ألغى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارة كانت مرتقبة إلى منطقة "القبايل"، دون الكشف عن أسباب هذا العدول المفاجئ الذي فتح باب التأويلات على مصراعيه. وسخّر "تبون"، قبل تاريخ الزيارة، عددا من الجنود ورجال الأمن لتأمين هذا الحدث، لاسيما وأن علاقة النظام الجزائري بساكنة "القبايل" متوترة ويطبعها الاحتقان، نظرا إلى مطالبتهم بتقرير مصيرهم بأنفسهم بعيدا عن تعليمات جنرالات قصر المرادية. صحيفة "أتالايار" الناطقة بالإسبانية سلطت الضوء على هذا الملف، مشيرة إلى أن الزيارة كانت مقررة يوم الأربعاء المنصرم؛ بيد أن أسباب مجهولة وراء الإلغاء، موضحة أن تبون لم يظهر في الجزائر منذ يوم الأربعاء 21 دجنبر الجاري. هذا وعُرف "القبايليون" بمقاطعة الانتخابات الرئاسية في 19 دجنبر 2019 بشكل كامل، التي أسفرت عن تعيين عبد المجيد تبون رئيسا للجزائر. وكشف هذا الإلغاء، وفق المصدر عينه، غياب أي تواصل في هذا الصدد؛ إذ لم تصدر الرئاسة ولا الصحافة الجزائرية أي إعلان رسمي؛ بل حتى الصحفيون المعتمدون لتغطية رحلة الرئيس تلقوا تعليمات بعدم الحديث عنها. وقبل 48 ساعة من زيارة رئيس الجمهورية إلى "تيزي وزو"، تشرح "أتالايار"، فوجئت السلطات المحلية وشعرت بالقلق عندما علمت أن كافة الاتصالات مع الأجهزة الأمنية ورئاسة الجمهورية انقطعت منذ ظهر الخميس 21 دجنبر الحالي. وسبق للسلطات المحلية أن أصدرت تعليماتها ببذل كل ما في وسعها لضمان نجاح زيارة التحدي هذه، وتعبئة أكبر قدر ممكن من سكان منطقة القبائل، الذين ضاعفت الحكومة مبادراتها تجاههم لكسب تعاطفهم؛ من قبيل تزويد شبيبة القبائل، نادي كرة القدم الأكثر نجاحا في الجزائر، بملعب جديد. هذا الملعب أطلق عليه اسم أحد أعظم الشخصيات التاريخية في منطقة القبائل، حسين آيت أحمد، رغم أنه حمل السلاح في عام 1963، بعد الاستقلال مباشرة، وقاد جيشا للإعلان عن تمرد القبائل ضد الحكومة المركزية في الجزائر العاصمة. ولاستمالة عطف "القبايليين"، يضيف المصدر ذاته، قامت الجزائر بتوزيع ما يقرب من 1000 منزل بمدينة عزازقة، مدينة فرحات مهني، زعيم حركة تقرير مصير منطقة القبائل (MAK). "من الواضح أن كل شيء كان جاهزًا من الناحية الأمنية"، تستطرد "أتالايار" قبل أن تواصل: "تمركزت فرقة أولى عددها 4000 جندي بحرم جامعة "تامدا" في "تيزي وزو" لمدة أسبوع تقريبا". هذا وخلصت الصحيفة المذكورة إلى أن الوالي كلف رؤساء الدوائر بتوجيه رؤساء البلديات لتعبئة أكبر عدد ممكن من الناس؛ إذ سيتم منح مقعد في مجلس الأمة (مجلس الشيوخ) لرئيس البلدية الأكثر التزاما، لو اكتملت أجندة هذه الزيارة الملغاة بشكل مفاجئ. تجدر الإشارة إلى شد الحبل بين "القبايليين" والنظام الجزائري ما يزال متواصلا، عبر اتهام زعمائها بتهم خطيرة دفعت عددا منهم إلى العيش بعيدا عن الجزائر خوفا من الاعتقال والتعذيب، من قبيل فرحات مهني الغني عن التعريف الذي اختار العيش والاستقرار في فرنسا.