البطولة: الجيش الملكي يعزز وصافته والمغرب التطواني يحقق تعادلا مثيرا أمام الفتح الرياضي في الرمق الأخير من اللقاء    تطورات مفاجئة في قضية "سفاح بن احمد"..    بمشاركة واسعة للطلبة.. عميد كلية العلوم بتطوان يترأس فعاليات توعوية بمناسبة اليوم العالمي للأرض    بوعياش تدعو إلى صياغة مشروع قانون المسطرة الجنائية ببعد حقوقي    حموشي يستقبل مسؤول الاستعلامات ووفد أمني عن الحرس المدني الإسباني    موتسيبي: نجاح كرة القدم في المغرب يجسد القيادة المتبصرة للملك محمد السادس    61 مقعد ل"الأحرار" بالانتخابات الجزئية    محكمة الاستئناف بالحسيمة تقضي بإعدام شاب أنهى حياة والده    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    بنعلي تعلن عن إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور على خلفية ارتفاع لافت للاستثمار في الطاقات المتجددة    وزراء أفارقة يتفقون بمكناس على خطة زراعية ودعم تفاوضي موحّد للقارة    خبراء ينادون بتدريس التنشيط الرياضي    الأردن يتهم "الإخوان" بتصنيع الأسلحة    "توريد أسلحة لإسرائيل" يفجّر استقالات بفرع شركة "ميرسك" بميناء طنجة    رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    سابقة قضائية.. محكمة النقض تنتصر لشابة تعاني اضطرابات عقلية أنجبت طفلا من شخص بالحسيمة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    وزراء الخارجية العرب يرحبون بانتخاب المغرب لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    بعد حوادث في طنجة ومدن أخرى.. العنف المدرسي يصل إلى البرلمان    السعودية توافق على اتفاقيات تسليم المطلوبين ونقل المحكومين مع المغرب    بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.. نقل سيدة إيفوارية من الداخلة إلى مراكش عبر طائرة طبية بعد تدهور حالتها الصحية    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    المغرب يجذب مزيدا من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين الدوليين (صحيفة فرنسية)    وزراء الخارجية العرب يؤكدون على مركزية اتفاق الصخيرات كإطار عام للحل السياسي في ليبيا    الإتحاد الأوروبي يخاطر بإثارة غضب ترامب    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    الكتاب في يومه العالمي، بين عطر الورق وسرعة البكسل    "التقدم والاشتراكية" ينتقد خوف الأغلبية من لجنة للتقصي حول "دعم الماشية" ويستنكر وصف أخنوش المعارضة ب"الكذب"    عباس يطالب "حماس" بتسليم السلاح    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب إسطنبول    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    نادي مولودية وجدة يحفز اللاعبين    وفاة الإعلامي الفني صبحي عطري    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    القضاء يستمع إلى متزوجين في برنامج تلفزيوني أسترالي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    نقل نعش البابا فرنسيس إلى كاتدرائية القديس بطرس    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    خبراء يدعون إلى تعزيز الابتكار والحكامة لتقليص تأثيرات التغيرات المناخية    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق التمدرس وغياب المساواة في الحظوظ
نشر في أخبارنا يوم 25 - 01 - 2023

1-إن الحركة التاريخية لمجتمعنا المغربي خلال العقود الاخيرة تدلنا على ان التربية في مجتمعنا، اثبتت قدرة محدودة على بناء صرح الامة وصياغة مستقبلها وفق امالها، بل كانت لها تأثيرات جانبية سلبية احيانا، وليس معنى ذلك ان التربية في المستقبل القريب والبعيد لا يمكنها ان تضاعف قدرتها على البناء وصنع المستقبل اللاحق بالسرعة المرجوة وفي الاتجاه السليم، ولأجل رفع كفاية التعليم ينبغي معالجة اسباب الضعف في عناصره الرئيسية: سياسات واهداف ومناهج وادارة..
