عمر هلال يوجه رسالة لمجلس الأمن تدحض ادعاءات الجزائر بشأن الصحراء المغربية    إذاعة فرنسية: المغرب يؤكد ريادته الإفريقية مع تمديد الخط السككي فائق السرعة    اضطرابات على مستوى نظام تسجيل الرحلات الجوية بمطارات المملكة    فاطمة الزهراء المنصوري: عدد الطلبات الاستفادة من الدعم المباشر بلغ 128 ألف و528    عودة التيار الكهربائي في إسبانيا والبرتغال بعد انقطاع واسع شل مرافق الحياة    كندا.. الحزب الليبرالي يتجه نحو ولاية جديدة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية    انقطاع كهربائي واسع في إسبانيا والبرتغال يربك خدمات الإنترنت في المغرب    لبؤات القاعة يبلغن النهائي على حساب أنغولا ويتأهلن للمونديال    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات.. المنتخب المغربي يبلغ النهائي ويتأهل لكأس العالم    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    تصاعد العنف المدرسي يفرض تدابير استباقية داخل المؤسسات التعليمية    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    الصين تتوقع زيادة بنسبة 27 في المائة في السفر عبر الحدود خلال عطلة عيد العمال    عودة الكهرباء بنسبة 99 % في إسبانيا    التيار الكهربائي يعود إلى معظم مناطق إسبانيا    إمدادات الكهرباء تعود في البرتغال    حصاد وفير في مشروع تطوير الأرز الهجين بجيهانغا في بوروندي بدعم صيني    جسر جوي جديد بين تشنغدو ودبي.. دفعة قوية لحركة التجارة العالمية    البوليساريو تنهار… وتصنيفها حركة ارهابية هو لها رصاصة رحمة    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    مالي والنيجر وبوركينافاسو.. جلالة الملك يستقبل وزراء خارجية دول الساحل    الأمن يفكك شبكة إجرامية متخصصة في تأسيس شركات وهمية والتزوير    الملك يستقبل وزراء خارجية بلدان تحالف دول الساحل    اضطرابات في مطارات المملكة بسبب انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا    ببلوغ نهائي كأس إفريقيا للأمم .. "لبؤات الفوتسال" يتأهلن إلى المونديال    فاتح ذي القعدة غدا الثلاثاء بالمغرب    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    وزير العدل.. مراجعة الإطار القانوني للأسلحة البيضاء أخذ حيزا مهما ضمن مشروع مراجعة القانون الجنائي    برلمانات الجنوب العالمي تعوّل على منتدى الرباط لمناقشة "قضايا مصيرية"    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    الكهرباء تعود إلى مناطق بإسبانيا    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في غياب الرقابة.. هل ستتحول التظاهرات الفنية بالمغرب إلى "مهرجانات الحشيش" و"إفساد الذوق العام"؟
نشر في أخبارنا يوم 30 - 09 - 2022

في إطار مهرجان الاحتفاء بمدينة الرباط عاصمة للثقافة الإفريقية، عاشت العاصمة الإدارية المغربية أيام 22،23 و24 شتنبر 2022 على إيقاع الموسيقى مع مجموعة من الفنانين المغاربة والأفارقة. إذ سجلت السهرات المقامة بمناسبة هذا الحفل البهيج حضورا قياسيا، قدر بحوالي مائتي ألف شخص حجوا عن بكرة أبيهم إلى منصة السويسي، بهدف نفض غبار الملل والحزن عنهم والاستمتاع بلحظات من الغناء والطرب، اللذين افتقدوها في السنتين الماضيتين، جراء تفشي جائحة "كوفيد -19" وما خلفته من مآس موجعة.
بيد أن الذي يؤسف له حقا، هو أننا كثيرا ما نصطدم ببعض السلوكات التي تستفزنا وتنغص علينا تلك السويعات من الفرح والمتعة. إذ فضلا عما تخلل تلك السهرات التي نظمت تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، من ممارسات غير لائقة ولا أخلاقية لعدد من المغنين المدعوين لتنشيط هذه الحفلات وسط جمهور عريض من المتفرجين الذين تتشكل غالبيتهم من اليافعين والمراهقين، فإن ما زاد الطين بلة هو ما جاء في تصريح "الرابور" المغربي طه فحصي الملقب ب" الغراندي طوطو" من تشجيع الشباب في واضحة النهار على تعاطي المخدرات، حيث أنه أبى إلا أن يرد بالإيجاب على سؤال حول ذلك، خلال ندوة صحافية سبقت الحفل الذي أحياه يوم الجمعة 23 شتنبر 2022، معتبرا أن "تدخين الحشيش يعد من الأمور العادية مادام الوصول إلى منبعه ليس صعبا".
