أعود بكم لموضوع اللقاحات، الموضوع التي مرت على التداول فيه أكثر من سنتين، إثارته جعلتني أستحضر التفسيرات المستفزة التي كانت منتشرة عندنا. لا أعرف لماذا مجتمعاتنا العربية غارقة في نظرية المؤامرة حتى ذقنها، من سيستفيد من قتل البشر؟ من سيستفيد من تقليص عددهم؟ في العادة أنصار نظرية المؤامرة يوجهون التهمة للغرب المتقدم المتطور، الغرب المتحكم، ماذا سيستفيد هذا الغرب من قتل البشر المستهلكين؟ لا شيء. الغرب منتج ونحن مستهلكون. إذن، إذا قتلنا من سيستهلك فائضه من الإنتاج؟ ما يحزنني صراحة ليس هو سماع مثل هذه الآراء من العامة، ولكن أحيانا من النخب المثقفة في المجتمع. من المثقفين من ربط اللقاح بما بات يسمى "شريحة بيل غيتس" شريحة الدجال والخلاص، ومن التفسيرات التي سمعتها ورأيتها في هذا الباب -وليس من سمع كمن رأى- ، وأنا سمعت ورأيت أن جرعات اللقات هي عبارة عن أجزاء من هذه الشريح تحقن متفرقة لتجتمع بعد ذلك على مستوى الدماغ، وبالتالي في المستقبل سيتم التحكم في البشر انطلاقا من تلك الشفرة، إذ يمكن للمتحكمين في العالم معرفة تحركاتنا، وأفعالنا، بل ويمكنهم توجيه أفعالنا وتحركاتنا للوجهة التي يريدون. سمعت ورأيت هذا الكلام من مثقفين! أعتقد أن القهر الذي صرنا نعانيه في مجتمعاتنا، وخصوصا العربية غلف عقولنا وأغرقنا في خطاب المظلومية، لم يعد شك في أن اللقاحات ضرورية لحماية أنفسنا، ولا شك أيضا في أن لأي شيء يدخل أجسادنا آثار جانبية غير مرغوب فيها، وأحيانا مضاعفات، قد تصل عند حالات نادرة للوفاة، لسبب متعلق بصحة الملقح ما يستدعي التشخيص قبل تلقي اللقاح. في الغالب يوجهون التهمة للولايات المتحدة، لكن أثبت الواقع أنها أكبر متضرر من الفيروس، كيف يعقل لدولة أن تطلق فيروس دون أن توفر مصلا مضادا له قبل ذلك، قد نفترض أن الفيروس خرج من المختبر عن طريق الخطأ ومن دون قصد، لكن لا يمكنني شخصيا أن أتوقع أحمقا يطلق فيروسا بهذا الشكل ويكون هو ضحيته الأولى! حتى ولو كانت أهدافه اقتصادية كما يدعي البعض )إطلاق الفيروسات، ثم صناعة الأدوية وبيعها وبالتالي الربح) ولهذا فأنا أعزز فكرة أن اللقاح لن يقتلنا لا بعد سنتين ولا بعد مائة سنة!