شكل مسار السينما الجزائرية على مدى خمسة عقود ونصف محور مائدة مستديرة نظمت بتطوان اليوم الاربعاء ضمن فعاليات المهرجان الدولي لسينما المتوسط ٬الذي ستختتم السبت القادم. وتناول باحثون ونقاد جزائريون (احمد بجاوي ونبيل حاجي ومحمد بنصالح ومؤنس خمار) مختلف فترات تطور السينما الجزائرية من وجهة النظر الكمية والابداعية والمسارات المختلفة التي قطعها المجال السينمائي الجزائري وانعطافاته نحو التألق والعنفوان وفي بعض الاحيان الى التراجع. واشار النقاد الى ان ميلاد السينما الجزائرية أو "السينما المناضلة" ارتبط بمرحلة "سنين النار " بعد ان اشتعلت نار المواجهة إبان تحرير الجزائر٬ وانخرطت في هذا المخاض الذي اسفر عن استقلال البلاد٬ ويجسد هذا المسار اول عمل سينمائي جزائري "الغطاسون "للطاهر بنحناش واسماء اخرى مثل أحمد راشيدي وجمال الدين شندرلي وفيلم "ياسمينة " و"صوت الشعب " و"بنادق الحرية "لمحمد لخضر حامينة ٬وهي المرحلة التي خلفت شهداء السينما الجزائرية وفي مقدمتهم فاضل معمر زيتوني وعثمان مرابط وصلاح الدين السنوسي وعلي جنادي. واشتغلت السينما الجزائرية فيما بعد ٬خلال "مرحلة النضج" على واقع المجتمع الجزائري بعد الاستقلال والاحلام المحبطة التي ضحى من اجلها الشعب الجزائري ٬لتنتقل من مقاومة الاخر الى مقاومة الذات مثلما ستنتقل كاميرا المخرجين من التصوير البانورامي والمشاهد المفتوحة على الفضاء لتشتغل على التفاصيل وتقترب من الحالات الاجتماعية والنفسية للمجتمع الجزائري٬ ومنها افلام "وردة الرمال" لحامينة و"ريح الجنوب" لمحمد سليم رياض و"نوة" لعبد العزيز طولبي و"عمر قتلاتو" لمرزاق علوش و"الفحام" لمحمد بوعماري. واعتبر المتدخلون ان سنوات التسعينات ستظل اسوء فترات مجمل تاريخ السينما الجزائرية ٬حيث تعرضت القاعات السينمائية للاقفال بعدما كانت تتجاوز 400 قاعة لتتراجع الى 40 قاعة فقط ٬وطرح السينمائيون خلال هذه المرحلة اسئلة ملحة حول الحرية والابداع والحياة ومساءلة الذات والهوية ٬وهي المساءلة السينمائية التي انتجت افلاما مثل "جبل باية "لعز الدين مدور و"الهضبة المنسية " لعبد الرحمان بوقرموح . وحسب النقاد الجزائريين ٬فقد اينع ربيع السينما الجزائرية في بداية القرن الحادي والعشرين وأزهر افلاما مثلت احلاما جديدة للجزائريين ٬وفي مقدمتها "دار العجزة " لمحمد مزاحم ثم "حراكة" لمرزاق علواش ٬بينما تناولت افلام اخرى الحلم بجزائر اخرى على ارض الجزائر نفسها ٬منها فيلم "يما " لجميلة صحراوي وفيلم "الباب " لياسمين الشويخ وفيلم "عطور الجزائر " لرشيد بن حاج وفيلم "الساحة" لدحمان اوزيد وفيلم "مسخرة" لالياس سالم. ورأى السينمائي الجزائري أحمد راشدي من جيل الرواد ان مختلف مراحل السينما الجزائرية ورغم اختلاف زوايا المعالجة والسياقات التاريخية والموضوعاتية أثثت لسينما جزائرية حاولت اعطاء دينامية خاصة للسينما المحلية وتكسير الجمود الثقافي والطابوهات الاجتماعية والرمزية والحفاظ على الذاكرة. ودعا مشاركون في النقاش من مغاربة وجزائريين بالمناسبة الى تفعيل اتفاقيات التعاون المغاربية على مستوى الانتاج المشترك والتوزيع والعرض وتعزيز التواصل بين مهنيي ومحترفي السينما ورفع الحواجز بين مختلف دول المنطقة ٬من اجل الاستفادة ٬من المؤهلات الاكاديمية والبشرية التي تزخر بها هذه البلدان.