التربية اليوم اصبحت قضية مصيرية للامة و ذات اولوية اجتماعية قصوى لذا تحاول كل الدول والحكومات السيطرة على الحقل التربوي وتكييفه مع سياساتها الكبرى والتحكم في مخرجاته حتى لا يكون التعليم عبئا ماديا وسياسيا واجتماعيا على الدولة والمجتمع، ومن اولويات الاهداف التي تسطرها الدول في سياستها التعليمية: تعميم التعليم على اوسع نطاق جغرافي وديموغرافي وعلى كل الفئات والطبقات المجتمعية وبدون ميز او استثناء مما نجم عنه تعاظم العديد من المشكلات الاجتماعية والثقافية والتربوية بسبب الصراعات التي دارت من حوله بين القوى الاجتماعية التي تتناقض مصالحها المادية والرمزية بغية الامتيازات الثقافية والاجتماعية التي يمكن اكتسابها من التعليم. كما ان هذه السياسة التعميمية للتعليم افرزت– كذلك- ظهور تحولات جديدة مست النظام التعليمي، ذلك ان معظم الابحاث الميدانية اشارت الى قضايا شائكة على مستوى البحث والدراسة من قبيل ( المدرسة والتنشئة) ( التمدرس و اللامساواة في الحظوظ ) (المدرسة الميز التربوي).
في هذا الاطار يمكننا الاسترشاد بمؤلف الباحث محمد مكسي (سوسيولوجيا التعليم بالوسط القروي)ابرز فيه بعض المتغيرات المدرسية التي تكون السبب في اللامساواة والميز التربوي من قبيل : المحيط المدرسي-المستوى التعليمي – نوعية المدرسة – نمط الشعبة- دور المدرس والاباء– الطبقة الاجتماعية- لغة التلقين…واغنى هذا البحث بمقاربة سوسيولوجية خصوصا الاحالة الى (بيير بورديو) و(باسرون) حيث بين انه لفهم النظام التربوي لا يكفي ان ننظر اليه بالصورة التي يوجد عليها اليوم لان هذا النظام التربوي هو نتاج للتاريخ والتاريخ وحده قادر على تفسيره. ويعني هذا من وجهة نظر الباحث ان تفسير التحولات التي تطبع النظام التعليمي اعتمادا على التاريخ ترد الى ضرورتين، الاولى نظرية(ادراك التحولات البيداغوجية وربطها بالتحولات التي تخترق البنيات الاجتماعية..) والثانية، عملية حيث المدرس حسب وجهة نظر دوركهايم لا يمكن ان يلعب دوره كاملا في التنظيم المدرسي الذي هو عضو فيه الا اذا استطاع التعرف على اجزاء هذا التنظيم والعلاقات القائمة بينهما.
ومن النتائج التي استخلصها الباحث من خلال تحليلاته وجود لا تكافؤ الحظوظ في نظامنا التعليمي، وخصوصا في العالم القروي.
لقد طرح الباحث عدة تساؤلات من قبيل انه اذا كان الاقرار باللامساواة في التعليم مسالة واردة، فكيف يمكن تفسيره وقياسه؟ وما طرق القضاء عليه؟ وهل تتعلق اللامساواة وعدم تكافؤ الفرص بالتفاوتات الطبقية؟ وهل يعني هذا ان تحقيق المساواة في الحظوظ ازاء التعليم رهين بالقضاء على التفاوتات الاجتماعية في شتى ابعادها؟
هذه الاسئلة وغيرها حتمت على الباحث قراءة مجموعة من المنظورات والمقاربات المحافظة و الليبرالية، لكنه اكد على ان لا تكافؤ الحظوظ التعليمية تعد من اعقد المسائل التي تواجه النظام التربوي المغربي.
2- تكافؤ الفرص او الانصاف: مفهوم متعددالاستعمالات
(الانصاف وتكافؤ الفرص هو ضمان الحق في الولوج المعمم الى مؤسسات التربية والتعليم والتكوين عبر توفير مقعد بيداغوجي للجميع بنفس مواصفات الجودة والنجاعة دون اي شكل من اشكال التمييز) مشروع قانون الاطار رقم 17-51 الخاص بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي – الباب الاول – المادة 2 – هكذا يعرف المشرع التربوي مفهوم تكافؤ الفرص التعليمية، فهل المفهوم ثابت او متغير؟؟
مبدا تكافؤ الفرص التعليمية يلفه الكثير من الغموض وتتعدد الرؤى اليه، فالتفسير المحافظ حول هذا المفهوم ينظر الى الناس على انهم خلقوا بمواهب مختلفة ومتنوعة و كل فرد يستخدم مواهبه حسب ظروف محيطه، كما ان المؤسسات التعليمية تقوم على اختيار الموهوبين فقط لإعدادهم وتأهيلهم لخدمة المجتمع والدولة، اما التفسير الثاني فهو ليبيرالي وظهر مع تطور الاقتصاد الحر وتوسع الرأسمالية العالمية مما يتطلب استغلال كل الطاقات والمؤهلات البشرية لخدمة هذا الاقتصاد الجديد. ولذا جاء مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية دالا على ان كل فرد حين يولد الا ولديه مقدار من الكفاية والذكاء اللذين يمكن قياسهما بوسائل شتى مثل اختبارات الذكاء والتحصيل وغيرها، ويجب الاعتماد عليهما وحدهما في التقييم بدلا من الاعتماد على الطبقة الاجتماعية او الخلفية الاقتصادية كأساس للانتقاء داخل المؤسسات التعليمية،
والتفسير الثالث لمفهوم تكافؤ الفرص التعليمية يركز بشكل اكبر على الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، ويدعو الى المساواة في المسيرة التعليمية من بداية الولوج الى نهاية التخرج، ويشدد على ظروف سير العمل في المدرسة كما يركز على دور كل ذلك في ايجاد الصعوبات المدرسية لمختلف الطبقات الاجتماعية.
