يُعد موضوع الشباب في وضعية "NEET" (أي غير المندمجين في التعليم أو العمل أو التكوين)، من القضايا الاجتماعية المهمة في العديد من البلدان، بما في ذلك المغرب. ويشير مصطلح "NEET" إلى شريحة من الشباب الذين يجدون أنفسهم خارج منظومة التعليم والتوظيف والتدريب، مما يعرضهم لتحديات اقتصادية واجتماعية ونفسية كبيرة. شباب خارج المنظومة أم ضحايا؟ في هذا السياق، عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على إعداد استشارة مواطنة حول الموضوع، بعنوان: "شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين - NEET: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي؟"، لاستقاء آراء وتمثلات المواطنات والمواطنين حول هذا الموضوع. وقد أبرزت الاستشارة أن نسبة 63 ٪ من الإجابات لا يعتبر أصحابها أنفسهم ضمن فئة شباب "NEET"، في حين أن نسبة 83 ٪ من المشاركين والمشاركات يعرفون عددًا من الشباب المنتمين إلى هذه الفئة في محيطهم الاجتماعي. كما تعتبر ثلاثة أرباع الإجابات في الاستطلاع (73 ٪) أن وضعية شباب "NEET" تهم الشبان أكثر من الشابات، بينما يعتقد ما يقرب من ثلثيهم (61 ٪) أن الشباب المنحدرين من الوسط الحضري هم الأكثر عرضة لهذا الوضع. كما يرى المشاركون والمشاركات بنسبة تصل إلى 60 ٪ أن فئة "NEET" تشمل في المقام الأول أولئك الذين لم يحصلوا على شهادات دراسية. وحول الموضوع، صرح ل"أخبارنا" رئيس مجلس "خطى الشباب" ياسين كركيش، المهتم بقضايا الشباب والحكامة الترابية، بأن الشباب في وضعية "NEET" ليسوا "إلا ضحية تراكم سياسات عمومية غير واضحة وغير مجدية وغير تشاركية"، مضيفًا أنه في الوقت "الذي يجب أن تكون فيه سياسة عمومية واضحة وعملية للشباب للاستفادة من طاقاتهم وكفاءاتهم وخبراتهم كفرصة لتحقيق التنمية المستدامة وبناء المؤسسات، نجد أن الشباب موزع بين مجموعة من القطاعات الوزارية دون جدوى، وغائب عن برامج الحكومة، وعلى هامش البرامج السياسية للأحزاب المغربية". واسترسل كركيش قائلًا إن "عدد الشباب الذين لا يدرسون ولا يشتغلون ولا يزاولون أي تكوين ارتفع في ظل الولاية الحكومية الحالية، في غياب أي رؤية واضحة لإدماجهم اقتصاديًا واجتماعيًا وتعزيز مكانتهم الثقافية". حيث تفيد مؤشرات المندوبية السامية للتخطيط لعام 2022 أن واحدًا من كل أربعة شباب أعمارهم بين 15 و24 عامًا في وضعية "NEET"، أي ما يقرب من 1.5 مليون شاب وشابة. عوامل متعددة وتدخلات محدودة في السياق ذاته، تناول المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي العوامل المؤدية لوضعية شباب "NEET"، حيث أشار المشاركون والمشاركات في الاستطلاع بدايةً إلى الصعوبات الناجمة عن الإدماج المهني، إذ عزوا السبب إلى غياب فرص الشغل بنسبة فاقت 75٪. غير أنهم في الآن ذاته يرون أن الدبلومات لا تتوافق مع متطلبات سوق الشغل بنسبة 59.24٪. كما يرى أكثر من نصف المشاركين والمشاركات (59.95٪) أن الهدر المدرسي يقود إلى وضعية "NEET"، في حين يشير حوالي واحد من كل خمسة مشاركين (17.38٪) إلى أن الزواج المبكر للفتيات يشكل أحد أسباب هذه الظاهرة. بالمقابل، تعتبر 11.77٪ من الإجابات أن الإعاقة قد تسفر عن وضعية "NEET". أما الإدمان، فقد تمت الإشارة إليه كعامل للهدر المدرسي. وتكشف مخرجات الاستشارة المواطنة أن الأغلبية الساحقة من المشاركين والمشاركات، أي بنسبة 78٪، لا علم لهم بوجود برامج عمومية أو مبادرات للمجتمع المدني موجهة لدعم الشباب في وضعية "NEET"، بينما أفادت نسبة 22 ٪ فقط معرفتها بهذه البرامج والمبادرات. وفي سياق متصل، قال رئيس مجلس "خطى الشباب" إن "الوضعية الحالية للمؤسسات الشبابية التي تعنى بالشباب في قطاع الشغل والثقافة والرياضة والتكوين والتعليم والترفيه لا ترقى إلى تطلعات الشباب الحالي، خاصة شباب 'NEET' الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا فما فوق، نظرًا لغياب التحديث والرقمنة والمقاربة التشاركية والمواكبة والرعاية والتعقيدات الإدارية". وأضاف أن وضعية هؤلاء الشباب "تحتاج إلى خلق فرص شغل حسب الخصوصية الترابية، وملاءمة التكوين مع فرص التشغيل، وإعادة النظر في دور مؤسسات الوساطة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، خاصة دور الإعلام، وأخيرًا إعطاء نماذج للقدوة للشباب ونشر الوعي بأهمية روح الانتماء ومتلازمة الحق والواجب". وإذا كانت هذه الفئة غالبًا ما تواجه صعوبات في الاندماج في سوق العمل، ما يؤثر على فرصها في بناء مستقبل مهني مستقر، ويزيد من مخاطر التهميش الاجتماعي، فإن هذه الظاهرة تطرح تساؤلات حول فعالية الأنظمة التعليمية وبرامج التدريب والتأهيل المهني. كما تدعو إلى تعزيز الجهود لتقديم حلول شاملة تمكّن الشباب في وضعية "NEET" من إعادة الاندماج في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل مستدام.