هناك لحظات فارقة ، لكنها لائقة، ناهيك عن مقاربات تدعي قيمتها من المتح في مايمكن أن نعتبره ، نقدا ذا قيمة ، كلحظة حيوية لتطوير النقاش في " العقيدة".ومن بينها لحظتان. اللحظة الاولى:هي ثنائية موضوع /ذات، غير انها لم تكن تحظى بالوعي المُفترض ، لذلك فالتحليل الخاص بها ،كان يفضي وبصورة شبه دائمة ، الى أن هذه الذات او بالأصح دور هذه الذات كان منفعلا ازاء مايجري على صعيد الموضوعي.ولم يكن ذلك فقط على مستوى المعالجات النظرية، بل وفي التاريخ أيضا، ولهذا ولأهداف المدرسة الغائية، اضحى الفهم لدور الوعي في التاريخ محدودا( على عكس تصور بليخانوف في كتابه" دور الفرد في التاريخ)،فيما منطق الواقع الراهن( على الاقل وطنيا) يقود الى " اعادة النظر في تقديرنا لدور الوعي في التاريخ" الذي يبدو اكبر مما نتصور.(دور حكومة التناوب العام 97 بالمغرب يمكن ان تكون مِخبرا لهكذا تصور؟؟). 2/ اللحظة الثانية : النجاعة والجذرية الكاذبة؟؟ 1/يحيلني في هذه اللحظة، ماجرى في كلية الآداب بفاس مؤخرا، الى الإنتباه،ان الثوروية ليست قرينة ذلك الموقف الذي يكتفي بمحاكاة السلطة السياسية دون الانطلاق من من محاكمة الثقافة المنتجة لتلك السلطة السياسية،وهو الموقف الذي من شأنه ان يحيلنا بطريق الاستنتاج الى تصدير "ثورة ماكروفيزيائية".إذ هي في ذلك، تأخذ صرامة الموقف، معناه وجذرية المواجهة ، حين نكتشف السلطة الفعلية ، لاتسكن القصور الرئاسية، ولامقرات الحكومات ولاوزارات السيادة،بل هي تتقوقع في خيالات الناس ، وتتموضع في خيالاتهم،اوهامهم،في لغاتهم وكلامهم، في سلوكهم وافعالهم،في قيمهم ومعتقداتهم: انها محايثة لمجمل النسيج الاجتماعي ،ومنبثة في في كل اركانه ، وليست متعالية عليه او متمركزة في بؤرة يمكن الاشارة اليها ، وعليه،فكل من رامت نفسه مواجهة السلطة مواجهة فعلية،فليستعد لمواجهتها على أديم حلبتها المتخلخلة، يعني بالكلام الأخير؛ عليه ان يرسم طوبوغؤافيا جديدة لا تعترف بأي مكان للسلطة ، وتتعقبها في كل مظاهرها وتنزع عنها كل براقعها التي تتسربل بها، وورائها تتوارى. 3/ جوهر السلطة.وثنائية جلاد/ضحية؟؟ في مجمل القول، وعلى ضوء ما بيّناه سابقا، فإن السلطة ليست فقط جوهرا، ولكنها فعالية، ولذلك كانت تبدو في اكثر من لبوس ولبوس، وكلها هي وكلها ليست هي(انظر تنظيرات البؤس لدى ماسمي " باليسار الجديد "). على قاعدة من هذه المعطيات وغيرها ، ستبدو لنا هشاشة (حتى لانقول سذاجة) التقسيم الهلامي:ضحية/جلاد. وحين نراعي صرامة التقييم ونعفيها من مناورات السياسة واعتباراتها، سنكتشف لامحالة أن الجلاد ليس سوى عودة الضحية، وانه لايعدو ان يكون مفعولا به وليس البتة سببا(ماجرى بظهر المهراز يجب ان يفهم من هذا المنطلق؟). وفعلا ما إن نتحول ببصرنا عن التحديق في المستبد وأعوانه، حتى تتمظهر ضرورة التدقيق في جحافل الناس وفي تناظرها في الطباع وفي اساليب الحياة وانماط الكينونة، حتى نهلع بعدها ، لاستفحال الروح الانقيادية في مظاهر وجود الواحد منهم.انذاك ينبغي اليوم قبل الغد ، ان ندرك انه لتحقيق حلم ماركس(الفيلسوف وليس الإيديولوجي ) بمجتمع عادل عدالة فعلية لامشهدية او لفظية، وحلمه بافراد سواء في حظهم من الرشد ووقاره.ومن الحياة وصبوتها.نقول ، لتحقيق هذا الحلم لابد من اعتماد مخطط " نيتشه" الذي لايقوم على تأثيم المس تغل او الدائن كما يسميه هو، بقدر ماينبغي تثوير" المدين". ربما، وهذا اعتقادنا، ستُنسف هذه المفارقة، لما تتعطل خيبة الامل ومعاناة تجربة الإحباط، وتكنس الاوهام ، الى النفاية .هذا وقع، لكن اغلبهم يعاند بمستوى يستحق الاشفاق.