من اهم شروط ايجاد تكافؤ في الفرص التعليمية، توافر تكافؤ في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأفراد في المجتمع، ذلك ان تكافؤ الفرص التعليمية لا يعني مجرد فتح ابواب التعليم بالمجان لكل افراد المجتمع من دون الاعتبار لأحوال هؤلاء الافراد الاسرية المتباينة، وبصرف النظر عما هم عليه سلفا من فروق صارخة في المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وانما معناه انه في الوقت الذي تفتح فيه ابواب التعليم على مصراعيها بالمجان لكل الافراد سيصبح هؤلاء الافراد متكافئين ولو بمقدار في ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية وستصبح هذه الظروف بالحد الذي لا يسمح بضياع فرص التعليم على احد او تهديدها او التأثير فيها.
مبدا تكافؤ الفرص التعليمية استخدم من قبل الباحثين والدارسين من منظورات فلسفية واجتماعية وتربوية مختلفة، لكن بالنسبة لمنظمة اليونيسكو يعني غياب كل اشكال التمييز التربوي من قبيل ( التفرقة – الاستثناء – التفضيل الذي يجري على اساس الجنس او اللغة او الدين او المعتقدات السياسية – الاصل الاجتماعي – الوضع الاقتصادي…وينشا عنه الغاء المساواة في المعاملة في مجال التعليم او الاخلال بها ) تقرير عن التربية في العالم – اليونيسكو 1993
3- التفاوت وعدم تكافؤ الحظوظ ظاهرة عالمية
التفاوت وعدم التكافؤ في الفرص التعليمية هي من المظاهر المستشرية في منظوماتنا التعليمية، لان التعليم في وطننا يهادن الفقر بدلا من ان يتصدى لمحاربته بالمواجهة المباشرة والشاملة او تضييق الخناق عليه، كما ان نسبة كبيرة من الاطفال الذين ينتمون الى اسر فقيرة هي اصلا تعاني من انتشار الامية في صفوفها مما يزيد من ضعف ممتلكاتهم الرمزية، و يعيق تسلقهم ونجاحهم التعليمي والمهني.
غياب تكافؤ الفرص والتمييز التربوي لا يقتصر على بلدنا او وطننا العربي فقط، بل يكاد يكون ظاهرة عالمية، ففي فرنسا مثلا كانت نسبة الفرص المتاحة امام ابناء الطبقات العليا لدخول النظام التعليمي والنجاح فيه الى نسبة الفرص المتاحة امام ابناء العمال الزراعيين هي 8 الى 1. كما تفيد نفس الاحصاءات بان لأبناء الطبقة العليا فرصا تفوق 7 اضعاف فرص ابناء العمال الزراعيين، و5 اضعاف فرص ابناء العمال في الصناعات مما يسمح لأبناء الفئة الاولى من اختيار انواع الدراسة التي تؤدي الى الدراسات العليا المطلوبة والممتازة، في حين يتكدس ابناء الفئات الاجتماعية الدنيا في الصفوف التعليمية التي تؤدي الى التعليم والتكوين المهني القصير الامد.
وبينت هذه الدراسة ان 74%من ابناء العمال يتأخرون دراسيا في حين ان 86%من ابناء الفئات العليا ينهون دراستهم الابتدائية في الوقت المحدد او يتقدمون على هذا الوقت.
ان التجربة الفرنسية المثقلة باللاتكافؤ وبالتمييز التربوي تكاد تعكس تجارب بلدان البحر الابيض المتوسط الجنوبي.
