواصل الاجتماعي وبناء العلاقات وإزالة الحواجز النفسية. بعد دقائق من دخولنا المنزل تم إحضار الشاي المغربي بنكهته المميزة، قلت: «أتذكر حين زرنا الخرطوم عام 2007، حينها سألتك عن طريقة إعداد الشاي المغربي، يومها وصفت لي الطريقة باستفاضة وقمتُ بتسجيل الوصفة لكنني أدركت أنني لن أتقن تنفيذها، فالأمر لا يبدو لي سهلا». ردّ على الفور مبتسما: «إعداد الشاي المغربي له طريقة خاصة ويستغرق وقتا وجهدا، وليس كما تعدّون الشاي عندكم في المشرق، حيث تكتفون بوضع كيس الشاي في الماء الساخن، وينتهي الأمر». أقنع الناس ولا تفرض برنامجك «لا أومن بظاهر وباطن في العلاقة مع الآخرين، ينبغي أن نكون واضحين وأن يكون لنا وجه واحد، وأن لا نخاف من ذلك، فهذا مطلوب شرعا ويولّد الثقة بين الناس»، يقول ابن كيران ويضيف: «ما كنّا نصرّح به حول رؤيتنا لمستقبل المغرب، كنّا نعبّر به عن قناعاتنا التي نؤمن بها». يتابع: «نتكلّم أمام الناس عن العدل والحرية والديمقراطية، ولكن حين نعود إلى داخل المنظومة نمارس شيئا آخر. ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوله كان هو واقعه، وهو لم يخف تفاصيل حياته العادية، لم يكن لديه ظاهر وباطن، ولم يكن عنده ما يخشاه». ابن كيران يؤكّد إيمانه بالحرية ويرفض فرض برنامج اجتماعي على الناس ينتقص من حرياتهم، «الشعوب لم تخترنا لأننا إسلاميون كي نطبّق عليهم الدين، كما نفهمه نحن وبالقوة أيضا بل اختارتنا لنطبّق العدل، لأنها تعتقد أننا نبغي خدمة المجتمع بحق ولا نكتفي بطرح الشعارات»، يضيف: «حين تفكّر بفرض الاستقامة على الآخرين بالقوة فأنت فاشل، أقنع الناس ولا تجبرهم». «من يريد أن يحكم الناس يجب أن يتّسع صدره للجميع»، يقول ابن كيران الذي حدّثنا عن أنّ إحدى السيدات «المتفرنجات» أرسلت له رسالة بعد الانتخابات قالت فيها أنّها رغم عدم التزامها الشرعي فإنها تثق به، ويضيف أنّه استقبلها واستفسر منها عن الأسباب التي دفعتها لتوجيه رسالتها إليه له. وحين تم تكليفه بتشكيل الحكومة حضرت كاتبتان في ديوان الحكومة مستفسرتين: «هل ستفصلنا من هذا العمل لأننا غير محجبات؟» فيردّ ابن كيران: «هناك حدود للياقة في اللباس، وما دمتما تلتزمان بها فلماذا أفصلكما؟». «المجتمع المغربي تفاعل معنا بطريقة لم تكن منتظرة، الناس لا ينتظرون منك أن تعطيهم، ينتظرون منك أن تُظهر الجدية، هم لا يريدون أن تقع فتنة في البلد، ويعتقدون أنّ الآخرين لم يعد لديهم ما يقدمونه”، يقول ابن كيران الذي أشار إلى أنّ حركة 20 فبراير لم تتمكّن مؤخرا من أن تحشد سوى نحو 870 شخصا في 19 نقطة، في رسالة واضحة من الشارع المغربي إلى أنّه يريد الاستقرار وتسريع وتيرة الإصلاح. من الاختناق إلى السلطة قبل الربيع العربي تعرّض «العدالة والتنمية» قوة المعارضة الرئيسة في المغرب لتضييق شديد، «كنّا على وشك الاختناق»، قال أحد قياداته تعبيرا عن حجم الضغوط التي مورست ضد الحزب. الأوضاع كانت تبدو في طريقها للاندفاع نحو النموذج التونسي في إضعاف الحركة الإسلامية وتهميشها ومواجهتها بقسوة. وحين بدأت «20 فبراير» تحركاتها في الشارع