طبع الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيس السياسة الدولية، وتجاوز إشعاعه وشخصيته المثيرة للجدل حدود بلاده فنزويلا والمجال الاقليمي الذي ينتمي إليه وهو أمريكا اللاتينية الى باقي مناطق العالم ومنها المغرب. وشكل مفارقة في حالة المغرب مثل الكثير من الدول الأخرى، فبينما كانت العلاقة الدبلوماسية بين المغرب وفنزويلا مجمدة على خلفية نزاع الصحراء المغربية، كان الكثير من المغاربة وخاصة التقدميين يبدون إعجابهم بمواقف هذا الزعيم اليساري. وعلى الرغم من قلة اهتمام الرأي العام المغربي بالوضع السياسي في أمريكا اللاتينية، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة أبدى اهتماما بهذه المنطقة بسبب الشخصية المثيرة للجدل للرئيس الفنزويلي هوغو تشافيس الذي توفي ليلة الثلاثاء 5 مارس 2013. ويمكن اعتبار هوغو تشافيس هو أحد السياسيين الثلاثة من أمريكا اللاتينية الذين يعرفهم جزء كبير من الرأي العام المغربي ويتعلق الأمر بكل من الزعيم الكوبي فيدل كاسترو والثار اليساري تشي فيغارا وثالهم هو تشافيس. وتبقى العلاقات المغربية-الفنزويلية غير معروفة بما فيه الكفاية رغم وجود أكثر من أربعين ألف يهودي مغربي في هذا البلد، حيث بدأت الهجرة اليهودية المغربية الى هذا البلد في الستينات من القرن التاسع عشر. ويعود الاهتمام النسبي لجزء من الرأي العام المغربي بشخصية هوغو تشافيس بسبب سياسته التي جعلت اليسار الاجتماعي في أمريكا اللاتينية يصل الى السلطة. إذ شكل تشافيس المحرك الرئيسي لهذا المنعطف التاريخي الذي شهدته المنطقة. وفي الوقت ذاته، صفق الرأي العام للمواقف الجريئة لتشافيس في مواجهة الولاياتالمتحدة وسياسة التشدد التي نهجها ضد إسرائيل سواء في حرب 2006 أو في اعتداءاتها على قطاع غزة سنة 2009، حيث قام تشافيس بطرد السفير الإسرائيلي من فنزويلا. وقتها، زار وفد سياسي مكون من عدة أحزاب مغربية وبرئاسة عبد الإله ابن كيران السفارة الفنزويلية لتهنئة هذا البلد على الموقف الجريء في القضية الفلسطينية. ومقابل الإعجاب والإشادة الشعبية بتشافيس، شهدت العلاقات المغربية-الفنزويلية توترا سنة 2009 انتهت بتجميد الرباط للعلاقات وسحب سفيرها من كاراكاس على خلفية الصحراء. وينتقد المغرب الرئيس هوغو تشافيس بسبب موقفه المدعم لجبهة البوليساريو، حيث قرر المغرب خلال يناير 2009 تجميد العلاقات وسحب السفير دون القطع النهائي للعلاقات. وعمليا، بدأ تشافيس في تأييد البوليساريو بشكل قوي منذ سنة 2004، وإن كان اعتراف فنزويلا بما يسمى جمهورية "البوليزاريو" يعود الى سنة 1992، أي قبل وصول تشافيس الى السلطة بسبع سنوات. ورفع تشافيس دعمه للبوليساريو ابتداء من سنة 2004 كرد على ما كان يعتبره سياسة غير ودية للمغرب اتجاهه. في هذا الصدد، سلمت فنزويلا للمغرب سنة 2003 رئاسة مجموعة 77 زائد الصين في مقر الأممالمتحدة. وانتظر هوغو تشافيس حضور الملك محمد السادس أو على الأقل الأمير مولاي رشيد أو الوزير الأول إدريس جطو، لكن المغرب أرسل وزير الخارجية محمد بنعيسى لتسلم رئاسة هذه المجموعة، وهو ما اعتبره تشافيس قرارا غير مناسب من المغرب لأنه قلل من شأنه بروتوكوليا. وفي السنة نفسها، كانت فنزويلا قد رأت سنة 2003 بنوع من التحفظ والغضب عندما قرر الملك محمد السادس عدم إدراج هذا البلد في الزيارة التي قام بها الى أمريكا اللاتينية وشملت المكسيك والبيرو والبرازيل والأرجنتين والتشيلي. وبهذا تكون علاقة المغرب بهوغو تشافيس هي علاقة إعجاب لمواقفه في القضايا العربية وأساسا فلسطين، وعلاقة توتر بسبب دعمه لجبهة البوليساريو.