4-عدم التكافؤ واللامساواة في الحظوظ من نتائج التمييز التربوي
التعليم هو وسيلة لنشر العدل والمساواة، واداة لزيادة تلاحم المجتمع وتماسك افراده، والية لتخفيف حدة التباين الطبقي وردم الهوة بين الفقراء والاغنياء، لكن الواقع كثيرا ما يكون مغايرا لذلك حيث صارت وظيفة النظام التربوي احيانا اعادة انتاج التمييز الاجتماعي والمحافظة على بنية المجتمع القائم واعادة انتاج علاقات النفوذ الطبقي فيه حتى اعتبر بعض التربويين ان اللامساواة في المجتمع هي احدى نتائج التمييز التربوي.
ان النظام التربوي في كثير من دول العالم يستبدل دوره التغييري والاصلاحي ويتحول الى عامل من عوامل تثبيت الظلم واللامساواة في المجتمع لأنه هو نفسه يفتقر الى الصلاح والعدالة والتكافؤ.
لقد بين التقرير الوطني المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط بتعاون مع صندوق الامم المتحدة للسكان(السكان والتنمية في المغرب – تقرير 2019) وجود الروابط بين الفقر والنمو، و بين تطور مرونة النمو– الفقر الارتفاع المتزايد لأهمية النمو في الحد من الفقر لكن على الرغم من ذلك(فان طبيعة النمو المقلصة للفقر لا يمكن ان تحجب الواقع القروي للفقر… حيث يضم الوسط القروي بوزن ديموغرافي يبلغ40% نسبة 79.4% من الفقراء و 64% من الفئات الهشة)- ص12 من التقرير اعلاه- وهو ما يهدد المكاسب التي حققها المغرب في مكافحة الفقر ويحد من تقليصه ويسهم الى جانب عوامل اخرى في استمرار عدم تكافؤ الفرص، كارتفاع معدل الارتقاء الاجتماعي بين الرجال اكثر منه بين النساء، وبين سكان المدن اكثر منه بين سكان القرى، لكن تظل الفوارق في التمدرس مصدرا هاما لعدم تكافؤ الفرص(فالعجز في مجال التعليم يمثل اكثر بقليل من نصف الفقر متعدد الابعاد ) ص12
والفقر متعدد الابعاد مثله مثل الفقر النقدي، لا يزال ظاهرة قروية بالأساس اذ تقطن نسبة 85.4% من السكان الذين هم في وضعية فقر متعدد الابعاد بالوسط القروي ويسبب في اختلال يصل الى 34% فيما يتعلق بتعليم الكبار، كما يساهم عدم تمدرس الاطفال بنسبة 21.3%في الفقر متعدد الابعاد، وعموما يفسر الخلل في مجال التعليم اكثر من نصف الفقر المتعدد الابعاد (55.3%).
يبقى الفرق في مستويات التعليم والتكوين مصدرا لانعدام التكافؤ في الفرص، فالتقدم بسنة في عدد سنوات الدراسة يحسن فرص الارتقاء الاجتماعي بنسبة 13.7%في المتوسط وفي مجال التعليم فان اي تلميذ يستفيد من التعليم الاولي يزيد احتمال تجنبه للهدر المدرسي بست مرات عن التلميذ الذي حرم منه.
5-تطور كمي وضعف كيفي وغياب تكافؤ الفرص
على الرغم من التطور الكمي الهام الذي عرفه قطاع التعليم، الا انه لا يزال هناك بعض العراقيل خاصة ما يتعلق بالهدر المدرسي الذي يمس بشكل خاص الفتيات بالوسط القروي، ويتزايد مستوى الهدر سنة بعد اخرى خصوصا بالتعليم الاعدادي والتأهيلي الذي وصل فيهما الى حدود 8% خلال الموسم الدراسي 2017.
وفيما يتعلق بالولوج العادل للتمدرس فانه تم تسجيل انخفاض تدريجي في معدل الامية التي استقر رقمها في 32.2%، لكن تبقى الساكنة النسوية اكثر تضررا من الامية (41.9% مقابل 22.1% للرجال) ويبقى الفارق اكثر وضوحا بالوسط القروي، حيث ان 60.1% من النساء اميات مقابل 34.9% من الرجال ) من نفس التقرير الوطني.
كما لا يزال تمدرس الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 4 و5 سنوات يمثل الاشكالية الكبرى في غياب تكافؤ الفرص والحظوظ، وانه رغم الجهود المبذولة خلال العقد الاخير لا يتلقى عدد كبير من الاطفال اي تعليم اولي ومعظمهم يتواجد بالوسط القروي وخاصة الفتيات.