المغربي، أدرك الملك وعقلاء من حوله أنّها حركة جادة تنطلق من مشكلات حقيقية تعانيها البلاد وتحتاج معالجة جادة. «الإصلاحات التي طرحها الملك في 9 آذار كانت جريئة، ثم جاء الدستور وبقية الخطوات وصولا إلى الانتخابات التي حظيت بالمصداقية»، يعلّق ابن كيران ويضيف: «إذا أنت دخلت في معركة مع السلطة لأخذ الحكم منها عليك حينها أن لا تشتكي من رد فعلها ومما تتعرّض له من أذى، فأنت وضعت نفسك في موقع من يطلب الحكم. حين تدفع الحاكم إلى أن يستخدم آخر أدواته في الدفاع عن نفسه لا تستطيع بعد ذلك لومه فيما يفعل». قلت لابن كيران: «يقال إنّ الحكمة يمانية ويبدو أنّ الحكمة كانت مغربية هذه المرة، فالمسؤولون في المغرب فهموا رسالة الشارع مبكرا وتعاطوا معها بإيجابية بعيدا عن التعنت وصمّ الآذان عن مطالب الإصلاح، فأنتج المغرب بسلطته وقواه السياسية وشعبه نموذجا مغايرا لما شهدته بقية أقطار الربيع العربي، ما جنّبه دفع كلف وأثمان لا مبرر لها، وفي النهاية كسب الجميع، الملك والشعب والحركات السياسية، أليس كذلك؟” هزّ رأسه موافقا. لكن ليس جميع من حول الملك امتلكوا ذات القدر من الحكمة، بعضهم كان مستفيدا من استمرار الأوضاع السابقة، وهؤلاء قالوا في أنفسهم إذا تفاهم الملك مع المطالبين بالإصلاح، وخاصة الإسلاميين، فلن يكون بحاجة إلينا. “لو حصل الوفاق والتفاهم بين القوى الوطنية وبين الملك في وقت مبكر لكان المغرب الآن دولة متقدمة، لكن التنازع على السلطة حال دون ذلك، وهذا ما لا نريده أن يتكرر الآن. من يريدون الإصلاح عليهم أن يتجنّبوا الدخول في نزاع على السلطة عملا بقوله تعالى “إن أريد إلاّ الإصلاح وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلت وإليه أنيب”، يقول ابن كيران الذي تبنّى منذ ربع قرن نظرية إصلاح النظام في ظل الملكية، وعارض خيار نزع السلطة من الملك، رغم ما جلبه ذلك عليه من انتقادات واتهامات بالمهادنة والانبطاح. “لو فقد المغرب الملكية قد لا يبقى موحَّدا بصورته الحالية، وربما فقد استقراره إلى أمد بعيد، ولا يعلم إلاّ الله ما الذي كان سيحدث”، يقول ابن كيران الذي يشير إلى أنّ كسب ثقة الملك لا يأتي من خلال التصنّع أو التزلف، هو نتاج تجربة وسلوك طويل حسب رأيه. اعتقل ابن كيران لمرتين فيما مضى، ومجموع فترتي الاعتقال كان نحو ستة أشهر، لكنه يقول: “لست من الذين يحبون تسجيل البطولات ويفاخرون بفترة سجنهم”، والاعتقال لم يغيّر من قناعته بضرورة التفاهم مع الملك وتعزيز جسور الثقة معه. الناس يختارونك لتقودهم لا لتتبعهم من وجهة نظره فإنّ قيادات الأحزاب عليها مسؤولية الارتقاء بوعي الناس وأن لا تنجرّ دوما وراء ما يرغب الجمهور بسماعه، فليس كل ما يفيد يعجب الناس وليس كل ما يعجبهم مفيدا لهم. “لا أومن بركوب الأمواج، ولا أبحث شعبية زائفة، وليس هاجسي أن أرضي الجمهور لأحظى بالتصفيق، فالناس يختارونك لتقودهم لا لتتبعهم، ومن الخطأ أن تعمل على طريقة ما يطلبه المستمعون”. ويضيف: “الإسلاميون لديهم جرأة كبيرة في مواجهة الحكام، لكنهم جبناء ويرتجفون في مواجهة الجمهور، ويخشون أن توجَّه لهم