لا شك أن الإقصاء المر والمبكر من بطولة أمم إفريقيا لكرة القدم، خلف حالة من الغضب والتذمر والاستياء بين جل المغاربة، سواء داخل الوطن أو حتى خارجه، سيما أن الكل كان يراهن على هذا الجيل الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه من خلال مونديال قطر، أن يفوز بهذه الكأس القارية التي غابت عن خزينة المغرب منذ سنة 1976. وبعد تجاوز آثار الصدمة، انكب كل المحللين والمهتمين بالشأن الكروي في المغرب، على تقييم مشاركة الفريق الوطني في نسخة الكوت ديفوار، حيث وقفوا جميعهم على مكامن الخلل وكذا الهفوات التي سقط فيها الناخب الوطني وليد الركراكي بمعية طاقمه التقني، والتي عجلت بخروج الأسود مبكرا من ال"كان"، بعدما كانوا المرشحين الأبرز للفوز باللقب القاري. من جانبه، أعلن الركراكي بكل جرأة تحمله مسؤولية هذا الإقصاء المر والمبكر، في إشارة إلى قراءته الخاطئة للخصم، وكذا سوء توظيف بعض اللاعبين، وعدم تفاعله بالشكل الجيد مع مجريات مقابلة جنوب إفريقيا التي انهزم فيها الأسود بسذاجة أمام منتخب أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه كان في المتناول. في ذات السياق، يسود في الأوساط الكروية بالمغرب (الإعلام - المحللين - التقنيين..) شبه إجماع على ضرورة منح فرصة جديدة ل"الركراكي"، أولا بالنظر إلى ضيق الحيز الزمني الذي يفصلنا عن بطولة أمم إفريقيا المقبلة التي ستنظم بالمغرب السنة المقبلة (2025)، حيث يفترض أن يتم اعداد فريق تنافسي قوي بوسعه الفوز بهذا اللقب، وثانيا لأن الركراكي كون فكرة جيدة ومتكاملة عن كل اللاعبين المتاحين، وبالتالي صار من السهل إعادة تركيب لبنات الفريق الوطني وفق منظور جديد، مع تصحيح الأخطاء والبحث عن بدائل أخرى تشكل هوية كرة القدم المغربية، في أفق الاشتغال عليها خلال فترات التوقف الدولية، من خلال مقابلات ودية متنوعة مع منتخبات قوية. إلى جانب ذلك، يتفق كل المتابعين على أن الظروف المناخية الصعبة بساحل العاج، حيث ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، كانا سببين أساسيين في عدم ظهور الفريق الوطني بنفس الوجه والقتالية التي ظهر عليها خلال مونديال قطر الأخر الذي صنف خلاله رابع العالم وأمام منتخبات عملاقة، رغم أن خزانه البشري كان محدودا (بنك الاحتياط)، عكس تركيبة اليوم التي تعرف توازنا كبيرا في مستوى وأداء اللاعبين، بين الأساسيين والبدلاء. في مقابل ذلك، ترى قلة قليلة من الجماهير المغربية، ان مشوار الركراكي مع الأسود قد انتهى، وبالتالي صار من الضروري البحث عن بديل قادر على تجاوز هذه الكبوة التي سقط فيها الفريق الوطني، مشيرة إلى أن المقابلات التي خاضها هذا الأخير تحت إشراف وليد، كشفت محدوديته وعدم قدرته على تجاوز لحظات التراجع والخسارة، عبر حلول سريعة. وينتظر الجميع القرار الذي سيتخذه رئيس الجامعة الوصية "فوزي لقجع"، الذي من المرتقب أن يجتمع قريبا مع الركراكي، في أفق تحديد الأهداف المقبلة أو وضع حد لمشواره مع الأسود، بعد تجربة تاريخية قادت الأسود لأول مرة في تاريخ العرب وإفريقيا إلى التواجد مع كبار العالم في المربع الذهبي لمونديال قطر الأخير.