ان محدودية انتشار هذا التعليم الاولي العمومي خلق اشكالا اخر وهو احتكار هذا التعليم الاولي من طرف القطاع الخاص وبجودة غير متساوية. لذا فالتعليم الاولي لا يمكن تعميمه دون تضافر جهود جميع الفاعلين التربويين والاجتماعيين والشركاء الوطنيين والدوليين ( الوزارات – الجماعات المحلية – المنظمات الحكومية و غير حكومية)
ان الخصاص في التعليم الاولي هو عامل قوي في تعميق تفاوتات الولوج والنجاح.
6- الرؤية الاستراتيجية ورؤيتها للمساواة وتكافؤ الفرص
من اهم الصعوبات التي تعتري المؤسسة التعليمية هو وجود كثافة تفاعلية بينها وبين المجتمع لان كلاهما من نسيج واحد. ولأجل تحقيق المساواة الاجتماعية والحد من مظاهر الفقر الاجتماعي وتحاشي ظهور انواع جديدة من الطبقيات ذات الطابع المعرفي، لابد ان تكون منظومتنا التربوية فعالة ومؤثرة اولا للقضاء على الهدر المدرسي الذي يغدي التفاوتات الاجتماعية للنجاح في التعليم، وثانيا ضرورة مراجعة البرامج وتنويع المقررات الدراسية والممارسات البيداغوجية ومناهج التدريس قصد الرفع من الفعالية والمردودية الداخلية المؤثرة على جودة التعليم والتعلم (فالتلاميذ الذين يتقنون القراءة والرياضيات والعلوم في سن 15سنة لا تتعدى 27% )
ولأجل القضاء على الميز التربوي، ووقف الاختلالات تم تكليف المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (CSEFRS) بمهمة وضع خارطة طريق لإصلاح المدرسة المغربية وتحسين ادائها فخرج مشروع الرؤية الاستراتيجية ليمتد على الفترة 2015-2030 مستندا على عدة ركائز تتمحور حول ثلاثة افكار رئيسية:
مدرسة المساواة وتكافؤ الفرص.
مدرسة الجودة للجميع.
مدرسة الارتقاء الفردي والمجتمعي.
هذه الرؤية الاستراتيجية ارتكزت في وثيقتها على العديد من الدعامات لتحقيق مدرسة المساواة وتكافؤ الفرص ومنها : تعميم التعليم الاولي الالزامي، وتكوين وتأهيل المدرسين، وولوج ذوي الاحتياجات الخاصة الى التعليم، والنهوض بالمدرسة القروية، والتحسين المستمر للمردودية الداخلية للمدرسة، وتعميم التعليم الشامل والتضامني لجميع الاطفال دون اي تمييز، وتقوية الجهود لضمان تعليم مستدام يمكن من محاربة الانقطاع والهدر المدرسي والتكرار.
ان هذه الوثيقة الاستراتيجية تسعى الى خلق فرص "المساواة" او" تكافؤ الفرص" بين الجميع في الولوج الى المنظومة التعليمة والنجاح فيها، مما يؤدي الى تكوين المجتمع بطريقة تسمح بوجود اقل درجة من التفاوت في صورة القوة والتميز.
فهل تتحقق النبوءة؟؟
ان التكافؤ يجب ان يكون اداة اصلاح نافعة لمعالجة الطريقة التي كان الناس يتبوؤون بها الوظائف في مجتمع التفاوت الطبقي، اما وفقا لنسبهم او طبقتهم او رصيدهم المادي.
ان التكافؤ هو الذي يفتح امام كل فرد فرص الدراسة والتطور والعمل و يسمح له بولوج كل المناصب والا يحرم منها، لان احتكار المعرفة لا الاحتكار الاقتصادي هو الذي يسبب زيادة التفاوت بين الطبقات.
ان تكافؤ الفرص هو ببساطة تكافؤ فرص للمنافسة في مجتمع غير متكافئ، لذا فالآباء والابناء يعلمون تماما ان الطريق الى القوة والسلطة والتمييز في مجتمعنا هو التعليم، وهم لا يألون جهدا في سبيل الحصول على اعلى درجاته وشهاداته كفرصة في النهوض والارتقاء في السلم الاجتماعي.
انه لتحقيق المساواة الاجتماعية، والحد من مظاهر التفاوت الطبقي، وتحقيق التماسك بين افراد المجتمع وجماعاته، وتنمية الشعور بالانتماء الوطني والاعتزاز بالهوية، لابد من الربط بين المساواة الاجتماعية وطبيعة العلاقة بين منظومة التربية ومنظومة المجتمع ككل مدفوعين بفكرة ان المجتمع عليه ان يكون تابعا لنمط تربية تقلص الفجوة بين قمة المجتمع وقاعدته وتؤسس لمدرسة المساواة وتكافؤ الفرص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.