الانتقادات والاتهامات بتقديم التنازلات”، وبرأي ابن كيران فإنّ “من يريد إحداث التغيير عليه أن يتحمّل ضريبة ذلك، وأن لا يتردد في دفع الثمن”. يرفض ابن كيران سكوت المصلحين عن التصدي لبعض الأخطاء بحجة اختلاف المجتمعات وعدم نضجها دينيا أو اجتماعيا لتقبّل بعض أشكال الحرية السياسية والاجتماعية، “صدّقوني فيما أقول لكم، المجتمعات لا تختلف، وهل يمكن تصديق أنّ المجتمعات تختلف إلى درجة أن يحرم الناس من حقوقهم وأن تصادر حرية المرأة بحجة عدم تقبّل بعض المجتمعات لذلك”، يقول ابن كيران الذي يرفض المبالغة في سد الذرائع وتعميم مقولة الخشية من الفتنة، ويضيف: “نحن نعيش مرحلة جديدة، وحين يأتي التغيير الاجتماعي من الإسلاميين فإنّه يؤخذ ضمن ضوابطه الشرعية، أما حين يأتي بصورة قسرية فإنّه سيؤخذ بعيدا عن تلك الضوابط”. التحدي الاقتصادي لا يحبّذ ابن كيران المبالغة في المقارنة بين حزب العدالة والتنمية المغربي وبين نظيره التركي الذي يتزعّمه رجب طيب أردوغان، «هم لديهم تجربة عمرها أربعون عاما، وعملوا على البرنامج الاقتصادي لفترة طويلة، وراكموا خبرات كبيرة». «التحدي الأساسي ليس النجاح في الانتخابات»، فالمرحلة الأصعب هي التي تلي الانتخابات في رأي ابن كيران، «كثير من الناس كانوا ينظرون إلى حزب العدالة والتنمية على أنّه الحزب الأكثر جدية في الإصلاح، والأشد رغبة في استقرار البلد، ورموزه تمت تجربتهم وأثبتوا صدقيتهم، فمنح الناس ثقتهم للحزب. أنا أشعر أنّ الناس لا ينتظرون النتائج ليحكموا علينا، إنّما ينتظرون منهجية الحكم، هل ستحكم بالعدل، بعيدا عن الفساد والمحسوبيات أم لا». وعلى الرغم من أنّ المغرب لا يملك نفطا وإمكانات كبيرة، باستثناء الفوسفات، فإنّ الخيارات الاقتصادية للمغرب، برأي ابن كيران كانت موفّقة منذ الاستقلال، حيث لديه نخبة اقتصادية نشطة. ابن كيران يرى أنّ الفساد تفاقم حين أنشأت السلطة أحزابا لمواجهة الأحزاب السياسية القوية الموجودة. والإشكال الاقتصادي الرئيس في المغرب ليس في إطلاق دورة اقتصادية جديدة، إنّما التحدي الأكبر هو حسن التدبير ومحاربة الفساد. حين تم اختياره أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية عام 2008 عمد ابن كيران إلى وضع برنامج اقتصادي للحزب، منهجية وضع البرنامج ومن ثم صياغته استغرقت نحو ثلاث سنوات. وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة مصطفى الخلفي، الذي حضر اللقاء، حاول أن يشرح لي في حديث جانبي على مائدة العشاء منهجية البرنامج الاقتصادي، والتي تضمّنت تشخيص الواقع أفقيا وعموديا، وتشخيص حاجات الناس، وتشخيص سياسات الحكومات والوقوف على أسباب فشلها، وكذلك تشخيص البيئة القانونية والالتزامات الدولية للبلد، وتفاصيل أخرى لم أتمكّن من استيعابها بسهولة خلال تلك الدقائق المعدودات، فقال: “يبدو أنّ الأمر يحتاج إلى محاولة أخرى في وقت أطول”، رددت: “تماما، ومع مختصين في المجال الاقتصادي”، هنا تدخّل ابن كيران وقال: “الأمر في غاية الأهمية وقد بذلوا جهدا كبيرا في وضع المنهجية وصياغة المشروع الاقتصادي، وهم على أتم استعداد