توصل فريق من العلماء إلى أنه يمكن إعادة توجيه أحد أدوية السرطان الحالية لاستهداف مجموعة فرعية من السرطانات التي تفتقر حاليا إلى خيارات العلاج المستهدفة وغالبا ما ترتبط بنتائج سيئة. وتشكل هذه المجموعة الفرعية من السرطانات 15% من جميع أنواع السرطان وهي منتشرة بشكل خاص في الأورام العدوانية مثل الساركوما العظمية (ورم العظام) والورم الأرومي الدبقي (ورم الدماغ). وثبت أن عقار بوناتينيب (ponatinib) الذي تمت الموافقة عليه بالفعل في الولاياتالمتحدة لعلاج نوع من سرطان نخاع العظام، يمنع أنواعا معينة من الخلايا السرطانية من التكاثر دون حدود في تجارب الخلايا واختبارات الفئران. ووجد فريق العلماء، بقيادة جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة (NTU Singapore) أن بوناتينيب يمكن أن يعيق آلية الإطالة البديلة للتيلوميرات (ALT) التي من خلالها تتمكن هذه السرطانات من البقاء "خالدة". وهذا يؤدي إلى موت الخلايا السرطانية. ووفقا للفريق، فإن 15% من جميع أنواع السرطان إيجابية للإطالة البديلة للتيلوميرات، مع انتشار مثل هذا بشكل خاص في أورام العظام العدوانية (الساركوما العظمية) والدماغ (الورم الأرومي الدبقي). وتميل هذه الأنواع والعديد من السرطانات الأخرى الإيجابية للإطالة البديلة للتيلوميرات، إلى مقاومة العلاج الكيميائي، ما يجعل العلماء يسعون جاهدين بشدة لإيجاد طرق علاجية جديدة. يوجد حمضنا النووي في هياكل شبيهة بالخيوط تُعرف بالكروموسومات، تنتهي أطرافها بأغطية واقية تسمى التيلوميرات وفي كل مرة تنقسم فيها الخلية، يتم فقدان جزء من هذه التيلوميرات بشكل طبيعي في هذه العملية. وعندما تصبح التيلوميرات قصيرة جدا، تموت الخلية. وفي معظم الخلايا السرطانية، يتم تجنب هذه النهاية عن طريق تنشيط إنزيم يسمى تيلوميراز، وهو يطيل التيلوميرات بحيث يمكن للخلايا أن تتكاثر إلى أجل غير مسمى. ومع ذلك، فإن نحو 15% من أنوع السرطان تطيل التيلوميرات الخاصة بها بوسائل بديلة، ومن هنا يتم تصنيفها على أنها سرطانات إيجابية "لإطالة التيلوميرات". وحتى الآن، لا يوجد علاج معتمد سريريا يستهدف على وجه التحديد السرطانات الإيجابية لإطالة التيلوميرات (ALT). وأجرت الدراسة الحديثة عالمة الأحياء الجزيئية الدكتورة مايا جيتاني من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة وزملاؤها، والتي أوضحت: "إحدى السمات البارزة للسرطان هي قدرته على تفادي موت الخلايا والحصول على تكاثر غير محدد، ليبقى خالدا، بمعنى آخر، وهو ما يمكنه القيام به من خلال آلية الإطالة البديلة للتيلوميرات (ALT). وبينما يعتمد جزء كبير من الخلايا السرطانية على هذه الآلية، لا يوجد علاج موجه معتمد إكلينيكيا". وأضافت "من خلال دراستنا، حددنا مسارا جديدا للإشارات في آلية إطالة التيلوميرات وأظهرنا أن عقار بوناتينيب المعتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (لعلاج نوع معين من سرطان نخاع العظام) يثبط هذا المسار ويحمل وعدا استثنائيا في وقف نمو خلايا الإطالة البديلة للتيلوميرات السرطانية. ووفقا للدكتورة جيتاني: "قد توفر النتائج التي توصلنا إليها اتجاها جديدا لعلاج سرطانات الإطالة البديلة للتيلوميرات من خلال إعادة استخدام دواء معتمد من قِبل إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) لهذه الأنواع من الأورام". وحدد العلماء إمكانية استخدام عقار بوناتينيب لعلاج السرطانات الإيجابية للإطالة البديلة للتيلوميرات أولا عن طريق الفحص عالي الإنتاجية، حيث قاموا بتحليل عدد كبير من المركّبات البيولوجية والدوائية، متبوعا باختبارات فعلية لقائمة مختصرة من الأدوية. ووجد الفريق أنه عندما عالجوا خلايا من الساركوما العظمية والساركومة الشحمية (نوع من الورم ينمو في الأنسجة الدهنية) باستخدام بوناتينيب في المختبر، عانت الخلايا من تلف الحمض النووي، واختلال التيلومير، وتوقفت في النهاية عن الانقسام. وعلاوة على ذلك، وجد العلماء أن إنتاج التيلومير ينخفض في غضون 18-20 ساعة بعد إعطاء الدواء للخلايا. وفي الدراسات قبل السريرية التي أجريت على الفئران مع الخلايا السرطانية البشرية المزروعة، وُجد أن العلاج باستخدام عقار بوناتينيب يقلل حجم الورم دون التأثير على وزن جسم القوارض، وهو أحد الآثار الجانبية الشائعة لعلاجات السرطان. وأشارت الدكتورة جيتاني وزملاؤها أيضا إلى أن هذه الفئران تشهد انخفاضا في المرقم الحيوي للسرطان الإيجابي للإطالة البديلة للتيلوميرات، مقارنة بالفئران غير المعالجة، مما يشير إلى أن العقار فعال بالفعل في تثبيط نمو السرطان. ومع اكتمال دراستهم الأولية، تدرس الدكتورة جيتاني وزملاؤها الآن كيفية تأثير بوناتينيب على التيلوميرات بمزيد من التفصيل، جنبا إلى جنب مع استكشاف تركيبات الأدوية المحتملة التي تتضمن البوناتينيب التي يمكن استخدامها في العلاج السريري لسرطانات إيجابية للإطالة البديلة للتيلوميرات. وعلقت البروفيسورة فاليريا يانغ وهي طبيبة أورام من المركز الوطني للسرطان في سنغافورة لم تشارك في الدراسة الحالية: "الساركوما والأورام الأرومية الدبقية هي سرطانات شديدة التعقيد تنتشر بشكل أكبر بين الشباب ولديها خيارات علاج محدودة حاليا. إن تحديد الدواء الذي تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) والذي يمكن إعادة استخدامه لاستهداف الإطالة البديلة للتيلوميرات، وهو نقطة ضعف في هذه السرطانات، أمر مثير للغاية". نُشرت النتائج الكاملة للدراسة في مجلة Nature Communications