وجه عدد من أعضاء اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، الموالين لمجموعة سعيد السعدي، أول أمس (السبت)، انتقادات لاذعة إلى الديوان السياسي للحزب، الذي بادر إلى عرض مذكرة الإصلاح الدستوري على اللجنة المختصة، قبل أن تلتئم اللجنة المركزية. وانتقد هؤلاء مضمون الوثيقة التي تقدم بها الحزب. وتميزت أشغال الدورة الرابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، المنعقدة بالرباط، بتوزيع وثيقة من طرف مجموعة سعيد السعدي، تضم تصوراتها واقتراحاتها للإصلاح الدستوري، ومن أبرز المقترحات المتضمنة في الوثيقة، إحداث مجلس الدولة برئاسة جلالة الملك، وإلغاء مؤسسة المجلس الوزاري، إلى جانب تقوية مؤسسة الوزير الأول، وتوسيع اختصاصاته، والتركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وطالبت بعض الأصوات باللجنة المركزية بإغناء وثيقة الإصلاح الدستوري التي عرضها الحزب على اللجنة المختصة بمقترحات جديدة، وتشكلت لجنة لهذا الغرض، اشتغلت طيلة ساعات من الزمن، دون أن تصل إلى صيغة توافقية، بسبب الخلاف الذي أثارته بعض المقترحات، من بينها تشبث البعض بمطلب إحداث مؤسسة مجلس الدولة. وجرى الاتفاق حول ضرورة أن تواصل اللجنة عملها إلى حين التوصل إلى توافق بين جميع الأطراف. في غضون ذلك، كشف محمد نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، أنه عرض مقترحين شفويين على اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، خلال تقديم الحزب لمذكرته الأولية حول الإصلاح الدستوري، الأول يتعلق بالمطالبة بتغيير الفصل المتعلق بقدسية شخص الملك، واعتماد صيغة «لا تنتهك حرمة شخص الملك»، في ما يتعلق الثاني بتوسيع مطلب الاستشارة الشعبية (الاستفتاء)، على أساس أن يرتهن هذا الإجراء بضرورة الحصول على عدد معين من التوقيعات والتزكيات. وقال بنعبد الله، في التقرير الذي عرضه على الدورة الرابعة للجنة المركزية، إن المغرب تمكن من التعامل مع الحركات الاحتجاجية، التي تصدرتها حركة 20 فبراير، ب «عقلانية ونضج»، مجددا تضامن الحزب مع الشعوب المكافحة من أجل الحرية، والكرامة، والديمقراطية. وبخصوص عدم مشاركة الحزب، باعتباره مؤسسة، في المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية لحركة 20 فبراير، أوضح الأمين العام للحزب، أن ذلك يعود،أساسا، إلى مراعاة مجموعة من الاعتبارات الموضوعية ذات الصلة بتوجهات الحزب، المندرجة، طبقا لقرارات مؤتمره الوطني الثامن، في إطار خيار الحل الوسط التاريخي. وأضاف بنعبد الله أن انخراط الحزب في تحالف حكومي وسياسي، وأن المشاركة في الحكومة من عدمها أمر يعود الحسم فيه للجنة المركزية، فإنه لم يكن بالإمكان أن نرفع مطالب من قبيل إسقاط الحكومة، ونواصل، في الآن ذاته العمل من داخلها. وأكد بنعبد الله، كذلك، أن الحزب لم يكن على بينة تامة ممن سيُشرف على تنظيم المظاهرات، والتحكم في مسارها، واختيار شعاراتها، التي اتضح لاحقا أن جزءا منها يستدعي، في أقل الأحوال، التحفظ، بالنظر إلى تناقضاتها، مثل المطالبة دفعة واحدة بإسقاط الحكومة، وحل البرلمان دون التفكير في من سيتولى آنذاك تدبير شؤون البلاد. وأكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن الدورة الرابعة للجنة المركزية تنعقد في ظل ظرفية تفرض استحضار ما يواجهه المغرب من تحديات، في مقدمتها توطيد الوحدة الترابية للمملكة، وإنجاح مبادرة الحكم الذاتي. وأضاف أن الوعي بصدارة قضية الوحدة الترابية يمر، حتما، عبر تقوية وتحصين الجبهة الداخلية، من خلال الشروع في جيل جديد من الإصلاحات الدستورية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، من أجل إرساء دعائم دولة قوية بمؤسساتها الديمقراطية. وطالبت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، الحكومة ومؤسسات الدولة، التي تدبر الشأن العمومي في مختلف القطاعات، بمباشرة الإصلاحات الأساسية المطلوبة في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والعمل باستعجال على اتخاذ كل المبادرات والتدابير الكفيلة بأن تعطي إشارات قوية، تساعد على إرجاع الثقة إلى المواطنين في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي ينشده المغاربة.