لشرح تجربتهم بالتفصيل”. وفي إشارة لا تخلو من دلالات، نوّه ابن كيران إلى أنّ عمر الناطق باسم حكومته مصطفى الخلفي حوالي الثامنة والثلاثين. الوزير المكلف بالميزانية إدريس الإدريسي الأزمي، من حزب العدالة والتنمية، تحدّث عن الحكامة الجيدة في المجال الاقتصادي، وأشار إلى جملة من التحديات الاقتصادية وفي مقدمتها ترشيد النفقات وزيادة الموارد، فنحو 90 بالمئة من موارد الخزينة تأتي من الرسوم والضرائب. ومن التحديات أيضا تطوير القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية لخدمة هدفي النمو والتشغيل بعيدا عن التضارب بين الهدفين. الحصول على الطاقة تحد آخر، حيث يعتمد المغرب على الخارج في الحصول على نحو 96 بالمئة من مصادر الطاقة، وهو يبحث في تطوير الطاقة البديلة. سألنا ابن كيران عن العلاقة مع الغربيين وكيف استقبلوا فوز حزبه في الانتخابات الأخيرة، قال: “هم أدركوا أنّ مصلحتهم في دولة مستقرة في المغرب”. وحول استقرار ائتلافه الحكومي قال ابن كيران: “كنّا بحاجة إلى 198 نائبا للحصول على الأغلبية المطلقة، ولكن لدينا الآن في التحالف 220، حزب التقدم والاشتراكية له 16 مقعدا وهذا يمنحه وزارتين لكنه حصل على أربعة”. “وماذا عن حزبكم العدالة والتنمية، ألم تواجهوا مشكلة في اختيار ممثليه في الحكومة؟” يردّ ابن كيران: “البعض كان يعتقد أنّ حزبنا سيواجه مشكلة وسيعاني في اختيار وزرائه كما حصل مع أحزاب أخرى، لكن بحمد الله خلال عشر ساعات فقط اختار العدالة والتنمية أعضاءه المشاركين في الحكومة بكل هدوء وسلم، الجميع راضين بالنتائج”. سألناه على الفور: “وكيف تم ذلك؟” أجاب: “وضعنا مسطرة حددنا وفقها معايير الاختيار، وتمت العملية بالتداول مرة واحدة وبالتصويت ثلاث مرات”. “ولكن هل اكتفت قيادات “العدالة والتنمية” باختيار أعضائها في الحكومة، ألم تتدخل في اختيار ممثلي الأحزاب الأخرى؟” يرد ابن كيران: “اتفقت مع الحزب على أن يختار وزراءه في الحكومة وأن لا يتدخل في اختيار وزراء الأحزاب الأخرى”. قلنا له: “الشفافية مهمة، والرقابة على أداء أعضاء حزبكم في الحكومة أمر بالغ الأهمية، فأخطاؤهم مرصودة، والسلطة مفسدة، ولا يمكن الاعتماد على عامل الثقة.” هزّ رأسه مبتسما ومطمئنا وقال: “ليس عندنا تقديس للأشخاص، الأخوة عندنا في الحزب يقيّمون وينتقدون ويراقبون، والديمقراطية الداخلية في حزبنا حقيقية وقاسية، وهذه ضمانة. إذا أنت بدأت بالترضيات فلن تتوقف، وما تعيبه على الحكام سيصيبك”، يضيف: “مشكلة البعض أنّهم يخلطون بين الإسلام وبين ذواتهم”. الزميل توفيق محمد تحدّث عما تتعرّض له القدس والمسجد الأقصى من تهديد، وأشار إلى العدوان الذي تعرّضت له أوقاف المغاربة في القدس وكل فلسطين، ابن كيران أوضح: “الشعب المغربي يعتبر فلسطين قضيته، وهذا أمر قديم وليس طارئا، لكنّه ينظر بقلق إلى الخلاف في الساحة الفلسطينية ويرغب بأن ينتهي الانقسام الحاصل حاليا”. حين أنهينا الزيارة وأردنا المغادرة صافحته مودّعا، فشدّ على يدي وقال: “اطمئنوا، أخوكم عبد الإله الذي عرفتموه، سيبقى كما هو، ولن تغيّره السلطة بإذن الله”.