حضر الزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز في العالم العربي من خلال مبادراته ومواقفه، وامتد حضوره الى منطقة المغرب العربي، حيث اتخذ مواقف موالية للجزائر وغير ودية مع المغرب في ملف الصحراء، الأمر الذي دفع الرباط الى تجميد العلاقات مع فنزويلا سنة 2009. وتعتبر فنزويلا دولة متوسطة، لكن تأثيرها مع تشافيز الذي توفي ليلة الثلاثاء الماضي تجاوز ما هو إقليمي الى الساحة الدولية. وركزت دبلوماسية فنزويلا على منطقة المغرب العربي في محاولة لتخلق حوارا قويا يتجاوز العلاقات الثنائية في مخاطبة أوروبا في بعض القضايا الهامة وإن كان رهانها هو الجزائر، حيث شهدت العلاقات قفزة نوعية، في حين سجلت العلاقات مع المغرب تراجعا انتهت بالقطيعة، ولم تشهده علاقاته بليبيا تطورا ملحوظا. في هذا الصدد، لم يتمكن تشافيز من تطوير علاقات إيجابية للغاية مع الزعيم الليبي المغتال معمر القذافي، رغم الزيارات التي قام بها الى ليبيا، إذ كانا يلتقيان في مناهضة سياسة الولاياتالمتحدة، لكن تشافيز اتخذ مسافة معينة من القذافي بعد انفتاحه المفاجئ على الولاياتالمتحدة وبريطانيا والغرب أساسا، ودافع عنه بقوة خلال الربيع العربي، واعتبره ضحية ذلك الغرب الذي انفتح عليه. وفي المقابل كان يرى في الجزائر مخطابا رئيسيا حيث زار تشافيز الجزائر أربع مرات خلال السنوات الأخيرة، وعزز من تحالفه مع هذه الدولة. والتقى الرئيس الفنزويلي الراحل مع نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في عدد من المواقف، أبرزها المحافظة على ارتفاع أسعار النفط والتخفيض من الانتاج والعمل على عالم متعدد الأقطاب، تلعب فيه الدول المتوسطة مثل فنزويلا وإفريقيا الجنوبية والجزائر ونيجيريا دورا في صناعة القرارات الدولية. وساءت علاقاته بالمغرب كثيرا، علما أن المغرب يتوفر على جالية تتجاوز أربعين ألف مغربي أغلبهم من اليهود المغاربة في هذا البلد ويحتلون مراكز هامة في الاقتصاد والسياسة. وينتقد المغرب الرئيس هوغو تشافيز بسبب موقفه الداعم لجبهة البوليساريو، حيث قررت الرباط خلال يناير 2009 تجميد العلاقات وسحب السفير دون القطع النهائي للعلاقات.وكان السبب الرئيسي لقطع العلاقات في يناير 2009 هو زيارة قام بها دبلوماسي فنزويلي الى مخيمات تندوف، اعتبرتها الرباط غير ودية بالمرة. وعمليا، بدأ تشافيز في تأييد البوليساريو بشكل قوي منذ سنة 2004، وإن كان اعتراف فنزويلا بما يسمى جمهورية الصحراء يعود الى سنة 1992، أي قبل وصول تشافيز الى السلطة بسبع سنوات. ورفع تشافيز دعمه للبوليساريو ابتداء من سنة 2004 كرد على ما كان يعتبرها سياسة غير ودية للمغرب اتجاهه. في هذا الصدد، سلمت فنزويلا للمغرب سنة 2003 رئاسة مجموعة 77 زائد الصين في مقر الأممالمتحدة. وانتظر هوغو تشافيز حضور الملك محمد السادس أو على الأقل الأمير مولاي رشيد أو الوزير الأول وقتها إدريس جطو، لكن المغرب أرسل وزير الخارجية محمد بنعيسى لتسلم رئاسة هذه المجموعة، وهو ما اعتبره الزعيم الفنزويلي قرارا غير مناسب من المغرب لأنه قلل من شأنه بروتوكوليا. وفي السنة نفسها، كانت فنزويلا قد رأت بنوع من التحفظ والغضب قرار الملك محمد السادس عدم إدراج هذا البلد في الزيارة التي قام بها الى أمريكا اللاتينية وشملت المكسيك والبيرو والبرازيل والأرجنتين وتشيلي.