وليس هذا فقط ما أثار حفيظة واستياء نشطاء الفضاء الأزرق ومعهم بعض البرلمانيين الذين سارعوا إلى مساءلة الوزير الوصي حول دواعي إقحام تصرفات مشينة في حفل فني عمومي، رافضين بشدة مثل هذه التصريحات الرعناء والمشاهد الخليعة التي لا تراعي مشاعر المواطنين، وما يمكن أن يترتب عنها من عواقب وخيمة على حياة تلك الأعداد الغفيرة من المتفرجين، ولاسيما أن ذلك تم تحت أعين المسؤول الأول على القطاع محمد المهدي بنسعيد وعدد آخر من معاونيه وغيرهم، حيث تساءل الغاضبون حول كيفية انتقاء هؤلاء الفنانين المثيرين للجدل في إحياء هذه الحفلات وعن المعايير المعتمدة في ذلك، بينما الساحة الفنية تزخر بفنانين متميزين على المستويين الثقافي والأخلاقي ولهم شعبية واسعة؟
بل إن الأمر تعداه إلى ما هو أسوأ، من جهة أولى حين سمح لنفسه المدعو "الغراندي طوطو" بتجاوز حدود اللياقة واستعمال الكلام الساقط والفاحش في حق الجمهور العريض، متباهيا بكونه يعتمد على الارتجال دون أن يجشم نفسه عناء اختيار الكلمات التي يرددها، علما أن آلاف الأشخاص يتابعونه وقد يجعل منه بعض القاصرين نموذجا يحتذى. ومن جهة ثانية ما تم تداوله في صفحات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع من مقاطع فيديو تتضمن مشاهد مخلة بالحياء. والأفظع من ذلك هو ما أفصح عنه سيادة الوزير بنسعيد في صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، حيث كتب مفتخرا بتحطيم مهرجانات الرباط الرقم القياسي في أعداد الوافدين على فضاء السويسي، وحضور حفل الاختتام وحده أزيد من 200 ألف شخص، قدموا من مختلف أحياء الرباط ونواحيها للاستمتاع بتلك العروض الموسيقية الرائعة.
من هنا يتضح أن الوزير بنسعيد يجهل أن العبرة ليست في تلك الأعداد الغفيرة، وإنما فيما يقدم لها من عروض مبتذلة وتصرفات غير سوية، لا تعمل سوى على نشر الميوعة والدفع نحو التهتك والانحراف. ألا يعلم مغني الراي "طوطو" وغيره من "الفنانين" المنحرفين أن الجهر بتناول المخدرات أمام عشرات الآلاف من اليافعين والمراهقين، من شأنه أن يشجعهم على التعاطي لها، مما قد يخلف آثارا خطيرة على صحتهم وعلى سلامة المجتمع ككل، وأن القانون المغربي يجرم مروجيها والمتعاطين لها؟
فما غاب عن أذهان وزير الشباب والثقافة ومعه طوطو وأصحابه، هو أن الفن الحقيقي ليس بتلك الأعداد الكبيرة ولا بذلك الحجم من العبث والكلام النابي والمشاهد الخليعة، وإنما هو رسالة تثقيفية وتربوية وشكل من أشكال التعبير الإنساني السامي، وأنه إلى جانب كونه إحدى وسائل الفرجة الراقية والترفيه الرفيع، يلعب دورا هاما في تهذيب النفوس وتحقيق التوازن النفسي وتطوير سلوك الإنسان نحو الأفضل، وبث قيم التسامح ونبذ العنف بمختلف أشكاله. ويحتل الفن في الدول المتقدمة مكانة متميزة في حياة شعوبها، إذ تحرص على أن يحقق ما تم التخطيط له من أهداف نبيلة، تربوية أو أخلاقية أو أمنية وحتى السياسية منها. علاوة على أنه يشكل أداة إعلامية ترقى بذوق الجمهور وتساهم في ترسيخ الهوية الوطنية، وتسعى دوما إلى توفير الحلول المناسبة لأهم مشاكل المجتمع، ولاسيما ما يندرج في إطار التنشئة الاجتماعية، باعتباره المرآة التي تعكس ملامح المجتمع...
إننا إذ نشجب تصريحات المدعو "طوطو" ونطالب بمحاسبته على أقواله غير المسؤولة، نرفض بقوة أن تتحول مدينة الرباط من عاصمة للثقافة الإفريقية إلى قبلة للانحطاط والانحراف، وتصبح مهرجاناتها حاضنة لمفسدي الذوق العام ومرتعا للإسفاف والابتذال والسلوكات المستهجنة والمرفوضة من لدن جميع المغاربة. إذ لا يمكن بأي حال اعتبار تعاطي المخدرات والجهر بذلك أمام آلاف اليافعين والمراهقين حرية فردية تخص صاحبها دون غيره، لأن الحريات مقيدة باحترام الدين والأخلاق والحياء العام، ولاسيما أن ديننا الحنيف يدعو أصحاب المعاصي إلى الستر (وإذا بليتم فاستتروا)، وفي ذلك قال تعالى في سورة النساء الآية 48: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.